مرحبا بك في موقع رؤيا الإخباري لتطلع على آخر الأحداث والمستجدات في الأردن والعالم

"عطوان": مشروع كيري اخطر مـــــــن الوطـــــن البديــــــل

"عطوان": مشروع كيري اخطر مـــــــن الوطـــــن البديــــــل

نشر :  
منذ 10 سنوات|
اخر تحديث :  
منذ 10 سنوات|

في مطلع عام 2003 حظيت بلقاء الملك عبد الله الثاني وكان عائدا لتوه من زيارة "عاصفة" لواشنطن، التقى خلالها الرئيس الامريكي جورج بوش الابن واركان ادارته في حينها مثل ديك تشيني نائب الرئيس، كولن باول وزير الخارجية، حيث كانت الاستعــــدادات الامريكيــــة لغزو العراق في ذروتها.
لا استطيع ان اخوض في تفاصيل هذه اللقاءات لان اللقاء الذي حضره الزميل بسام البدارين لم يكن للنشر، ولكن ما استطيع البوح به، هو ان الملك عبد الله الثاني كان ضد الحرب على العراق، وحذر الرئيس الامريكي من مخاطرها على الاردن والمنطقة بأسرها، وطرح مخاوف بلاده وابرزها تبخر المنحة البترولية العراقية وتقدر باكثر من 400 مليون دولار سنويا، علاوة على العوائد التجارية الضخمة مع العراق، والاهم من ذلك كله، وهو موضوع هذه المقالة اقدام ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي في حينها على ترحيل وابعاد مئات الآلاف من الفلسطينيين من اهل الضفة الى الاردن مستـــــغلا انشغال العالم بالحرب مع العراق.
الرئيس بوش قدم "ضمانات" تبدد مخاوف الملك حول جميع القضايا المطروحة، والاخيرة على وجه الخصوص، وجرى تنفيذ معظمها، ولكن لجوء اكثر من مليون عراقي الى الاردن، ثم ما يقرب من الرقم نفسه من السوريين، وتراجع التجارة مع عراق ما بعد الرئيس صدام الى النصف تقريبا، ادت جميعها الى عجز في الميزانية يصل الى ثلاثة مليارات دولار سنويا، وارتفاع الدين الوطني العام الى عشرين مليار دولار تقريبا.
جون كيري وزير الخارجية الامريكي حل قبل اسبوع في العاصمة الاردنية عمان طالبا من حكومتها الاعتراف باسرائيل دولة يهودية، وتأييد اتفاق الاطار الذي يروج له حاليا، وينص على تصفية قضية اللاجئين، ووجود اسرائيلي عسكري في غور الاردن، والاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة ابدية لدولة اسرائيل اليهودية، ودفع تعويضات للاجئين الفلسطينيين والدول المضيفة لهم وتبادل سكان واراض.
الاعتراف باسرائيل دولة يهودية يعني نزع الشرعية والمواطنة عن مليون ونصف المليون فلسطيني داخل الخط الاخضر، وابعادهم في مرحلة لاحقة الى الضفة الغربية (حيث من المفترض ان تقام دولة فلسطينية مسخ منزوعة الدسم والكرامة على ثلثي اراضيها).
مشروع كيري يعني توطين ما يقرب من المليوني فلسطيني في الاردن، ويسجل سابقة التغيير الجغرافي والديمغرافي في المنطقة، الامر الذي قد يؤدي، وتحت ذريعة الازدحام السكاني في الضفة في حال ترحيل عرب 1948 الى تخفيف هذا الازدحام بنقل مئات الآلاف الى الاردن في المدى المتوسط ان لم يكن القريب.
ربما لا يتفق بعضهم معنا في مخاوفنا هذه، ولكن في ظل الانهيار العربي الراهن، واعتقاد معظم الدول الخليجية والسعودية على وجه الخصوص ان العدو الاساسي للامة العربية هي ايران وليس اسرائيل، وضعف السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، وسقوطها في "مصيدة الرواتب" واعتمادها الكامل على الدول المانحة في البقاء، فانه لا شيء مستبعد على الاطلاق.
الاردن، حكومة وشعبا، يجب ان يرفض مشروع كيري الملغوم هذا، ليس حرصا على الثوابت الفلسطينية التي ينسفها فقط، وانما حرصا على امنه واستقراره ايضا، ويؤلمنا ان نسمع اصواتا غير مسؤولة ترحب بهذا المشروع، وتحتل مواقع مهمة في دائرة سلطة اتخاذ القرار فيه.
ندرك جيدا امكانات الاردن المحدودة، مثلما ندرك انه ليس دولة عظمى يمكن ان تتحدى امريكا القوة الاعظم في التاريخ، ونتفهم ظروفه الاقتصادية الصعبة والضغوط الاقليمية والدولية عليه، ولكننا ندرك في الوقت نفسه ان هذا المشروع الامريكي الذي يحمله كيري هو اسرائيلي في جوهره، ويصب في نهاية المطاف في هدف تحويل الاردن كوطن بديل وهو ما نرفضه ونعارضه بقوة.