الطلبة رفقة السيارة
المغرب.. طلبة يبتكرون سيارة دون وقود وصديقة للبيئة
الشغف بالابتكار، العمل بجهد والإصرار على النجاح، صفات تقاسمها فريق شاب مكون من 16 طالبا ينتمون إلى المدرسة الوطنية العليا للمعادن في العاصمة المغربية الرباط، وقادتهم للتعاون المشترك من أجل ابتكار سيارة تعمل بالطاقة الشمسية.
وبعد سنوات طويلة من البحث والتطبيق والاختبار، تمكن فريق الطلبة "Mines Rabat Solar Team" المشرف على الفكرة من إخراج سيارة "إيليادورا 2" الصديقة للبيئة إلى النور.
تقول إيمان عوا، مسؤولة التواصل داخل فريق الطلبة المهندسين إن "ابتكار هذه السيارة لم يكن بالأمر الهين، حيث تطلب الكثير من الوقت والجهد، ولا زال العمل مستمرا على تطوير المركبة، لكي تستجيب لجميع المعايير التقنية التي تخول لها المشاركة في المنافسات الدولية".
وتتطلع إيمان كباقي زملائها في الفريق إلى إنتاج المزيد من السيارات والرفع من جودتها، مع عقد شراكات مع مقاولات عاملة في المجال لمساعدتهم على تطوير هذا النوع من المشاريع داخل المغرب.
مشروع طلابي
بين أسوار المدرسة الوطنية العليا للمعادن بالرباط، ولدت سنة 2014 فكرة صنع سيارة تعمل بالطاقة الشمسية، في أذهان مجموعة من الطلبة الذين تملكهم شغف البحث والابتكار.
تحكي إيمان عوا كيف انصب العمل في السنوات الأولى من التجربة على دراسة المشروع ووضع التصاميم قبل أن ينتقل الفريق بعد ذلك إلى عملية التركيب، ليتولى طلبة جدد مهمة التطوير خلال السنوات المتعاقبة.
وتقوم فكرة المشروع على أن يتحمل في كل سنة فريق جديد من الطلبة مسؤولية المشروع، ويعمل على تطوير المركبة الشمسية التي اشتغلت عليها الأفواج السابقة، من أجل بلوغ نتائج أفضل.
وتقول إيمان: "لقد تمكن الطلبة المهندسون الذين أشرفوا على المشروع سنة 2017، وبعد حوالي عامين من العمل المستمر، من التوصل إلى نتيجة تعتبر هي الأفضل إلى اليوم، وهي السيارة الجديدة التي تحمل اسم "إيليادورا 2".
سيارة المستقبل
وبعد تجربتين سابقتين، نجح الطلبة المبتكرون في تقديم "إيليادورا 2"، ويعمل الفريق الشاب حاليا على تجهيزها قصد المشاركة في التظاهرات الرياضية الدولية الخاصة بهذا النوع من السيارات.
وتبلغ سرعة هذه المركبة 120 كيلومترا في الساعة، بفضل استخدام ألياف الكربون -الصديق للبيئة- في صناعتها، كما عمل مطوروها على تغطيتها بألواح شمسية أحادية البلورة، مع تحسين البطاريات والطاقة ونظام القياس عن بعد.
ومن بين التحديات التي تواجه فريق العمل اليوم، وفق إيمان عوا، إعطاء السيارة وزنا خفيفا، والرفع من سرعتها، وخلق نوع من التوازن بين الشحن عبر الطاقة الشمسية والكهربائية لكي تكون قادرة على قطع مسافات طويلة دون توقف خلال المشاركة في المنافسات الدولية.
وتشير المتحدثة إلى أن توقف الدراسة بشكل حضوري خلال فترة انتشار فيروس كورونا في المغرب، كان له تأثير سلبي على وثيرة العمل داخل المجموعة، مما انعكس بشكل خاص على مدة إنجاز بعض المهمات التي تدخل في إطار تطوير المركبة المتواجدة داخل ورش المدرسة العليا للمعادن.
عمل جماعي
وقد اشتغل على مشروع إنتاج المركبة الشمسية، طلبة من تخصصات مختلفة من بينها الهندسة الصناعية، والميكانيك الكهربائية، والطاقة وتكنولوجيا المعلومات، والتواصل.
وتقول مسؤولة التواصل داخل "Mines Rabat Solar Team " إن الهدف من مثل هذه المشاريع الطلابية المشتركة، يتمثل في زرع روح المبادرة وتنمية حس المقاولة لدى الشباب المقبل على سوق الشغل.
وتعتبر إيمان بأن مبادرة من هذا القبيل تمثل تجربة جديدة بالنسبة للطلبة، وتمنحهم فرصة الاستئناس بأجواء العمل وسط بيئة مهنية مع فريق متعدد التخصصات، إلى جانب الوعي بأهمية العمل الجماعي من أجل تحقيق هدف مشترك.
طموح وتحدي
ويراهن فريق الطلبة المهندسين على المسابقات العالمية للسيارات الشمسية التي تعرف منافسة طلبة مبتكرين من مختلف أنحاء العالم، لإبراز قدرات سيارة "إيليادورا 2" التي قاموا بابتكارها.
وتشير إيمان عوا، إلى أن التركيز منصب حاليا على إعداد كل الترتيبات اللازمة من أجل دخول تحدي "ساسول للطاقة الشمسية"، الذي سيقام في شهر أكتوبر من العام المقبل بجنوب إفريقيا، بمشاركة حوالي عشرة فرق محترفة، ويغطي أزيد من 2500 كيلومترا.
ويسعى الطلبة من خلال تصنيع سيارات تعمل بالطاقة الشمسية قادرة على دخول المنافسات العالمية وتجوب الطرقات، إلى إبراز أهمية التكنولوجيا الصديقة للبيئة، والتحسيس بضرورة التوجه أكثر نحو الطاقات المتجددة، لا سيما في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم.