ضربة أمريكية في كابول لتجنب هجوم جديد مع استمرار آخر عمليات الإجلاء
ضربة أمريكية في كابول لتجنب هجوم جديد مع استمرار آخر عمليات الإجلاء
شنّت الولايات المتحدة ضربة في كابول استهدفت آليّة مفخّخة بهدف "القضاء على تهديد وشيك" للمطار مصدره عصابة داعش الإرهابية، ولاية خراسان، في وقتٍ تواصلت آخر عمليّات الإجلاء قبل يومين من إنهاء الانسحاب الأمريكي.
وأكّد متحدّث باسم طالبان تدمير آليّة مفخّخة بينما كانت متّجهة إلى المطار، لافتاً إلى أنّ ضربة ثانية قد تكون حصلت واستهدفت منزلاً مجاوراً.
من جهة ثانية، أعلنت طالبان أنّ زعيمها الأعلى هبة الله أخوند زاده الذي لم يسبق أن ظهر علناً، موجود في أفغانستان. وقال المتحدّث باسم الحركة، ذبيح الله مجاهد، "إنّه في قندهار. إنّه يُقيم هنا منذ البداية"، فيما أورد مساعد المتحدّث بلال كريمي أنّه "سيظهر قريباً في شكل علني".
ميدانيّاً، أوضح المتحدّث باسم القيادة المركزيّة الأمريكيّة، بيل أوربان، أنّ "الضربة الأمريكيّة الدفاعيّة" بوساطة طائرة بلا طيّار، شُنّت من خارج أفغانستان واستهدفت "آليّة في كابول للقضاء على تهديد وشيك داعش الإرهابي ولاية خراسان ضدّ مطار (حامد كرزاي) الدولي".
وأضاف "نحن واثقون من أنّنا أصبنا الهدف"، لافتاً إلى أنّ "انفجارات قويّة ثانويّة مصدرها الآليّة أظهرت وجود كمّية كبيرة من المتفجّرات" بداخلها.
وتُجري الولايات المتحدة تحقيقاً في ما إذا كان مدنيّون قُتِلوا بالغارة الجوّية في كابول، وفق ما أعلن أوربان الأحد في بيان.
وجاء هذا البيان بعد أن ذكرت شبكة "سي إن إن" الإخباريّة أنّ تسعة من أفراد إحدى العائلات، بينهم ستّة أطفال، قتِلوا في الغارة الجوّية الأحد.
كما أفادت وسائل إعلام محلّية بمقتل مدنيّين في هذه الغارة، غير أنّه لم يتسنَّ لوكالة فرانس برس التحقّق من ذلك.
وقال أوربان "نحن على علم بتقارير عن سقوط ضحايا مدنيّين في أعقاب الغارة (التي نفّذناها) على آليّة في كابول اليوم (الأحد)". أضاف "ما زلنا نُقيّم نتائج هذه الضربة التي نعرف أنّها عطّلت تهديداً وشيكاً لتنظيم داعش ولاية خراسان" ضدّ مطار كابول.
وتابع "سنشعر بحزن عميق إزاء أيّ خسائر محتملة في أرواح الأبرياء".
بعد الهجوم الانتحاريّ الذي تبنّاه داعش ولاية خراسان وأودى الخميس بـ13 جندياً أميركياً ونحو مئة أفغاني من بين آلاف تجمّعوا أمام المطار لمحاولة مغادرة البلاد، حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن من هجوم "محتمل جدّاً" على مطار كابول الأحد أو الاثنين.
وحضّت السفارة الأمريكيّة في كابول جميع الأمريكيين على مغادرة محيط المطار، وهو تحذير تُكرّره منذ بضعة أيّام "بسبب تهديد محدّد وموثوق".
وكانت الولايات المتحدة أعلنت السبت أنّها شنّت ضربة أولى بطائرة مسيّرة في شرق أفغانستان، أسفرت عن مقتل عنصرين "مهمّين" في تنظيم داعش وإصابة ثالث، محذّرةً من أنّها لن تكون الضربة "الأخيرة".
300 أمريكي
استقبل بايدن الأحد، في قاعدة عسكريّة في ديلاوير (شمال شرق)، رفات الجنود الأمريكيّين الـ13، في وقتٍ يتعرّض لوابل من الانتقادات على خلفيّة إدارته الأزمة الأفغانيّة.
ودخلت عمليّات إجلاء الأجانب والأفغان، الهاربين من نظام طالبان، مرحلتها الأخيرة الأحد في مطار كابول، قبل يومين من إنهاء الانسحاب الأمريكي.
