بلدة إسرائيلية تستقبل اليهود الأوكرانيين الفارين من الحرب

فلسطين
نشر: 2022-03-08 14:10 آخر تحديث: 2022-03-08 14:10
الأوكرانيان حاييم وأورا غيرشمان اللذان وصلا الى الى مدينة نوفهجليل في الخامس من آذار/مارس 2022
الأوكرانيان حاييم وأورا غيرشمان اللذان وصلا الى الى مدينة نوفهجليل في الخامس من آذار/مارس 2022

وصل حاييم غيرشمان إلى نوف هجليل في شمال فلسطين المحتلة الخميس مع زوجته أورا وأطفالهما الأربعة لينضموا إلى آلاف اللاجئين اليهود الأوكرانيين الهاربين من الحرب، وبإمكانهم الاستفادة من "قانون العودة" الذي يسمح لكل اليهود الراغبين بالانتقال الى الدولة العبرية، بالقيام بذلك.


اقرأ أيضاً : أوكرانيا.. ممرات إنسانية في أربع مدن


ويقول غيرشمان (36 عاما) الذي قاد سيارته وأسرته لمدة 17 ساعة متواصلة قبل الوصول الى الحدود المولدافية، إنه لم يكن لديه سوى ساعة لحزم أمتعته قبل أن تبدأ رحلة الهروب، مضيفا "في البداية لم نصدق أن شيئا كهذا سيحدث، اعتقدنا أنه كذب".

واختار غيرشمان اللجوء الى نوف هجليل، بعد أن رأى منشورا لرئيس بلديتها رونين بلوت يدعو فيه المهاجرين الأوكرانيين اليهود للمجيء إلى بلدته، وحضّ سكان البلدة على مشاركة الدعوة وتعميمها عبر حساباتهم.

وكتب بلوت "إذا وصلت موجة كبيرة من المهاجرين، نحن مستعدون لنكون جزءا من الجهود الإسرائيلية" لاستقبالها.

ووفقا لـ "قانون العودة"، كل شخص يوجد في عائلته شخص واحد يهودي على الأقل مخوّل بالحصول على الجنسية الإسرائيلية.

في موقف السيارات في مبنى البلدية، يتلقى بلوت اتصالات هاتفية بينما يعكف متطوعون على تفريغ حمولة من البطانيات والملابس التي تمّ التبرع بها للفارين من الحرب في أوكرانيا.

ويقول بلوت (67 عاما) الذي وصل من جهته إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة من مولدوفيا بعمر 18 عاما، "تم بناء نوف هجليل لاستقبال المهاجرين"، مضيفا "سنستوعب أكبر عدد ممكن".

ويتابع رئيس البلدية أن أكثر من نصف سكان البلدة البالغ تعدادهم 50 ألفا، يتحدثون اللغة الروسية. 

وتبيع متاجر في البلدة سلعا اعتاد عليها السكان المتحدرون من الاتحاد السوفياتي سابقا، مثل السمك المملح والمياه الغازية الجورجية، حتى أن لافتات الشوارع مخطوطة بكتابة روسية أو مفهومة من دول عدة في منطقة أوراسيا. 


اقرأ أيضاً : روسيا تعلن وقفا لإطلاق النار في مناطق بأوكرانيا الثلاثاء


ويقول بلوت إن الفنادق في البلدة ستوفّر 600 غرفة، كما يوجد هناك 300 شقة فارغة، لإيواء الأوكرانيين "المنهكين".

ويضيف "تحمّلوا الكثير من الشقاء، إنهم جائعون ومتعبون وهذا مروّع". 


"تركنا كل شيء" 

فرّ غيرشمان وعائلته من بلدة أناتيفكا التابعة لمدينة كييف، ولحقت به والدته نيلغا (60 عاما) الجمعة. 

في رحلة هروبه، لم يتوقف غيرشمان الذي رافقته حراسة شرطية حتى حدود مولدوفيا، سوى عشر دقائق وسط الانفجارات. 

وتقول زوجته أورا (35 عاما)  "تركنا كل شيء، حياتنا كلها". 

عندما وصلت العائلة إلى الأراضي المحتلة، نزلت في فندق شغلت فيه غرفتين متجاورتين. وفي انتظار أن يجد الزوجان مكان إقامة دائم ويرتبا الأوراق القانونية، بدأ أولادهما بالذهاب إلى المدرسة.

