مرحبا بك في موقع رؤيا الإخباري لتطلع على آخر الأحداث والمستجدات في الأردن والعالم

"أوميكرون" متحور كورونا الجديد.. ما خطورته؟

1
Image 1 from gallery

"أوميكرون" متحور كورونا الجديد.. ما خطورته؟

نشر :  
11:12 2021-11-27|

انتشر القلق في أرجاء العالم سريعا إثر ظهور متحور جديد من فيروس كورونا صنفته منظمة الصحة العالمية بأنه "مقلق" وأطلقت عليه اسم الحرف اليوناني "أوميكرون"، وقد سجلت أسواق الأسهم على جانبي المحيط الأطلسي أشد انخفاضاتها على مدى عام وأكثر.


ولم يسبق لأي متحور جديد أن أثار هذا القدر من القلق عالميا منذ ظهور المتحور دلتا في الهند قبل حوالي سنة، ثم انتشاره حتى صار يمثل جميع الحالات المسجلة في العالم تقريبا.

حالة الذعر من المتحور الجديد تعود بالأساس إلى عدم كفاية المعلومات عنها، بعدما ظهرت للمرة الأولى في جنوب أفريقيا وبدأت تنتشر بسرعة في عدد من البلدان، وبدت مختلفة عن المتحورات السابقة.

وبينما يعقد العلماء في الولايات المتحدة اجتماعاً مع علماء جنوب أفريقيا لمعرفة التركيب الجزيئي لـ"أوميكرون"، نشر خمسة من العلماء في جامعات جنوب أفريقيا التفاصيل المتعلقة بتحور "أوميكرون"، والإجابات المتاحة عن الأسئلة المثيرة للقلق، مثل الطريقة التي يتم بها اكتشاف المتحورات، وكيف تحدث طفرات التغير الفيروسي، وهل تحمي اللقاحات الحالية منه؟

أسباب القلق

لم ينبع وصف منظمة الصحة العالمية للمتحورة "أوميكرون" بأنها مثيرة للقلق من فراغ. فهي تضع هذا التصنيف عندما تكون سلالة معينة من فيروس كورونا شديدة الضراوة أو قابلة للانتقال أو قادرة على اختراق تدابير الصحة العامة. لكن "أوميكرون"، وهو الحرف الخامس عشر من الأبجدية اليونانية وقيمته 70 في نظام الأرقام اليونانية، تحتوي حسب الدراسات العلمية على 30 من الطفرات، بعضها مثير للقلق. فيما تشير الأدلة الأولية إلى زيادة خطر الإصابة بها، مقارنة بالمتحورات الأخرى التي تنتقل عدواها عبر الهواء، وفق الأندبندنت عربية.

وفي حين قال أنتوني فاوتشي، المتخصص في الأمراض المعدية، إن الولايات المتحدة تسرع للحصول على معلومات عن "أوميكرون"، نظراً إلى عدم توافر بيانات عنها، فإن عدداً من العلماء في جامعات جنوب أفريقيا التي رصدت المتحورة الجديدة للمرة الأولى، نشروا معلوماتهم في بعض المواقع والصحف الأميركية.

والعلماء الخمسة هم: ولفغانغ بريسير رئيس قسم علم الفيروسات في جامعة "ستيلينبوش"، وكاثرين شيبرز أستاذة الطب في جامعة "ويتواترسراند"، وجينال بهيمان رئيسة "المعهد الوطني للأمراض المعدية"، وماريتجي فنتر أستاذة علم الفيروسات الطبية في جامعة "بريتوريا"، وتوليو دي أوليفيرا مدير البحث والابتكار في جامعة "كوازولو ناتال".

وفيما يلي تفاصيل هذه المعلومات:

لماذا جنوب أفريقيا؟

منذ بدء جائحة "كوفيد-19"، تراقب شبكة مراقبة الجينوم في جنوب أفريقيا التغييرات التي تحدث في الفيروس. وكان ذلك مهمة لفهم كيفية انتشاره بشكل أفضل. ففي أواخر عام 2020، اكتشفت الشبكة سلالة فيروسية جديدة، أصبحت تُعرف باسم متغير "بيتا". والآن، تم تحديد متحورة جديدة هي "أوميكرون"، توصل إليها العلماء من خلال فحص تسلسل الجينوم الكامل للعينات التي ثبت إصابتها بالفيروس. وتتضمن هذه العملية التحقق من كل تسلسل تم الحصول عليه بحثاً عن الاختلافات مقارنة بالمتحورات السابقة، مثل متحورة "بيتا" التي كانت سبباً في موجة الوباء الثانية في جنوب أفريقيا، ومتحورة "دلتا" التي انتشرت في معظم أنحاء العالم عام 2021، بما في ذلك جنوب أفريقيا، التي تسببت في موجة جائحة ثالثة.