ويُشارك وزراء خارجيّة دول عدّة الاثنين، في مؤتمر بالفيديو، لمناقشة الخطوات المقبلة في أفغانستان، على ما أعلنت وزارة الخارجيّة الأمريكيّة الأحد.
كما يُعقد الاثنين في مقرّ الأمم المتّحدة، اجتماع للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في أفغانستان.
وأعلن وزير الخارجيّة الأمريكي أنتوني بلينكن الأحد لمحطّة "إيه بي سي" أنّه لا يزال هناك "300 أميركي على الأكثر" ينبغي إجلاؤهم من أفغانستان.
منذ العودة المفاجئة لطالبان منتصف آب/أغسطس إلى الحكم، بعد هزيمة الجيش الأفغاني الذي لطالما كان مدعوماً من الأمريكيّين وحلفائهم قبل أن يبدأ هؤلاء انسحابهم، غادر نحو 114,400 شخص البلاد في طائرات استأجرتها خصوصاً الدول الغربيّة، حسب أرقام أصدرها البيت الأبيض.
وانتهت السبت عمليّة الإجلاء البريطانيّة من أفغانستان، مع إقلاع آخِر طائرة نقلت العسكريّين المتبقّين.
وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس إنّ ما يصل إلى 1100 أفغاني مؤهّلين للإجلاء إلى بريطانيا بقوا في البلد، فيما أكّد قائد القوّات المسلّحة البريطانيّة الجنرال نيك كارتر أنّ لندن ستستقبلهم إذا تمكّنوا من مغادرة البلاد بوسيلة أخرى بعد انتهاء المهلة، معتبراً أنّ "عدم التمكّن من إخراج الجميع أمر مفجع".
وأعلنت فرنسا وسويسرا وإيطاليا وإسبانيا والسويد الجمعة أنّها أنهت رحلات الإجلاء، على غرار ألمانيا وهولندا وكندا وأستراليا قبلها.
من جانبه، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت أن فرنسا أجلت 2834 شخصاً من أفغانستان وتُجري "محادثات" مع طالبان وقطر لمواصلة إخراج الأفغان المعرّضين للخطر.
وقال في مقابلة الأحد إنّ فرنسا وبريطانيا ستدعوان خلال اجتماع للأمم المتحدة إلى العمل على إقامة "منطقة آمنة" في كابول لمواصلة العمليّات الإنسانيّة.
وأكّد ماكرون في وقت لاحق عبر محطّة "تي إف 1"، أنّ إقامة حوار مع طالبان لا يعني اعترافاً لاحقاً بحكومتهم، طارحاً شروطاً عدّة، بينها "احترام حقوق الإنسان" و"كرامة النساء الأفغانيات".
وقال الرئيس الفرنسي من إربيل في كردستان العراق، "لدينا عمليّات ننفّذها هي عمليّات الإجلاء"، و"مَن يسيطرون على كابول وعلى الأراضي (الأفغانيّة) هم طالبان، إذاً في شكل عملانيّ (...) علينا أن نجري مباحثات"، لكنّ "ذلك لا يعني اعترافاً لأنّنا طرحنا شروطاً".
كما اعتبر ماكرون الأحد أنّ وصول مهاجرين من أفغانستان إلى أوروبا بعد سيطرة طالبان على السلطة، لن يكون بحجم تدفّق اللاجئين بأعداد هائلة عام 2015 جرّاء الحرب في سوريا.
وقال لمحطتَي "تي إف 1" و"إل سي إي"، "لا أظنّ أنّ الوضع الذي سنشهده يُقارن بما حصل في 2015، لأنّ أفغانستان ليست سوريا ولأنّه سبق أن حصلت تحرّكات كبيرة" لمهاجرين أفغان على مر السنين.
وقد سعت حركة طالبان، منذ عودتها، إلى إظهار صورة انفتاح واعتدال.
وأعلنت نحو مئة دولة الأحد، بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، في بيان أنّها تلقّت تعهّداً من طالبان بأن تسمح بمغادرة جميع الأجانب والأفغان الذين يحملون إذناً بالإقامة في بلد آخر، حتّى بعد الانسحاب الكامل للقوّات الأمريكيّة المقرّر الثلاثاء.
من جهته، أكّد وزير التعليم العالي بالوكالة في حكومة طالبان، عبد الباقي حقّاني، أنّ الأفغانيّات يستطعن متابعة الدراسة في الجامعات، لكن في صفوف غير مختلطة، موضحاً أنّ النظام الجديد يعتزم اقتراح برنامج تعليمي "إسلامي ومنطقي".