الشاب الراحل محمد مصلح الطراونة
النائب السابق مصلح الطراونة ينعى ابنه في ميلاده العشرين
- النائب السابق مصلح الطراونة يستذكر ابنه في يوم ميلاده العشرين
- محمد الطراونة توفى في حادث سير مروع في الأغوار الجنوبية
نعى النائب السابق الدكتور مصلح الطراونة ابنه محمد الذي توفي في حادث سير في الأغوار الجنوبية، منذ نحو 3 أسابيع، بعبارات مؤثرة، في يوم ميلاده العشرين.
وكتب الطراونة عبر صفحته على "فيسبوك" الأربعاء، منشورا عبر خلاله عن ألمه وحزنه، مستذكرا لحظات ولادته وسط كلمات متبعثرة في قسوة الحسرة.
وجاء في المنشور:
سلام لك أيها الطاهر في ثراك
الى محمد في يوم ميلاده العشرين إلى الغائب عن المكان وما قد غاب عن العيان ، سلام لك أيها الطاهر في ثراك ، سلام لابتسامتك التي ملأت المكان يوما حبا ومرحا ، سلام لقلبك المحمل بالطهر والطيب … ما كنت أظن يوما أني سأكتب لولد يغيب عن عيني و لن يعود ، ما كنت أظن أن الدهر سيمتحنني بهكذا امتحان … وما أصعيه من امتحان، العادة أن يكتب الأبناء لآبائهم الغائبين ، و لكني أكتب لفلذة كبد توارت عن نظري وما تورات عن شغاف قلبي ، أكتب لمن ترك المكان فارغا صامتا شحيحا بكل فرح …. أكتب من وراء جدار الفقد متواريا وراء غيابك المضني و طيفك صورتك قادما من الخارج تنادي بصوتك علي … (يا ابوي شلونك )
ألم وحسرة
قبل عقدين و نيف فرحنا كأي أب و أم رزق بابنه الأول ، رزق بسند من عثرات الكبر و حوادث الزمان، فرحت بك و فرحتي ملأت المكان حولي بقدومك البهي، وما ظننت أني سأنعاك بهذا العمر، … – ولكن اللهم لا اعتراض – توارت أحلامك فجأة و غاب صوتك دون سابق إنذار ، و أصبح المكان من بعدك يا بني يصرخ بصمت فقدك ، كبرت يوما بعد يوم ، و تابعت فيك كل تغيير ، منذ أن صرخت صراخك الأول حتى صرختُ عليك، بهدوء معاتبا طيبتك المفرطة في زمن قذر . نضجت أمام عيني باكرا، و رأيت فيك ما لا أراه بنفسي ، حلمت بك و حلمت لك ، بنيت عمري بك يا بني ، و ها أنا أجر قلم الخيبة مضمخا بحبر الغياب، كنت انتظرك تحمل المسؤولية عني علي اتنفس قليلا، وكنت تقول (ربنا يطول في عمرك يا ابوي )
جراح أب
يا بني … أي صبر سيضمد جراح غيابك؟ و أي جلد سأتجلده أمام الجميع على انكسار الحياة في عيني ؟؟ أي أحلام سأبنيها من بعدك و أنا الذي أقف بعد منتصف الطريق ؟ لم يزل ثراك نديا ومن الطبيعي أن يكون الجرح غائرا ولكن لا أظن أنه سيندمل بسهولة ، ولن يندمل، ولا أظن أن غيابك سيصبح مستساغا في يوم من الأيام و لكنه بالتأكيد سيكون رفيقا ثقيلا .
قبل أسابيع ، قدمت علي في المكتب ، دخلت و دخل معك البهاء ، تدخلت كعادتك و بحماسك الأولي ، و كأنك تنظر في قضيتك الأولى، مرتبكا بين ما يجب و ما لا يجب، و أنا أتابع فيك كل حركة قلقا عليك خائفا من نوائب الدهر ومن لايذات الزمان، و كأنني أنظر في وجعي ، ظننت أني سأفرح بمرافعتك الأولى أو ببحثك الأول كأي أب ، و ظننت أني سأقف يوما شامخا أمام فتاة أخطبها لك ، واناديها هلا فيكي عموه، ولكن بين ظني و بين قدر الله – ولا اعتراض على قدر الله – حدث ما لم يحتمل .
بني … أسأل الله أن يجعلك من أهل النعيم ، و أن يرزقك الجنة ، وأن يجبر كسر العمر و عثرته بغيابك …