نبتة تنمو في محمية ضانا
محمية ضانا.. نباتات فريدة ونادرة - صور
من أكثر المحميات عالميا غزارة في الأنواع النباتية مقارنة بالمساحة
تكشف محمية ضانا كل يوم عن أسرارها، ولا تتوقف عن إبهار زوارها من العلماء والخبراء ومحبي الطبيعة والباحثين عن رحلة تختلط فيها السكينة بالهدوء مع غروب الشمس وشروقها. ورغم كل ما تتميز به المحمية الوادعة، فإن النباتات في ضانا تجعل منها أكثر من مجرد محمية.
تشتهر محمية ضانا للمحيط الحيوي بمجموعة من الأرقام والأنواع التي جعلت منها محمية ذات أهمية عالمية، ووضعت الأردن في كثير من القضايا البيئية على الخارطة العالمية، إلا أن عالم النباتات في ضانا يبقى الأكثر تميزا في هذه المحمية الفريدة.
ضانا المحمية الهادئة، موطن أهم أنواع النباتات في الأردن، بل وعلى المستوى العالمي، وهو ما أظهرته دراسة شاملة للغطاء النباتي في محمية ضانا للمحيط الحيوي نفذتها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، من خلال كادر مركز مراقبة التنوع الحيوي وبإشراف مباشر من البروفسور الراحل الدكتور داود العيسوي في العام 2016.
ويقول اختصاصي المراقبة والتقييم في مركز مراقبة النوع الحيوي في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة المهندس أنس صباريني، إن الدراسة المذكورة قد استمرت عاما كاملا للوقوف -ما أمكن- على جميع الأنواع النباتية في العالم وجمعها وتصنيفها.
وكشفت الدراسة بحسب الصباريني عن تسجيل ما مجموعه 891 نوعا نباتيا تنتمي إلى 80 عائلة نباتية، بحيث تم أخذ إحداثيات كل منطقة لجمع العينات النباتية منها، وبعد تصنيف هذه العينات تم حفظها في المعشبة، لتمثل جميع الأنواع النباتية المسجلة في المحمية.
وبين الصباريني أن عدد الأنواع النباتية المسجلة في محمية ضانا للمحيط الحيوي خلال الدراسة المذكورة يمثل نحو ثلث الأنواع النباتية المسجلة في المملكة كاملة والبالغ أكثر من 2550 نوعا.
وأثبتت نتائج الدراسة بشكل قاطع أن محمية ضانا للمحيط الحيوي تمثل أفضل موقع للتنوع الحيوي النباتي على المستوى الوطني، وهو ما يتماشى مع تصنيفات منظمة UNESCO المسؤولة عن تسمية محميات المحيط الحيوي في العالم، حيث يمكن القول وبناء على معايير UNESCO أن محمية ضانا للمحيط الحيوي تعد من أكثر المحميات غزارة في الأنواع النباتية مقارنة بالمساحة (891 نوع/ 292 كم²).
وتشكل هذه النباتات الفريدة في محمية ضانا كنزا ثقافيا وحضاريا للسكان المحليين حيث كانت حاضرة على الدوام في الثقافة المحلية وحياتهم اليومية وكانت فوائدها حاضرة على الدوام في كل تفاصيل الحياة فاستفاد السكان المحليون من هذه النباتات في دباغة الجلود كما استخدمها السكان في صناعة الشاي المحلي وفي كثير من العدد الشعبية مثل السرج وأعمدة بيت الشعر، وفي بناء بيوت قرية ضانا، بالإضافة لدخولها في المطبخ المحلي في ضانا، كما أنها تستخدم منذ الآف السنوات في تحضير بعض الأدوية والعلاجات البسيطة.
وحول تصنيف هذه الأنواع بحسب الاستخدام يقول الصباريني أنه واعتمادا على طبيعة الاستخدام للأنواع النباتية المسجلة في القائمة النهائية، يظهر وجود حوالي 200 نوع مستساغ للرعي (palatable)، وحوالي 37 نوع صالحة للاستهلاك البشري (edible)، بالإضافة إلى وجود 32 نوعا تستخدم لأغراض الزينة، ونحو 11 نوعا تستخدم كمصدر للأخشاب، مع وجود 14 نوع سام (poisonous).
