تعنيف النساء - تعبيرية
تضامن: ١٦ أنثى ضحايا جرائم قتل أسرية منذ بداية العام الحالي في الأردن
أعلنت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، ترحيبها بالتوجه على المستوى الحكومي التنسيق لإنشاء مرصد وطني لجرائم العنف ضد النساء والفتيات في الأردن، والذي أعلن عنه مدير إدارة حماية الأسرة والأحداث العقيد فراس الرشيد.
وتشير "تضامن" في بيان وصل إلى "رؤيا"، إلى أن ذلك يعد استجابة لمطالبها منذ أكثر من خمس سنوات، حيث كانت قد دعت سابقا إلى إنشاء مرصد وطني لحالات قتل النساء والفتيات تشترك فيه مؤسسات المجتمع المدني مع الجهات القضائية ممثلة بوزارة العدل والجهات الحكومية الأخرى كوزارة التنمية الاجتماعية ومديرية الأمن العام والطب الشرعي ودائرة قاضي القضاة ودائرة الإحصاءات العامة وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة.
ويهدف الرصد الذي دعت له "تضامن" إلى وضع الاستراتيجيات الدقيقة والفعالة لمنع و/أو الحد من هذه الجرائم، وذلك من خلال جمع البيانات المتعلقة بتلك الجرائم ومرتكبيها وأسبابها ودوافعها وعلاقة الجناة بالمجني عليهن وجنسياتهم، ومناطق وأماكن ارتكابها، والأحكام القضائية الصادرة بحق الجناة وتتبع حالاتهم بمراكز الإصلاح والتأهيل، والكشف عن الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات والتي يتم إخفائها بذرائع مختلفة كالانتحار.
وسيسهم المرصد في إصدار بيانات تفصيلية تجعل من التدابير والإجراءات المتخذة تصب في الاتجاه الصحيح، ويقدم التوصيات لمختلف الجهات ذات العلاقة والتي من شأنها منع و/أو الحد من الجرائم.
ومنذ بداية عام 2021 وحتى تاريخ اليوم، شهد الأردن وقوع 15 جريمة قتل أسرية ذهب ضحيتها 16 أنثى وفقاً لرصد "تضامن" لوسائل الإعلام المختلفة.
كما أظهر التقرير الإحصائي الجنائي لعام 2020 والصادر عن إدارة المعلومات الجنائية وقوع 90 جريمة قتل عمد وقصد إلى جانب 9 جرائم ضرب مفضي إلى الموت، وأن عدد الجناة في جرائم القتل العمد والقصد بلغ 201 شخصاً من بينهم 7 نساء شكلن ما نسبته 3.5% من مجموع الجناة، فيما بلغ عدد المجني عليهم في هذه الجرائم 99 شخصاً من بينهم 22 امرأة بنسبة 22.2% من مجموع المجني عليهم. وهي شكاوى جرائم قد تتغير أوصافها القانونية عند إحالتها إلى القضاء.
وتقترح "تضامن" 10 إجراءات من أجل الحد و/أو إنهاء جرائم القتل ضد النساء والفتيات خاصة جرائم القتل الأسرية، وهي:
1- عدم الاستهانة بالعنف البسيط ضد النساء والفتيات فقد يؤدي الى جرائم قتل لهن
ترتكب جرائم قتل النساء والفتيات "لكونهن نساء” وهو يختلف تماماً عن جرائم القتل التي ترتكب ضد الأشخاص سواء أكانوا ذكوراً أم إناثاُ. وتشكل جرائم قتل النساء والفتيات أخطر وآخر حلقة من سلسلة حلقات العنف المتواصلة ضدهن، وهذه الجرائم نتيجة حتمية لتبعات وآثار مختلف أشكال العنف الممارس ضدهن، البسيطة والمتوسطة والشديدة. ويجب عدم الاستهانة أبداً مع أي عنف يمارس ضدهن والتصدي له من النساء والفتيات انفسهن ومن الجهات الرسمية وغير الرسمية ذات العلاقة.
