مرحبا بك في موقع رؤيا الإخباري لتطلع على آخر الأحداث والمستجدات في الأردن والعالم

دواء كورونا - تعبيرية

1
Image 1 from gallery

كيف ستغير حبوب "فايزر" و"ميرك" قواعد علاج كورونا؟

نشر :  
06:25 2021-11-25|

أصبح من الواضح تماماً مدى أهمية التوصل إلى علاجات أفضل لكورونا خاصة في المراحل المبكرة من المرض.

ومع الإعلان عن دواءين جديدين مضادين للفيروسات يتم تناولهما كحبوب عن طريق الفم، تتزايد الرهانات حول ما إذا كانا قادرين على تغيير قواعد العلاج، فكيف تعمل هذه الحبوب وما فعاليتها ومدى إمكانية استفادة الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل منها؟


أسباب التفاؤل

تفاءل كثيرون حول العالم مع الإعلان عن أول علاجات فعالة ضد "كوفيد-19" يمكن تناولها بالفم وتساعد على إبقاء المصابين بعيداً من المستشفيات، فقد أعلنت شركتا "ميرك" وفايزر" الأميركيتان عن دواءين جديدين مضادين للفيروسات.

وتعتزم لجنة استشارية لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وهي الجهة المنوط بها الموافقة على ترخيص الأدوية، مراجعة بيانات حبوب "مولنوبيرافير" نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، وهي حبة من صنع شركة "ميرك" وشريكتها "ريدجباك" للأدوية، وفي الأسبوع الأول من الشهر الجاري، أصدرت شركة "فايزر" النتائج الأولية لحبوبها المضادة للفيروسات، والتي تحمل اسم "باكسلوفيد"، وهي وسيلة أخرى يحتمل أن تكون واعدة للعلاج، فقد طلبت "فايزر" قبل أسبوع رسمياً الحصول على ترخيص طارئ للحبوب من إدارة الغذاء والدواء، وإذا تم ترخيص هذه الأدوية في الأسابيع المقبلة، فستكون خياراً علاجياً جديداً للأشخاص المصابين بفيروس "كوفيد-19"، بخاصة لأولئك المعرضين لخطر كبير في المراحل المبكرة من الإصابة، لأن القدرة على العلاج بحبوب بدلاً من الحقن أو إدخال سوائل إلى الوريد تعني إمكانية علاج المزيد من الأشخاص بشكل أسرع.

ووفقاً لباتريك جاكسون، أستاذ الأمراض المعدية في جامعة فرجينيا، سوف تلبي كل من "مولنوبيرافير"، و"باكسلوفيد" حاجة لم يتم تلبيتها باستخدام أدوية "كوفيد-19" الأخرى، والتي يصعب إعطاؤها للمرضى لأسباب مختلفة، أو لأنها مناسبة فقط للمرضى داخل المستشفى، فما أهمية هذه الأدوية وكيفية عملها واستخدامها؟

سد الفجوة

وجد الباحثون والعلماء حتى الآن عدداً قليلاً من الأدوية الفعالة في علاج "كوفيد-19"، إذ يمكن استخدام الأجسام المضادة للفيروسات التي تنتج من طريق استنساخ خلايا فريدة من كرات الدم البيضاء لعلاج المرضى الذين لم يدخلوا المستشفى، لكن عقاقير الأجسام المضادة التي تعمل عن طريق منع الفيروس من دخول الخلايا، يجب أن تعطى في مكان خاضع للمراقبة مثل المستشفيات أو عيادات الأطباء، بينما العديد من المرضى الذين يمكن أن يستفيدوا من هذه الأجسام المضادة لا يستطيعون الحصول عليها لأن المواقع التي تقدم هذه الأدوية ليست في مكان قريب، كما أنها ليست في متناول العديد من الأشخاص خارج الولايات المتحدة.

وحتى في الولايات المتحدة، فعلى الرغم من أن الأجسام المضادة مجانية للمرضى بموجب تصريح الاستخدام الطارئ، إلا أنها من المتوقع أن تصبح في النهاية باهظة السعر إذا حصلت شركات الأدوية على موافقة كاملة من إدارة الغذاء والدواء.

