عملة ورقية أردنية
بأوامر قضائية.. أكثر من مليار دينار سيعود للخزينة من أفواه الفاسدين
نشرت وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، اليوم الأحد، خبرا حول وجود أوامر قضائية لإعادة أكثر من مليار دينار للخزينة من "أفواه الفاسدين"، بعد أن اكتسبت أحكام قضائية سابقة الصفة القطعية بإعادتها.
وقالت الوكالة: "يدقق قضاة المحاكم المختصَة بالنَظر في جُنح وجنايات الفساد والاعتداء على المال العام، بكل ورقة تحتويها ملفات هذه القضايا، وعلى مدار ثلاثة أشهر فصلت القول وأصدرت أحكامها في عدد منها وقرَرت إعادة أكثر من مليار دينار من أفواه المدانين بالفساد بعد أن تكتسب هذه الاحكام الصفة القطعية.
ورصدت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" على مدار الأشهر الأخيرة أروقة المحاكم وسير العمل بقضايا الفساد، ووجدت آلاف البينات والمستندات بكل قضية وصلت في إحداها إلى 15 ألف ورقة، يلتزم القضاة بقراءة كلَ كلمة فيها ويزنُونها وصولا إلى النطق بالحُكم وفق القوانين والأنظمة الضابطة للمحاكمة العادلة بين الخصوم جميعا.
الهيئات القضائية وخلال 90 يوما ماضية قرَرت وفق أحكام قابلة للطَعن أمام محاكم الاستئناف ومراقبة محكمة التَمييز، إدانة أشخاص بينهم موظفون رسميون بالاختلاس واستثمار الوظيفة والإخلال بالوظيفة العامة، وقرَرت حبسهم لأكثر من عقدين وألزمتهم بإعادة ما نتج عن فسادهم من خسائر بالخزينة العامة والمواطنين ووصلت بعض هذه الأموال لأكثر من مليار دينار في قضية واحدة.
وتتبعت (بترا) بين الأول من شهر كانون الثَاني و 31 آذار الماضي سير محاكمات جزائية بـ 54 قضية حملت شُبهات فساد واتهم بها نحو 301 شخص انتهى بعضها بإدانة عدد من الأشخاص وبراءة عدد آخر وعدم مسؤولية آخرين، بعد أن ثبت للمحكمة ارتكابهم أفعالا مخالفة للقانون واكتملت فيها أركان الجريمة. وتبين لـ (بترا) أنَ قاضيا واحدا أمضى 35 ساعة بالاستماع لشاهد واحد في قضية فساد واحدة، وهو مؤشر على حجم العمل الذي تؤديه الهيئات القضائية للوصول إلى الحقيقة والعدالة والفصل بين الخصوم، وتمَ توجيه الأسئلة لهذا الشَاهد من قبل النيابة العامة ووكلاء الدفاع، واستمرَت الهيئات القضائية بالاستماع للشهود حتى الحصول على المعلومات كافة والتي تخدم الحقيقة والعدالة.
كما تابعت (بترا) مراحل التقاضي في قضايا الفساد وغيرها وصدور الأحكام والتي كانت على درجتين وهذا يعني أنَ الاحكام والقرارات الصَادرة عن محاكم الدَرجة الأولى، (صلح وبداية) يتم استئنافها الى محاكم الدرجة الثانية (الاستئناف)، والقضايا التي يكون الحد الأعلى للعقوبة للجنح المسندة فيها لا يزيد على ثلاث سنوات حبس هي من اختصاص محاكم الصُلح على الاغلب ما لم ينص القانون على إعطاء الاختصاص فيها لمحكمة أخرى ولها هيئتان متخصصتان بقضايا الفساد وتتألف كل منهما من قاض منفرد.