وحول ندرة بعض الأنواع وأهمية حمايتها (conservation status) على المستوى الوطني واعتمادا على القائمة الحمراء للأنواع النباتية في الأردن (RBJ, 2015 and 2017) فيوجد في ضانا ستة أنواع مصنفة على أنها معرضة للتهديد Vulnerable (VU)، و18 نوع مهدد Endangered (EN)، وخمس أنواع ذات تهديد قريب Near Threatened (NT)، ثلاثة أنواع مهددة بشكل حرج Critically Endangered (CR).
وعلى المستوى العالمي، تحظى محمية ضانا للمحيط الحيوي كذلك بمخزون من الأنواع النباتية ذات الأهمية العالية بالنظر إلى وجود على الأقل 16 نوعا نباتيا من الأنواع المتوطنة (Endemic species): والتي تعني انحصار تواجد هذا النوع في منطقة جغرافية محددة بحيث لا يوجد في أي مكان آخر بالعالم، علما بأن هذه الأنواع التي لا توجد في العالم إلا في ضانا حصرا تحمل أسماءها العالمية غير المعربة والمكونة من مقطعين والمقطع الثاني يذكر اسم المنطقة التي يوجد فيها هذا النبات:
Anthemis marismortui
Anthemis nabataea
Astragalus aaronii
Cousinia moabitica
Crucianella transjordanica
Iris edomensis
Iris nigricans
Iris petrana
Micromeria danaensis
Origanum dayi
Origanum petraeum
Romulea petraea
Rubia danaensis
Scrophularia nabataeorum
Silene danaensis
Verbascum petrae
ويرى الصباريني أن النشاط البشري بأشكاله المختلفة يعد أهم القوى الرئيسية المسببة لتدهور الغطاء النباتي، على المستوى العالمي وفي محمية ضانا للمحيط الحيوي هنالك العديد من أشكال النشاط البشري، ولكن يبرز التعدين كأخطارها لما له من آثار سلبية عديدة على الغطاء النباتي وعلى مستويات مختلفة.
وأما على مستوى التربة فإن المختص بنشاط التعدين سوف يدرك مدى التغيير في تركيب التربة والتسبب في ظاهرة انجراف وتعرية التربة (Soil Erosion) وبالتالي فقدان مناطق بذاتها تشكل بيئات صغيرة (Microhabitats) لنمو أنواع نباتية تحتاج لمثل هذه الترب ولا تتواجد في غيرها.
وعلى مستوى الموائل، وجود نشاط تعديني في المنطقة يشير إلى تغييرات متوقعة الحدوث في تركيب الموائل وخاصة إذا كانت هذه الموائل تصنف على أنها موائل هشة (Fragile Habitats) والاحتمالية العالية لفصل هذا الموئل -الذي يحتضن أنواعا نباتية مهمة- عن نسقه الطبيعي وبالتالي حدوث تقسيم للموائل (Habitats Fragmentation) الأمر الذي يزيد من إمكانية فقدان هذه الأنواع النباتية نتيجة فقدان موائلها الطبيعية.
وبالنسبة لمستوى الأنواع النباتية، فإن وجود نسبة توطن (Endemism) في الأنواع النباتية كمثل الموجود في حالة محمية ضانا للمحيط الحيوي يعتبر في حد ذاته مؤشرا عالي الأهمية -من الناحية الإيكولوجية- إذ يشير هذا المصطلح إلى اقتصار تواجد هذا النوع النباتي على هذه المنطقة أو ضمن حدود هذه البيئة فقط، بعبارة أخرى لا يوجد هذا النبات في أي منطقة في العالم إلا في ضانا. إن وجود نشاط تعديني يعني بالضرورة حدوث تغيير في هذه البيئة، ولذا احتمالية فقدان هذه الأنواع الهامة على المستوى العالمي ستكون مرتفعة.