مطار باريس شارل ديغول
متحور "أوميكرون".. هاجس جديد يثير الذعر في أوروبا
أثار تفشي المتحور الجديد من فيروس كورونا المستجد الذي أطلق عليه اسم "أوميكرون" الخوف حول العالم، وتحديدا في أوروبا، حيث بدأت العديد من الدول باتخاذ إجراءات احترازية لمنع وصول المتحور الجديد لأراضيها، خصوصا أنها تعاني أصلا من موجة وبائية حادة طيلة الأسابيع الماضية.
وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض، في وقت سابق من الجمعة، حظرا مؤقتا على القادمين من جنوب إفريقيا.
وشددت العديد من الدول حول العالم من الولايات المتحدة إلى الدول الآسيوية، من قيود السفر، الجمعة، بعد رصد المتحور، من فيروس كورونا في جنوب إفريقيا.
وصنفت لجنة استشارية تابعة لمنظمة الصحة العالمية المتحور الجديد، باعتباره فيروسا شديد العدوى مثيرا للقلق.
ويعد هذا الإعلان الصادر عن منظمة الصحة التابعة للأمم المتحدة، أول تصنيف منذ شهور تقوم به المنظمة لأحد متحورات كورونا على هذا النحو.
وفي ردود الأفعال الأوروبية، قال وزير الصحة الألماني، ينس شبان: "آخر ما نحتاجه هو ظهور متحور جديد من شأنه أن يسبب المزيد من المشاكل".
ومن جهتها قالت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين، إن الرحلات الجوية "سيتعين تعليقها حتى يكون لدينا فهم واضح حول الخطر الذي يمثله هذا المتحور، وينبغي على المسافرين العائدين من هذه المنطقة احترام قواعد الحجر الصحي الصارمة".
وشددت على ضرورة توخي الحذر البالغ، محذرة من "ظهور وانتشار متحورات فيروس كورونا مثيرة للقلق بشكل أكبر، والتي قد تنتشر في أنحاء العالم خلال أشهر قليلة".
وأصبحت بلجيكا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تعلن عن حالة إصابة بهذا المتحور، حيث قال وزير الصحة البلجيكي فرانك فاندنبروك تعليقا على ذلك: "إنه متحور مريب، لا نعرف بعد مدى خطورته".
وللتعليق على مدى تأثير ظهور هذا المتحور على الموجة الوبائية الأوروبية، والانقسامات العاصفة ببلدان أوروبا حول إعادة فرض سياسات الإغلاق والقيود المشددة، وسط معارضات شعبية واسعة للعودة لتلك السياسات، قال صفاء خلف، الصحفي والباحث المختص بتحليل الأزمات، والمقيم في النرويج: "ثمة بطبيعة الحال تباين حاد في سياسات الدول الأوروبية للحد من انتشار الجائحة، بظل غياب التنسيق فيما بينها، وهو مؤشر على مدى هشاشة التوافق داخل الاتحاد الذي انعكس على إجراءات مكافحة كوفيد-19 خلال العامين الماضيين".
هذا التباين فرض انقساما داخل الكتلة الأوروبية المعتمدة على سياسة اقتصاد واحد، بمواجهة اقتصاديات مركزية كالصين والولايات المتحدة، كما شرح خلف قائلا: "الخوف الرئيسي يتمثل من أن أي إغلاق جديد يعني تدهورا للاقتصاد الأوروبي المعتمد على تحصيل الضرائب لتمويل الموازنات الحكومية وتجارة الخدمات، والسلع وسلاسل الإمداد الغذائي البينية".
ولفت الباحث المختص في تحليل الأزمات إلى أن "تعطيل الحياة العامة لفترات غير معلومة، بسبب تمدد الجائحة وظهور متحورات جديدة، يبقي الاتحاد الأوروبي، بحالة من التذبذب وعدم اليقين، ويحطم القدرة على المنافسة كما يرهق الخزائن العامة بدفع الأموال، كتعويضات بطالة نتيجة تراجع قدرة الشركات على التوظيف والخسائر الفادحة التي منيت بها".
وتابع خلف موضحا: "حالة عدم اليقين الأوروبي تعزز من الشروخ العميقة في بنية اقتصاد يكافح لمعالجة نقص العمالة والتشغيل، والتي بالغالب تعتمد على التدفق البشري من دول شرق أوروبا، أو من إفريقيا والشرق الأوسط، على شكل موجات هجرة غير مخطط لها".
واعتبر خلف أن وضع دول على لوائح حظر السفر يعد أحد خطوط الدفاع الهشة لإبقاء الاقتصادات الأوروبية مفتوحة مع عزلها عن الخارج، وهي حجة إضافية لمنع تدفق مهاجرين شرعيين تحت غطاء سياسة الأزمة أو الطوارئ الصحية.
وكانت منظمة الصحة العالمية، قد دقت ناقوس الخطر محذرة قبل أيام من أن وتيرة انتقال عدوى كورونا في أوروبا "مقلقة جدا" في الوقت الحالي، مما قد يؤدي إلى تسجيل نصف مليون حالة وفاة إضافية في القارة بحلول فبراير المقبل.
ويأتي كل ذلك وسط تحذيرات من أن فصل الشتاء الذي بات على الأبواب، والذي سيفاقم الموجة الوبائية الحالية في أوروبا، والتي يأتي الإعلان عن اكتشاف المتحور الجديد ليزيدها خطورة وشراسة، لا سيما وأن احتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة، في حال عدم وضع ضوابط لها، ستسهم في انتشار واسع للمرض، وفق ما يحذر الخبراء بمجال الصحة.