وتشير البيانات الأولية إلى أن كلاً من "مولنوبيرافير" و"باكسلوفيد" من الأدوية الجديدة الفعالة التي يمكن للمرضى تناولها في المنزل لمنع مضاعفات "كوفيد-19"، والتي يمكن أن تكون مفيدة بشكل خاص لأولئك المعرضين لخطر الإصابة بأمراض خطيرة، وبمجرد الحصول على الترخيص من الجهة الرسمية، ستسمح هذه الحبوب للمرضى بالعلاج في وقت مبكر من العدوى، حيث تكون الأدوية المضادة للفيروسات أكثر فعالية، فمن خلال منع الفيروس من النمو في الجسم في وقت مبكر، يمكن للأدوية أن تمنع الالتهاب الذي يؤدي إلى أن يكون "كوفيد-19" حاداً وخطيراً.


كيف تعمل الأدوية الجديدة؟

تخزن فيروسات عائلة كورونا الأوامر والتعليمات الخاصة بصنع فيروسات جديدة في سلسلة من الحمض النووي "الريبي" المعروف باسم "آر أن إي"، ففي داخل الخلية، يُصَنِع الفيروس نسخاً من الحمض النووي الريبي "آر أن إي"، ثم يستمر في عمل نسخ مكررة منه، ولكن حبوب "مولنوبيرافير" التي تنتجها شركة "ميرك" الأميركية، تعمل على التسبب في قيام الفيروس بتسجيل معلومات وراثية غير دقيقة، وعندما يتناول المريض حبوب "مولنوبيرافير"، يتخفى الدواء كواحد من الجزيئات الرئيسة داخل الحمض النووي "الريبي"، ويندمج في الخيوط التي ينتجها الفيروس، ولهذا عندما يتم نسخ خيوط "آر أن إي"، تحتوي على "مولنوبيرافير"، فإن الفيروس يرتكب أخطاء في النُسخ التي ينتجها، ومن خلال تكرار عمليات نسخ متعددة، يُنتج "مولنوبيرافير" المزيد والمزيد من الأخطاء حتى يصبح الفيروس غير قادر على العمل، بعد تزايد معدل تحور التجمعات الفيروسية إلى مستويات لا تتوافق مع بقائها على قيد الحياة، وتسمى هذه الاستراتيجية المضادة للفيروسات "الطفرات القاتلة".

غير أن حبوب "باكسلوفيد" التي تنتجها شركة "فايزر" الأميركية تستخدم آلية مختلفة لمنع الفيروس من التكاثر، إذ إنه يتدخل لعرقلة دورة حياة الفيروس، إذ إن فيروس كورونا يُنشئ البروتينات الضرورية اللازمة لبناء فيروسات جديدة في شكل سلسلة واحدة طويلة تسمى "بولي بروتين" أو البروتينات المتعددة، وهي سلاسل من البروتينات الأصغر الملتصقة والتي تحدث في الطبيعة كوسيلة لتنظيم بروتينات الفيروسات.

لكن لكي تكون البروتينات المتعددة أو الـ "بولي بروتين" نشطة، يقوم "إنزيم" فيروسي يسمى "بروتيز" بتقطيعها إلى أجزاء أصغر حتى تعمل، وما تفعله حبوب "باكسلوفيد" هي أنها تمنع "إنزيم" "بروتيز" الفيروسي من القيام بهذه المهمة، وبالتالي يمنع فيروس كورونا من إكمال دورة حياته.

كيف تستخدم حبوب "كوفيد-19"؟

يوجد حالياً نوعان أساسيان من العلاجات في الولايات المتحدة، هما الأدوية المضادة للفيروسات، والأدوية المضادة للالتهابات، ففي حين توقف الأدوية المضادة للفيروسات نمو الفيروس في الجسم ويتم إعطاؤها خلال الأيام القليلة الأولى من ظهور الأعراض بهدف الوقاية من المرض الشديد، فإن الأدوية المضادة للالتهابات تعمل على تحسين دور الاستجابة المناعية، وتستخدم لمساعدة الأشخاص الذين تسوء حالتهم المرضية ويحتاجون إلى الأوكسجين.

ومع ظهور أدوية جديدة، أجريت اختبارات لقياس تأثير حبوب "مولنوبيرافير" و"باكسلوفيد" في تجارب سريرية منفصلة، بطريقة متماثلة على المصابين بالفيروس في مرحلة مبكرة من مرضهم والذين لم يدخلوا المستشفيات، ولكن كانت لديهم عوامل تشير إلى خطر إصابتهم بفيروس "كوفيد-19" الحاد وقياس احتمال وفاة المرضى أو دخولهم المستشفى.

