الأسرى الفلسطينيين الذين ألقي القبض عليهم بعد أيام من فرارهم
كيف اعتقل الاحتلال الإسرائيلي "أسرى جلبوع" .. القصة الكاملة بالصور والفيديو
نجح ستة أسرى فلسطينيين في انتزاع حريتهم وأربكوا حسابات كيان الاحتلال الإسرائيلي على كل الأصعدة لأيام، قبل أن تتمكن من إلقاء القبض على أربعة منهم فيما لا يزال اثنان منهم يتنسمون هواء الحرية في بحر من التعقيدات والتحديات الأمنية.
ففي ساعة متأخرة من مساء الجمعة، أعلن سلطات الإحتلال الإسرائيلي، القبض على اثنين من الفلسطينيين الستة الذين فروا من سجن جلبوع في مدينة الناصرة.
والمعتقلان هما: محمود عبد الله عارضة ويعقوب محمود قادري من حركة الجهاد الإسلامي.
ومع ساعات فجر السبت، جرى اعتقال أسيرين آخرين من الأسرى المطاردين، قرب بلدة الشبلي في منطقة الجليل، ليرتفع بذلك عدد الأسرى المعاد اعتقالهم إلى أربعة من أصل 6 استطاعوا تحرير أنفسهم من سجن جلبوع قبل عدة أيام.
وأفادت القناة العبرية أن قوات خاصة اعتقلت الأسيرين زكريا الزبيدي ومحمد العارضة في موقف للسيارات قرب جبل الطور القريب من مرج ابن عامر شمال فلسطين المحتلة.
وتعددت روايات الإعلام العبري، حول ظروف وملابسات اعتقال الفلسطينيين الأربعة، فيما لا يزال الغموض يحيط بحقيقة الوصول إليهم وكيف عجزت مخابرات الإحتلال الإسرائيلي عن القبض عليهم طوال أيام من هروبهم من السجن عبر نفق أصبح يطلع عليه "نفق الحرية".
وجاء في التفاصيل، أن شرطة الاحتلال الاسرائيلي اعتقلت الأسيرين "العارضة وقادري" بعد تلقيها بلاغا من قبل أحد المواطنين، في الوقت الذي لجئا فيه لطلب الطعام.
ونقلت وسائل إعلام عبرية، عن مسؤول في الجيش الإسرائيلي، أن زكريا الزبيدي حاول الفرار والمقاومة ولكنه كان متعبًا.
ونقلت وسائل إعلام فلسطينية عن شهود عيان قولهم إن طائرات استطلاع مسيرة حلقت فوق حقل للزيتون وموقف للشاحنات واقع بين قريتي الشبلي وأم الغنم في الناصرة، قبل أن تصل أعداد كبيرة من القوات الخاصة التابعة لشرطة الاحتلال الإسرائيلي وتنفذ عملية اعتقال الأسيرين المتحررين زكريا الزبيدي ومحمد العارضة.
وذكر تقرير أورده الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أنه وخلافا لمزاعم الشرطة بأن إعادة اعتقال الأسيرين الزبيدي (45 عاما) وعارضة (39 عاما) جاءت في أعقاب "معلومات استخباراتية"، إلا أن العثور جرى بواسطة قصاصي أثر من قوات الاحتياط التابعة لجيش الاحتلال، وفقا لما نقله موقع "عرب 48".
وأشار التقرير إلى أن ثلاثة من قصاصي الأثر توصلوا إلى مكان تواجد الزبيدي والعارضة بالاعتماد على "آثار أقدامهم وعلبة سجائر وعلبة شراب"، و"حددوا مكانهما في حقل زيتون ملاصق لموقف شاحنات في أم الغنم، بينما كان عارضة نائما في شاحنة وكان الزبيدي يسير مرهقًا، واتصلوا على الفور بقوات الأمن التي نفذت عملية الاعتقال".
وادعى التقرير أن "تقصي الأثر بدأ في الساعة 22:30 من مساء الجمعة، من نقطة قدرت قوات الأمن أن الأسيرين مرا بها، وحلل قصاصو الأثر الطريق الذي سلكه الزبيدي وعارضة طوال الليل، وقدروا على أنهما اتبعا مسارا قادهما إلى موقف الشاحنات في أم الغنم، اعتمادا على آثار الأقدام المتبقية في المنطقة، بالإضافة إلى علبة سجائر وعلبة شراب".
وبحسب التقرير فإن العثور على الزبيدي وعارضة في موقف للشاحنات في قرية أم الغنم بالقرب من جبل الطور، عقب إعادة اعتقال الأسرين محمود عبد الله عارضة (46 عاما) ويعقوب محمود قادري (49 عاما) في أطراف مدينة الناصرة، تمت بواسطة ثلاثة عناصر من وحدة "مرعول" لتعقب الأشخاص بناءً على تحليل ميداني بينهم قائد الوحدة التي تأسست عام 2014.
وأظهرت صوراً للكدمات في وجه الزبيدي، تؤكد الاعتداء عليه.