وعندما يتأكد العلماء من وجود اختلافات متعددة، مثل تلك الموجودة في "أوميكرون"، فإن هذا يرفع على الفور علامة حمراء تنذر بالخطر، ويدفع ذلك إلى مزيد من التحقيق لتأكيد ما لاحظه العلماء. ونظراً إلى أن جنوب أفريقيا من الدول المهيأة جيداً لعمليات التدقيق والفحص العلمي المتقدم بفضل المستودع المركزي لنتائج المختبرات الصحية الوطنية، وارتباطها بالمختبرات الخاصة، فقد كشف تسلسل الجينوم من قبل مختبرات الشبكة عن سلالة فيروسية جديدة وجدوها في 77 عينة تم جمعها في مقاطعة غوتنغ حتى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي وكانت مصابة بالفيروس، قبل أن ينتقل إلى أقاليم أخرى ويصل إلى هونغ كونغ وإسرائيل وبلجيكا وعدد من الدول المجاورة لجنوب أفريقيا.

علاقة "أوميكرون" بالأيدز

مع ذلك، تقول إحدى النظريات إن اكتشاف المتحورة الجديدة يعود إلى أكثر من مجرد تضافر الجهود لرصد "أوميكرون"، ذلك أن الأشخاص الذين يعانون ضعفاً في جهاز المناعة، والذين يعانون من عدوى نشطة طويلة الأمد مثل مرض الأيدز، لا يستطيعون القضاء عليه، وقد يكونون مصدراً لمتغيرات فيروسية جديدة من كورونا.

ويعود هذا الافتراض إلى أن الاستجابة المناعية لدى هؤلاء الأشخاص لا تكون قوية بما يكفي للقضاء على الفيروسات، ولكنها تمارس درجة معينة من الضغط الانتقائي الذي يجبر الفيروس على التطور والتحور، ولهذا تخلق الاستجابة المناعية الضعيفة الظروف المناسبة لظهور متغيرات جديدة.

وعلى الرغم من برنامج العلاج المتقدم المضاد للفيروسات للأشخاص المرضى بفيروس نقص المناعة البشرية الأيدز، فقد أصيب العديد من الأفراد في جنوب أفريقيا بفيروس الأيدز ولا يتلقون علاجاً فعالاً. وقد أجريت دراسات للعديد من الحالات السريرية التي تدعم هذه الفرضية، ولكن لا يزال هناك كثير من الجوانب التي تحتاج إلى تمحيص للتأكد من هذه الفرضية.

ويرجح فرانسوا بالوكس، مدير معهد "يو سي أل"، أن تكون المتحورة الجديدة قد تطورت في شخص يعاني فيروس نقص المناعة المكتسبة الأيدز، لأن الفيروس يمكن أن يستمر لفترة أطول من المعتاد لدى هؤلاء الأفراد، ولأن لدى جنوب أفريقيا أعلى معدل لإصابات مرض الأيدز في العالم. وهو ما يفسر، ربما، لماذا تزايد معدل الإصابة بالمتحورة "أوميكرون" من 100 حالة فقط في وقت سابق من هذا الشهر، إلى أكثر من 1200 حالة حتى يوم الأربعاء، حسبما أوضح موقع "أكسيوس الأميركي".

لماذا القلق؟

على الرغم من أنه لا توجد إجابة مؤكدة لهذا السؤال، فإن الإجابة البسيطة هي أن "أوميكرون" تحمل طفرات معينة لم تتم ملاحظتها من قبل، إذ اكتشف العلماء 30 طفرة في بروتين "سبايك" الذي تعمل عليه معظم اللقاحات، وهو الذي يسمح لفيروس كورونا باختراق الخلايا، مما يسبب العدوى. كما أن "أوميكرون" لها ملف جيني مختلف تماماً عن المتحورات المعروفة الأخرى التي تثير القلق والاهتمام، إذ لا يبدو أنها "ابنة دلتا" أو "حفيدة بيتا"، ولكنها تمثل سلالة جديدة من كورونا.

وفي حين أن بعض المتغيرات الجينية لـ"أوميكرون" تُعرف من المتحورات الأخرى، ويمكن أن تؤثر في قابلية الانتقال والعدوى أو تتحايل وتتهرب من الجهاز المناعي، فإن العديد من هذه المتغيرات جديدة ولم تتم دراستها حتى الآن. وعلى الرغم من إمكانية عمل بعض التنبؤات، ما زال العلماء يدرسون إلى أي مدى ستؤثر الطفرات على سلوك الفيروس. فمن غير المعروف بدقة قابلية الفيروس للانتقال، ومدى شدة المرض الذي يمكن أن يلحق بالمصابين، وقدرة الفيروس على الهروب من الاستجابة المناعية لدى الأشخاص الملقحين أو المتعافين.