دبلوماسيا، ينتهج الاحتلال بعض التحفظ إزاء الحرب في أوكرانيا، بسبب علاقاتها الجيدة مع كييف وموسكو، وفي محاولة للحفاظ على التعاون الأمني الدقيق مع روسيا المتواجدة عسكريا في سوريا المجاورة.

وزار رئيس الوزراء نفتالي بينيت في نهاية الأسبوع موسكو حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين، ثم برلين حيث اجتمع مع المستشار الألماني أولاف شولتس، كما هاتف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ثلاث مرات خلال 24 ساعة، للقيام "بوساطة" في النزاع.

لكن هذا لا يروق لغيرشمان الذي يقول "لا أفهم كيف يمكن للمرء أن يبقى على الحياد عندما يكون واضحا من هو المعتدي". 

ويضيف "يقول بوتين إنهم سيهاجمون أهدافا عسكرية فقط لكنهم حاليا يقصفون دون هوادة".

ووصل نحو 300 أوكراني إلى الأراضي المحتلة مساء الأحد. وبحسب رئيس بلدية نوف هجليل، سيتوجّه 80 في المئة منهم إلى بلدته.

وبحسب السلطات، من المتوقع وصول حوالى 100 ألف يهودي من كل من أوكرانيا وروسيا. وتذكّر هذه الأعداد بتدفّق المهاجرين بأعداد كبيرة عند انهيار الاتحاد السوفياتي.

وقالت وزيرة الداخلية إيلييت شاكيد إن الدولة العبرية استقبلت أكثر من ألفي لاجئ أوكراني منذ بداية الأزمة، متوقعة أن يرتفع عدد اللاجئين الأوكرانيين إلى 15 ألفا بحلول نهاية آذار/مارس. 

واعتبرت شاكيد من حزب "يمينا" القومي الذي الذي يتزعمه بينيت أن الاحتلال "بوليصة تأمين للشعب اليهودي". 

ويشترط الاحتلال على اللاجئين الذين ليس لديهم حق في "العودة" والذين لا يملكون دعوة رسمية من أصدقاء أو أقارب إسرائيليين بدفع وديعة مالية بقيمة 10 آلاف شيكل (3 آلاف دولار) للدخول، وهو مبلغ يستردونه حين المغادرة. 

وانتقد وزير شؤون الشتات نحمان شاي هذا الإجراء. وكتب على تويتر "مثل هكذا طلب في الوقت الحالي غير إنساني وغير أخلاقي ويمنع اللاجئين الفارين من الحرب وليست لديهم أسرة في إسرائيل من البحث عن ملجأ هنا". 

لكن السفير الأوكراني لدى الاحتلال يفجن كورنيتشوك قال لصحافيين الإثنين إنه تم التوصل إلى اتفاق بهذا الخصوص وشكر وزيرة الداخلية دون تقديم تفاصيل. 

جيران عرب

وتأسست البلدة الإسرائيلية في خمسينات القرن الماضي على أرض تم اقتطاعها من مدينة الناصرة المجاورة ذات الغالبية العربية. كان ذلك بموجب خطة وضعها رئيس الوزراء الاحتلال آنذاك ديفيد بن غوريون لـ "تهويد الجليل" وزيادة نسبة اليهود في المنطقة ذات الغالبية العربية. 

وتبلغ نسبة العرب في الاحتلال 20  في المئة، وهم أحفاد الفلسطينيين الذين بقوا في أراضيهم بعد قيام الاحتلال في العام 1948. 

مع مرور السنوات، انتقل مواطنون عرب للعيش في نوف هجليل، ويشكلون اليوم نحو ربع سكانها. 

ومن بين هؤلاء سعيد دياب (39 عاما) الذي يعمل مديرا لصالة طعام في الفندق حيث تمكث عائلة غيرشمان. 

ويقول دياب إنه تبرّع بملابس للمهاجرين الجدد. 

ويستذكر دياب أنه كان "في إجازة في كييف قبل تفشي فيروس كورونا"، مضيفا "إنها مدينة جميلة وناسها طيبون... أنا آسف لما يحدث لهم".

أخبار ذات صلة

newsletter