وأفادت بأن 3 مقاتلين من وحدة تعقب الآثار هم الذين تمكنوا من اكتشاف آثار الزبيدي وعارضة ما أدى لاعتقالهم.
وبالرغم من اعتماد الرواية هذه وتبنيها من قبل معظم وسائل الإعلام العبرية، إلا أنها ووجهت بتشكيك كبير واتهام للاحتلال بمحاولة زرع الفتنة بين الفلسطينيين في الداخل المحتل.
وزعمت وسائل إعلام عبرية عن مصدر كبير في الشاباك قوله إن المعلومة الذهبية التي دلت على الأسيرين "العارضة وقادري" كانت عندما اكتشفنا مكالمة بينهم وبين قيادي كبير في غزة.
وفيما يتعلق بالأسيرين مناضل نفيعات وأيهم كمامجي اللذين كانا ضمن المجموعة التي خرجت عبر النفق، تشير التقديرات في المؤسسة الأمنية لدى كيان الاحتلال أنها انفصلا عن بعضهما البعض وأن أحدهما على الأقل يتواجد في الضفة الغربية.
وتتواصل في كيان الاحتلال الإسرائيلي والمناطق العربية وكذلك في مدن الضفة الغربية، عمليات البحث والتفتيش عن الأسيرين الذين شاركا في عملية الفرار من سجن الجلبوع بمشاركة قوات كبيرة من جيش الاحتلال والشاباك.
ورغم وضع القيود في يديه وقدميه، إلا أن الأسير زكريا الزبيدي أحد مؤسسي كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح، ظهر مرفوع الرأس لحظة إعادة اعتقاله برفقة المحرر محمد عارضة.
وتعرض الزبيدي لاعتداء وحشي لحظة القبض عليه فيما حاولت وسائل إعلام عبرية ترويج صورته بعد الاعتداء عليه وكأنها انتصار.
وتفاعل الفلسطينيون مع نبأ اعتقال الأبطال الأربعة بحزن وقهر بالغين، وسط دعوات لانتفاضة شعبية وإضرابات عامة في عموم مناطق فلسطين.
كما صدرت دعوات شبابية لمسيرات عارمة في كل أرجاء فلسطين وعلى جميع نقاط التماس مع الاحتلال اليوم عند الرابعة عصراً.
على صعيد الفصائل الفلسطينية، قال القيادي في حركة الجهاد خضر عدنان، إن إعادة اعتقالهم " لن يكسرهم وهما أحرار وسيبقون أحرار".
ودعا عدنان، جميع أهالي جنين لأن نتحرك فورا لمسقط رأس الأسيرين البطلين في بلدة عرابة ولنرفع شعارات الحرية والعزة والكرامة.
وأضاف: "أقول للمقاومة بأن محمود عارضة رفع رؤوسكم عاليا وأدعو لأن يكون رأس حربة على قوائم التحرير القادمة".
وتابع: "شعبنا أبلى بلاء حسنا في الدفاع عن الأسرى الأبطال ونحن على ثقة بأن شعبنا في الداخل شعب كريم ومجاهد وأبدا لن يقبل أن يكون عونا للإحتلال".
وبدورها، دعت حركة المقاومة الشعبية الفلسطينيين في الداخل المحتل، إلى ضرورة تقديم العون والمساعدة للمحررين، واغاثتهم وعدم الالتفات إلى تهديدات العدو.
وقالت: "إن أسرانا المحررين الذين لا زالوا ينعمون بالحرية والعزة والكرامة سيبقون شامة عز في جبين الوطن، وإن حمايتهم واجب شرعي على كل فلسطيني شريف".
ومن جهتها، حملت حركة فتح الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن حياة الأسرى وحذرت من تداعيات المس بهم.
وطالبت في بيان لها، مؤسسات المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية بالتدخل لتوفير الحماية للأسرى داخل سجون الاحتلال ولوقف الهجمة الاحتلالية التي تمارس عليهم.
وقالت حركة "حماس"، أن اعتقال أبطال نفق الحرية ما هو إلا جولة من جولات الصــراع المفتوح والممتد مع الاحتلال والتي ستشكل القوة الدافعة لأبناء الشعب الفلسطيني ولأهل الضفة المحتلة لاستمرار المقاومة في وجه الاحتلال نصرة للأسرى ودفاعا عن حقوقهم وحماية لأرضهم ومقدساتهم".
وأضاف الناطق باسم حماس فوزي برهوم "سيسجل التاريخ المشهد البطولي والشجاع للأسرى الستة أبطال معركة نفق الحرية في كسر هيبة الاحتلال ومنظومته الأمنية والحالة الوطنية الشعبية الجامعة التي واكبت هذا الحدث البطولي الكبير التفافا وإسنادا لقضية الأسرى".
وأشار برهوم إلى أن معركة نفق الحرية أحيت الأمل في نفوس أبناء الشعب بأن الضفة العارمة وانفجارها في وجه الاحتلال للخلاص منه ما هي إلا مسألة وقت والذي يتطلب توسيع الاشتباك مع العدو وتكثيف الفعل الجهادي المقاوم في كل ساحات الضفة ومدنها وقراها.