2- عدم قبول التعهد من الأسرة في حال وجود خطورة ولو متدنية على حياة النساء والفتيات
إن عودة النساء والفتيات الى أسرهن بعد توقيع تعهد بعدم التعرض لهن وتعنيفهن من أي فرد من الأسرة أو أكثر، لن يجدي نفعاً حتى ولو كان مستوى الخطورة على حياتهن متدني جداً. وقد أثبتت التجارب السابقة بأن لا فائدة من هذا التعهد ما دامت النساء والفتيات تحت الخطر والعديد منهن فقدن حياتهن تبعاً لذلك، وقد شهدنا في السنوات السابقة مقتل فتاة على يد والدها مباشرة فور توقيعه على التعهد أمام الجهات المختصة. ويجب على الجهات ذات العلاقة عدم قبول التعهد من الأسرة في حال وجود خطورة ولو متدنية على حياة النساء والفتيات.
3- تقديم المزيد من خدمات الإرشاد للناجيات من العنف خاصة الخدمات الإلكترونية
على الرغم من وجود خدمات قانونية واجتماعية ونفسية وصحية للنساء والفتيات المحتمل تعرضهن للعنف أو الناجيات منه في العديد من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية، إلا أن هذه الخدمات لا زالت غير كافية لتأمين الحماية الضرورية والفعالة لهن وعلى وجه الخصوص الخدمات الإلكترونية. ويزداد الأمر سوءاً مع الأعداد الكبيرة من اللاجئين في الأردن، والحاجة الملحة لوجود مثل هذه الخدمات للاجئات اللاتي يتعرضن لأنواع مختلفة من العنف بالإضافة الى ما تعرضن له أصلاً من صدمات نفسية ومشاكل جسدية وصحية بسبب النزاعات والحروب. إن التركيز والتوسع في تقديم هذه الخدمات للنساء والفتيات سيكون بمثابة الإجراء الوقائي الحاسم في منع إرتكاب جرائم قتل بحقهن.
4- التوسع في إنشاء دور إيواء النساء والفتيات المعرضات للخطر
الطاقة الاستيعابية لدور إيواء النساء والفتيات المعرضات للخطر غير كافية ولا تشمل جميع محافظات المملكة، وهنالك حاجة ملحة الى إنشاء المزيد من هذه الدور وتسهيل إجراءات التحاق النساء وأطفالهن والفتيات بها، وتقديم برامج تأهيلية وعلاجية بما فيها النفسية لضمان إعادة إدماجهن في مجتمعاتهن.
5- إنهاء توقيف النساء والفتيات إدارياً
لا بد من الإنهاء الفوري لتوقيف النساء والفتيات إدارياً وإخلاء سبيل جميع الموقوفات إدارياً مع تأمين وسائل حماية لهن، وإصدار توجهيات وتعليمات تفيد بأن المادة 3 من قانون منع الجرائم لا تسمح بتوقيف النساء والفتيات أو أي أشخاص آخرين لأسباب تتعلق بحمايتهم. والعمل على إنشاء نظام قانوني وإجراءات وقاية وحماية ذات كفاءة وفعالية للحماية من العنف ضد النساء والفتيات.
6- رفد المراكز الأمنية بالشرطة النسائية وبأعداد كافية وبناء قدراتهن في مجال العنف ضد النساء والفتيات
إن القضاء على ثقافة الصمت لدى النساء والفتيات المعنفات المتمثل في عدم إبلاغ الجهات الرسمية عند تعرضهن لأي شكل من أشكال العنف، يرتبط مباشرة بإمكانية تغيير الثقافة المجتمعية السائدة والتي تدين ضمنياً الضحية، وتستهتر مراجعة النساء للمراكز الأمنية لوحدهن تحت أي سبب كان. وكخطوة أولى يمكن توفير شرطة نسائية في المراكز الأمنية وبناء قدراتهن لإستقبال هذه الحالات وتشخصيها وتوصيفها بالصورة الصحيحة مما يفسح المجال أمام المعنفات من التحدث بحرية ووضوح ودون حياء.
7- جمع وتحليل ونشر المعلومات والإحصاءات الوطنية حول العنف ضد النساء والفتيات
إحصائيات العنف ضد النساء والفتيات في الأردن هي إحصائيات ناقصة ولا تعطي أرقاماً وبيانات ومؤشرات دقيقة وشاملة لمدى إنتشار العنف ضد النساء والفتيات. فالإحصائيات الوحيدة المتوفرة هي تلك التي يشملها مسح السكان والصحة الأسرية حول العنف الأسري، والأرقام السنوية التي تصدرها وزارة التنمية الاجتماعية وإدارة حماية الأسرة حول قضايا وحالات العنف الأسري، والإحصائيات التي تصدرها إدارة المعلومات الجنائية حول شكاوى الجرائم الجنسية كالإغتصاب وهتك العرض، الى جانب جرائم القتل. فكيف يمكن لنا اتخاذ التدابير والإجراءات ووضع السياسات وسن التشريعات وتنفيذ المشاريع والبرامج والنشاطات في الوقت الذي لا نملك فيه المعلومات الكاملة والصحيحة حول العنف وأماكن إنتشاره والفئات الأكثر تعرضاً له؟
8- إلغاء أي أثر لإسقاط الحق الشخصي في جرائم القتل الأسرية ضد النساء والفتيات والأطفال
جرائم القتل الأسرية ستستمر لا بل قد تزداد وتيرتها، ما دامت تشريعاتنا تتضمن أعذاراً مخففة لمرتكبي الجرائم بذريعة “الشرف”، وما دام القانون يجيز ضرب الأطفال تأديباً، وما دام التنمر والعنف يزدادان إنتشاراً وتوسعاً، وما دامت اجراءاتنا وتدابيرنا مكبلة بتقديم شكاوى من عدمها، وما دامت العقوبة رهن التخفيف في حال إسقاط الحق الشخصي اختياراً أو إكراهاً. لهذا لا بد من إلغاء أي أثر لإسقاط الحق الشخصي في جرائم القتل الأسرية ضد النساء والفتيات والأطفال.
9- زيادة خيارات وفرص النساء والفتيات للنجاة من العنف الأسري
كونها محدودة الأفق والنطاق، لا تملك النساء والفتيات من الخيارات ولا تتاح أمامهن الفرص للنجاة من العنف الأسري ما لم يتخلصن من ثقافة الصمت، وما لم تتحمل الجهات المعنية مسؤولياتها الكاملة في الوقاية والحماية والعلاج والتأهيل، وعلى كافة المستويات التشريعية والإجرائية والإيوائية، وعلى مستوى السياسات في المجالين الخاص والعام. لا بد من العمل على الحد من التغاضي والتسامح مع مرتكبي العنف سواء على المستوى التشريعي أو على المستوى المجتمعي، وتمكين النساء والفتيات في مختلف المجالات.
10- ضمان عدم إفلات مرتكبي العنف ضد النساء والفتيات من العقاب
أي تهاون مع جرائم العنف ضد النساء والفتيات يجعلها قابلة للتكرار من الشخص ذاته أو من غيره، مطمئناً الى أنه قادر على الإفلات من العقاب، وهو وضع لا يحقق هدف التشريع الجنائي في الردع الملائم العام والخاص، وبالتالي لن تتحقق العدالة والمصلحة المتمثلة في الوقاية من الجرائم والحد من وقوعها، كما لن يتحقق هدف حماية وإنصاف الضحايا والناجيات وتأهيلهن. فلا بد من ضمان عدم إفلات مرتكبي العنف ضد النساء والفتيات من العقاب.