وتبين لـ (بترا) أنَ الجرائم التي يزيد الحد الأقصى للعقوبة فيها على ثلاث سنوات فهي جنايات من اختصاص محاكم البداية وهناك ثلاث هيئات قضائية تنظر في قضايا الفساد وتتشكل كل هيئة من قاضيين، ومحاكم الاستئناف وهي محاكم الدَرجة الثَانية والتي يحق للمُدانين والنيابة العامة من استئناف الحكم الصَادر من محاكم الصُلح والبداية لديهم، ثم ينتقل القرار في الجنايات لمحكمة التمييز لمراقبة صحة تطبيق القانون وفي حال تأييد قرار محكمة الاستئناف يكتسب الدرجة القطعية.
أما في الجنح فالأصل ان قرار محكمة الاستئناف هو قطعي لا يقبل التمييز، إلا أنَ هناك بعض الحالات الاستثنائية التي تجيز لوزير العدل او رئيس النيابات العامة طلب عرض الدعوى على محكمة التمييز اذا كان هناك نقطة قانونية مستحدثة ولها اهمية، وبعد اكتساب الحكم الدرجة القطعية سواء في الجنح او الجنايات ينتقل الى المدعي العام المختص لتنفيذ الحكم القضائي. تجدر الاشارة الى ان هناك قسما خاصا لدى مكتب النائب العام في عمان متخصصا بتنفيذ قضايا الفساد لإعطاء اجراءات التنفيذ السرعة والمرونة في التنفيذ .
وتتبعت (بترا) سير انتقال ملفات قضايا الفساد في أروقة المحاكم والتي تبدأ من عملية التَحقيقات التي تجريها النيابة العامة وإسناد التُهم للمتهمين والأظنَاء علما ان هناك مدعين عامين متفرغين للتحقيق في قضايا الفساد، ثم تدخل الى قلم المحاكم ويتم تصنيفها الى جُنح وجنايات ثم ينتقل الملف إلى الهيئة القضائية المختصَة والتي تحدَد موعد الجلسة الأولى والتي يتم فيها تلاوة لائحة الاتهام وسؤال المتَهمين عن الجُرم المُسند إليهم.
ورافقت (بترا) ملف قضية فساد بإحدى المؤسَسات الحكومية الرَسمية واتهم بها 21 شخصا، وتتكون من 33 ملفا، وقد بدأت الهيئة القضائية الثَانية النَظر بها، حيث انَ المحكمة ستكون الفيصل بين اتهام النيابة العامة لهؤلاء الأشخاص ودفاع وكلاء الدفاع عن المتَهمين، وتستمع المحكمة إلى الشهود الذين ستستند إليهم النيابة العامة والشهود الذين سيستند إليهم وكلاء الدفاع.
وتلجأ المحكمة في بعض القضايا إلى طلب خبراء في القضايا التي تتطلب رأيا فنيا لأخذ رأيهم وهم على الاغلب معتمدون وفق جدول الخبراء لدى وزارة العدل، وهم الأشخاص المتخصصون في مجالات محددة تدخل في صُلب قضية الفساد، ومن أمثلتهم، الأطباء الشرعيون، والمهندسون والأطباء وخبراء الملكية الفكرية والماركات التجارية وغيرها.
ويمضي 21 قاضيا متخصصا بقضايا الفساد أيَاما يدققون في ملفات القضايا التي وصلت عدد أوراق أحدها الى 15 ألف ورقة، وتوصلت المحكمة بعد عامين من النظر فيها إلى إدانة المتَهم الرَئيس في القضية بالسَجن لمدة 22 سنة ونصف وإلزامه بإعادة مليار و158 مليون دينار لخزينة الدَولة وسجن آخر لمدة 22 سنة ونصف، وقضية اختلاس أعلاف سيعيد المُدانون بها مليونا ونصف مليون دينار.