وفي العادة، يدرس العلماء هذه الأمور بطريقتين، إذ تسعى الطريقة الأولى عبر الدراسات الوبائية الدقيقة إلى معرفة إذا ما كانت السلالة الجديدة تُحدث تغيرات تؤثر في القابلية للانتقال والعدوى، والقدرة على إصابة الأفراد المحصنين أو المصابين سابقاً. في حين تقوم الطريقة الثانية عبر الدراسات المختبرية بفحص خصائص الفيروس من خلال مقارنة خصائص نموه الفيروسي بخصائص المتغيرات الأخرى للفيروس. ومن خلال هذه الطريقة يتم التعرف إلى مدى نجاح الأجسام المضادة الموجودة في دم الأفراد الملقحين أو المتعافين من المرض، في إزالة مفعول الفيروس.

وفي النهاية، ستتكشف أهمية المتحورات الجينية التي لوحظت في "أوميكرون" عند النظر في نتائج هذه الأنواع المختلفة من الدراسات. وهي مهمة معقدة ومكلفة ستستمر لأشهر. لكن، لا غنى عنها لفهم الفيروس بشكل أفضل واستنباط الاستراتيجيات لمكافحته.

شدة المرض

لا يوجد، حتى الآن، دليل على أي اختلافات واضحة عبر الدراسات السريرية، لكن المعروف أن حالات الإصابة بمتحورة "أوميكرون" قد زادت بسرعة في إقليم غوتنغ في جنوب أفريقيا، ويبدو أن الموجة الوبائية الرابعة قد بدأت في البلاد. ويشير هذا إلى سهولة الانتقال والعدوى، وإن كان التقييم تم على أساس تدخلات غير دوائية، وفي إطار عدد قليل من الحالات. لذلك، لا يمكن الجزم بعد إذا ما كانت "أوميكرون" تنتقل بطريقة أكثر قوة وكفاءة مقارنة بالمتحورة "دلتا".

 

من المرجح أن يظهر "كوفيد-19" على أنه مرض خطير وغالباً ما يهدد حياة كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة، غير أن الأكثر تعرضاً للمتحورة الجديدة هم الأصغر سناً والأصحاء والأكثر قدرة على التنقل والحركة. وإذا انتشرت "أوميكرون" بقوة أكثر، فسيستغرق الأمر بعض الوقت قبل تقييم مدى شدة المرض الذي تسببه. ومن حسن الحظ أن جميع الاختبارات التشخيصية التي تم فحصها حتى الآن قادرة على التعرف إلى المتحورة الجديدة.

علاوة على ذلك، اكتشف العلماء نمطاً محدداً للمتحورة "أوميكرون"، إذ إن اثنتين من سلاسل الجينوم الثلاث المستهدفة تكون إيجابية، لكن الثالثة لا تكون كذلك. وهو ما يعد علامة واضحة لـ"أوميكرون". ما يعني أنه يمكن تقدير نسبة الحالات الإيجابية بسرعة بسبب عدوى "أوميكرون" بشكل يومي ولكل منطقة. وهذا مفيد جداً لمراقبة انتشار الفيروس في لحظة الإصابة تقريباً.

هل تحمي اللقاحات الحالية؟

من غير المعروف الآن إذا ما كانت اللقاحات المتوافرة حالياً تقي من المتحورة الجديدة. ففي حين أن الحالات المصابة تشمل الأفراد الذين تم تلقيحهم، إلا أن الحماية المناعية التي توفرها اللقاحات تتضاءل بمرور الوقت، ولا تحمي بالقدر نفسه من العدوى، بل تحمي من المرض الشديد والوفاة. ويشير أحد التحليلات الوبائية التي أجرت فحوصاً على عدد من الأشخاص الذين تم تلقيحهم وأصيبوا بمتحورة "أوميكرون"، إلى احتمال أن تتجنب "أوميكرون" الاستجابة المناعية، وهو أمر مثير للقلق.

مع ذلك، فإن التوقع المأمول حسب العديد من الدراسات هو أن توفر المعدلات المرتفعة للأشخاص الملقحين، وغيرهم ممن أصيبوا، درجة من المناعة الطبيعية لفترة من الزمن في الأقل.

وفي النهاية، فإن كل شيء معروف عن المتحورة الجديدة "أوميكرون" حتى الآن، يسلط الضوء على أن تلقيح أكبر عدد من السكان، بالإضافة إلى الإجراءات الوقائية الأخرى، لا يزال أفضل رهان ضد الإصابة بـ"كوفيد-19" الحاد. وهو ما سيعمل على مساعدة نظام الرعاية الصحية على التكيف بشكل أفضل خلال الموجة المقبلة.