وكشفت النتيجة عن أن حبوب "مولنوبيرافير" التي تنتجها شركة "ميرك"، قللت من خطر الوفاة أو دخول المستشفى بحوالى 50 في المئة في المرضى البالغين خارج المستشفيات والمصابين بالفيروس الخفيف أو المتوسط عند بدء العلاج في غضون خمسة أيام من ظهور الأعراض، في حين أن "باكسلوفيد" الذي تنتجه شركة "فايزر"، قلّل هذا الخطر بحوالى 89 في المئة للمرضى الذين عولجوا في غضون ثلاثة أيام من ظهور الأعراض، و85 في المئة للمرضى الذين عولجوا في غضون خمسة أيام من ظهور الأعراض، لكن الأهم من ذلك، أنه لم يمت أي مريض تناول أياً من العقارين في هذه الدراسات.

أيهما أفضل؟

ونظراً لأنه لم تتم دراسة الأدوية بشكل مقارن وفي الظروف نفسها، ووفقاً للشروط نفسها، فمن الصعب تحديد ما إذا كان أحدهما سيكون أفضل من الآخر في العالم الحقيقي، غير أن بريطانيا أصبحت أول دولة في العالم توافق على استخدام "مولنوبيرافير" في أوائل نوفمبر الجاري.

وكما هو متوقع، لم يساعد "مولنوبيرافير" المرضى الذين ساءت حالتهم ودخلوا المستشفى على التعافي بشكل أسرع من "كوفيد-19"، ومن المحتمل ألا يكون "باكسلوفيد" مفيداً أيضاً في شفاء المرضى الذين ساءت حالاتهم، ذلك أن معظم المرضى الموجودين في المستشفى باتوا يعانون من التهاب غير منتظم، وليس لأن الفيروس لا يزال يتكاثر في أجسامهم.

وإذا حصلت هذه الأدوية على التراخيص الرسمية اللازمة في الولايات المتحدة، فمن المحتمل أن يتم استخدامها للمرضى المعرضين لمخاطر أعلى، والذين هم مؤهلون لاستخدام الأجسام المضادة اليوم، ومع ذلك سيظل استخدام الأجسام المضادة سارياً، لا سيما بالنسبة للسيدات الحوامل والأشخاص الذين يخضعون لغسيل الكلى وبعض المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة.

وتحسباً لموافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية، سارعت الحكومة الأميركية إلى شراء ملايين الجرعات من كل من "مولنوبيرافير" و"باكسلوفيد"، ومع ذلك، لن تكون الحبوب مفيدة إلا إذا تمكن الأشخاص أيضاً من إجراء اختبارات "كوفيد-19" الرخيصة والسريعة والدقيقة، والتي تعاني حالياً من نقص في المعروض، كما أن تشخيص الوباء بعد فوات الأوان، لن يفيد المرضى الذين سيصبحون خارج فترة الكشف المبكر الذي تكون فيه الأدوية المضادة للفيروسات مفيدة.

نوافذ الأمل تتسع

ويلاحظ العلماء أن نوافذ الأمل للقضاء على فيروس "كوفيد-19" أو على الأقل الحد من خطورته تتسع يوماً بعد يوم، بخاصة أن هناك أدوية أخرى مضادة للفيروسات قيد التطوير، بما في ذلك عقار "ريمديسفير" والأجسام المضادة طويلة المفعول القابلة للحقن، كما يعمل الباحثون أيضاً على إعادة استخدام الأدوية الحالية للعلاج من منشطات مستنشقة مثل "بوديزونيد"، ودواء مضاد للاكتئاب رخيص الثمن يسمى "فلوفوكسامين" أصبح واعداً بشكل خاص خلال البحوث الأخيرة.

وما يبشر بالأمل بالنسبة للدول الفقيرة والمتوسطة الدخل، أن شركة "فايزر" وشركة "ميرك" أعلنتا عن توقيع اتفاقات مع مجموعة براءات اختراع الأدوية، وهي مجموعة مقرها الأمم المتحدة، من أجل تعزيز الإنتاج الدولي من الأدوية الجديدة من خلال منح تراخيص فرعية لمنتجي الأدوية، ما يسمح بالتصنيع في 95 دولة، تغطي 53 في المئة من سكان العالم، وستتنازل الشركتان عن حصتهما من مبيعات الأدوية في تلك البلدان، طالما أن "كوفيد-19" لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً دولياً.

وفي حين أنه من المثير رؤية علاجات جديدة، فلا تزال الوقاية هي الاستراتيجية الأفضل، ولا تزال لقاحات "كوفيد-19" هي الأداة الأكثر فعالية للمساعدة على إنهاء الوباء حتى الآن.