أرقام دراسة الجريمة والعَوْد الجرمي واستراتيجيات المواجهة في المجتمع الأردني والصَادرة عن وزارة العدل عام 2018 أشارت إلى أنَ عدد الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة والرشوة والاختلاس والاستثمار الوظيفي بين عامي 2013 – 2017 بلغت 297 جريمة، والرشوة للقيام بعمل حق وعقوبة الراشي 28 جريمة، والرشوة للقيام بعمل حق موظف وشخص ومحام 59 جريمة، والرشوة للقيام بعمل غير حق وعقوبة الراشي 41 جريمة، وعرض رشوة لم تلاق قبولا 536 جريمة.
وبينت الدراسة أنه وخلال 4 سنوات ورد للمحاكم 681 دعوى إساءة استعمال الوظيفة توزعت على 40 دعوى استثمار وظيفي بالغش، و23 دعوى اساءة استعمال للسلطة من غير موظف عام، و116 دعوى اساءة استعمال للسلطة من قبل موظف عام، و162 دعوى استثمار وظيفة للحصول على منفعة شخصية، و154 دعوى اختلاس من موظف وبنك ومؤسسة اقراض وشركة مساهمة عامة، و115 جريمة إساءة استعمال للسلطة والإخلال بواجبات الوظيفة.
وأشارت الدراسة إلى أنَ معدل الفصل بالتهم المخلة باساءة استعمال السلطة واستثمار الوظيفة والتدخل والشروع بلغ 399 يوما، من بينها قضايا استثمار الوظيفة بالغش حيث بلغ معدل التقاضي 409 يوم، واساءة استعمال السلطة من قبل موظف عام 353 يوما، واستثمار الوظيفة للحصول على منفعة شخصية 353 يوما.
وأكدت الأرقام الرَسمية التي تضمنتها الدراسة أنَ مجموع التهم في قضايا التزوير بأشكاله كافة في الوثائق الرَسمية والمصدقات والشهادات والتحريض والتدخل في التزوير بلغ خلال اربع سنوات 9 آلاف و190 دعوى من بينها ألف و378 دعوى استعمال مستند رسمي مزور مع العلم، وألف و765 دعوى اعداد وتزوير مصدقة كاذبة من شخص غير موظف.
ويشير تقرير المحاكم النظامية الصَادر عن المجلس القضائي للعام 2020، إلى أنَ عدد الدَعاوى التي وردت إليها بلغت 332 ألفا و122 دعوى، تمَ الفصل بـ 317 ألفا و83 منها، وانتقل 94 ألفا و838 منها إلى العام 2021 لتصل نسبة الفصل في القضايا إلى 5ر95 بالمئة من مجموع ما ورد إليها من دعاوى.
وحسب التقرير فقد انخفض عبء القاضي السنوي ليبلغ 524 دعوى، بفارق 155 دعوى عن العام 2019، وذلك بسبب تحسين جودة إجراءات التَقاضي وضمانات المحاكمة العادلة وتقليص الدعاوى المدورة من الأعوام السَابقة والالتزام بمدد قانونية محددة في القضايا كافة، وكان للإجراءات التي اتخذها المجلس القضائي في تفريغ مدعين عامين للنظر في قضايا الفساد وتخصيص هيئات قضائية متخصصة سواء في القضايا الصلحية او الجنجوية او الجنائية اثر بالغ في سرعة الفصل في قضايا الفساد وجودة الاجراءات والاحكام القضائية الصادرة فيها ، ايضا فان انشاء قسم خاص في مكتب النائب العام في عمان لتنفيذ قضايا الفساد وقضايا الجرائم الاقتصادية من شأنه سرعة تنفيذ تلك الاحكام.
ويبلغ معدل مدَة التَقاضي لدى المحاكم الابتدائية في الدَعاوى الخاضعة لتبادل اللوائح 196 يوما في 703 دعاوى سجلت وفصلت خلال العام 2020، وبلغ معدل مدة الإجراءات المتبعة لدى دوائر إدارة الدَعوى من تاريخ قيدها وحتى انتهائها لدى قاضي إدارة الدعوى 131 يوما".