الأفيون بدل الفواكه.. مزارعو أفغانستان يغيرون إنتاجهم
الأفيون بدل الفواكه.. مزارعو أفغانستان يغيرون إنتاجهم
يقدم عدد متزايد من مزارعي أفغانستان على التحول إلى زراعة زهرة الخشخاش التي تنتج مخدر الأفيون، بينما كانوا ينتجون الفواكه والخضار، في وقت سابق، لكنهم يقولون إنهم اتخذوا هذه الخطوة اضطرارا وليس من باب الاختيار، لأن الأزمة الاقتصادية حاصرتهم من كل جانب.
عبد الحميد، مثلا، وهو أحد المزارعين، قام بإزالة المئات من شجر الرمان من حقوله، جنوبي أفغانستان، بعدما عقد العزم على إفساح المجال أمام زهرة الخشخاش، لا سيما أن أرضه تعاني الجفاف.
وقام هذا المزارع الأفغاني، بإزالة ما يقارب 800 شجرة رمان، من حقوله في مقاطعة أرغندب التابعة لولاية قندهار، فأزال بذلك، الأشجار وحول المكان الذي كان وارفا إلى ما يشبه مقبرة خشب وحبات متناثرة من الفاكهة.
يقول حميد الذي يبلغ ثمانين عاما "ليست ثمة مياه ولا محاصيل"، موضحا أن شح الأمطار جعل تأمين الري المطلوب للأشجار أمرا مستحيلا، وأضاف أن عدم توافر المياه أدى تلف نصيب مهم من محاصيل هذه السنة.
لكن عبد الحميد ليس سوى واحد من بين مزارعين أفغان كثيرين، يشكون تراجع المحاصيل وضيق أوضاعهم المالية، إلى جانب إغلاق الحدود والتوتر الأمني، في حين تشكل زراعة الأفيون محركا مهما من محركات الاقتصاد في هذه المنطقة.
وبحسب بيانات صادرة عن مكتب منظمة الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة، فإن أفغانستان تشكل ما يزيد عن 80 في المئة من إمدادات الأفيون في العالم.
عوامل مشجعة
ويتحول مزارعون أفغان إلى الأفيون، لأن هذه النبتة لا تتعرض للتلف، في غضون فترة قصيرة، إذا لم يجر بيعها، كما أنها لا تحتاج إلى منسوب عال من المياه لأجل الري على غرار الرمان.
فضلا عن ذلك، لا يحتاج تهريب الأفيون إلى حدود مفتوحة، لأن العصابات والشبكات المنظمة هي التي تتولى نقله في الخارج، اعتمادا على أساليبها المعتادة.
ويقول المزارعون إن الرمان كان يدر أرباحا أوفر مقارنة بالأفيون، لكن الوضع تغير كثيرا في ظل الجفاف وأزمة التصدير عبر الحدود بعد وصول طالبان إلى السلطة.
ويرى خبراء أن الأزمة القائمة في أفغانستان تنذر بزيادة كبيرة في إنتاج الأفيون وأنشطة التهريب، وربما يكون هذا الموسم مجرد مقدمة لما سيأتي فيما بعد.
ويأتي التحول إلى الأفيون، بينما كانت منطقة أرغندب إحدى نقاط الإنتاج البارزة لفاكهة الرمان، حتى أنها صدرته إلى باكستان والهند ودول في الخليج العربي.
لكن التصدير إلى الخارج لم يعد سهلا بعدما فرضت قيود على الحدود والملاحة الجوية بعد وصول حركة طالبان إلى السلطة في أغسطس الماضي.
أما الوضع على الحدود بين أفغانستان وباكستان، فمتقلب وغير مستقر، لأن الحدود تفتح تارة وتغلق تارة أخرى، وهذا الإرباك كان وبالا على مزارعي الرمان الأفغان، لأنهم ما عادوا يجدون من يشتري منهم المحاصيل.
وتزايد إنتاج النبتة المخدرة في أفغانستان، بشكل متواصل، خلال السنوات الأخيرة، رغم إنفاق مليارات الدولارات من قبل الولايات المتحدة وأطراف أخرى لأجل تطويق هذا النشاط.
وتشير أرقام صادرة عن منظمة الأمم المتحدة إلى أن مساحة الأراضي المزروعة بنبات إنتاج المخدرات في أفغانستان وصلت إلى 224 ألف هكتار في سنة 2020، وهذا يعني أنها زادت بنسبة 37 في المئة مقارنة بسنة 2019.