مسؤول إعلامي في حركة طالبان
هل يمكن أن تتخلى طالبان عن موارد المخدرات؟
هل ستكف طالبان التي تتولى السلطة الآن في كابول عن إنتاج الهيرويين الذي زاد بشكل كبير في أفغانستان في السنوات الأخيرة وساعد في تمويلها؟ هذا ما أكده قادتها، لكن خبراء يرون أن هذه وعود يصعب أن يفوا بها.
وفي أول مؤتمر صحافي للحركة الثلاثاء، أكد المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد في كابول أن السلطات الجديدة لن تحول افغانستان أكبر منتج للأفيون في العالم إلى دولة مخدرات حقيقية. وأضاف "نؤكد لمواطنينا وللمجتمع الدولي أننا لن ننتج المخدرات".
وتابع "من الان فصاعدا لن يشارك أحد (في تجارة الهيرويين) ولن يتمكن أحد المشاركة في تهريب المخدرات".
ويرى محللون أن الخطاب المناهض للمخدرات إلى جانب وعود مماثلة باحترام حقوق الإنسان وحرية الإعلام، تندرج كلها في إطار جهود هؤلاء القادة الجدد ليبدوا أكثر اعتدالا ويكسبوا بالتالي دعم المجتمع الدولي.
ويأتي الجزء الأكبر من الأفيون والهيرويين المستهلك في العالم من أفغانستان وينتج ويصدر من مناطق تسيطر عليها حركة طالبان التي فرضت ضرائب على الأفيون وقامت بتسويقه خلال تمردها الذي دام عشرين عاما.
وقال جوناثان غودهاند خبير تجارة المخدرات الدولية في جامعة "اس او ايه اس" في لندن إن هذه المخدرات أصبحت مصدرا حيويا لواردات الحركة التي قد تجد صعوبة في حظرها. وأضاف أنه يتوقع أن "تثير هذه القضية سلسلة من الخلافات داخل الحركة".
وتابع غودهاند أن أعضاء الحركة "يريدون تقديم صورة عن أنفسهم أكثر اعتدالا وأكثر انفتاحا على التعامل مع الغرب ويدركون أن المخدرات هي وسيلة لتحقيق ذلك".
من جهة أخرى سيؤثر أي قمع على المزارعين في ولايتي هلمند وقندهار المعقل السياسي لطالبان.
قال ذبيح الله مجاهد الثلاثاء إن أفغانستان "ستحتاج إلى مساعدات دولية" لتصبح "دولة خالية من المخدرات" من أجل تزويد المزارعين محاصيل بديلة عن الخشخاش الذي تتم معالجته لإنتاج المورفين والهيرويين.
وقد تبدو المطالبة بمساعدات دولية مثيرة للسخرية لدى العاملين في حلف شمال الأطلسي والمنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة الذين حاولوا من دون جدوى كسر اعتماد أفغانستان على الخشخاش منذ عشر سنوات.
وأنفقت الولايات المتحدة حوالى 8,6 مليارات دولار بين 2002 و2017 على هذه الجهود الضائعة، حسب تقرير صدر في 2018 عن مكتب المفتش العام الأميركي الخاص لأفغانستان (سيغار).
وكانت الاستراتيجية الأمريكية تقضي بمساعدة المزارعين ماديا على تحويل زراعاتهم إلى القمح أو الزعفران والاستثمار في طرق النقل، لكن كذلك رش حقول الخشخاش بمبيدات الأعشاب أو قصف منشآت التكرير.
في كل محطة اصطدموا بمقاتلي طالبان الذين سيطروا على مناطق زراعة الخشخاش الرئيسية وجنوا مئات الملايين من الدولارات من هذه الصناعة، وفقا لتقديرات الحكومتين الأمريكية والأفغانية.
وكشفت تحقيقات أن المزارعين في المناطق التي تسيطر عليها طالبان يتعرضون غالبا لضغوط من أمراء الحرب والمقاتلين المحليين لزراعة الخشخاش.
نتيجة لذلك تحتكر هذه الدولة فعليا إنتاج الأفيون والهيرويين وتمثل بين ثمانين وتسعين بالمئة من الإنتاج العالمي، حسب الأمم المتحدة.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة إن مساحة الأرض المزروعة بالخشخاش وصلت إلى مستوى قياسي في 2017 وبلغت حوالى 250 ألف هكتار على مدى السنوات الأربع الماضية أي نحو أربعة أضعاف المساحة في منتصف تسعينات.
سيكون لسياسة طالبان في مجال المخدرات تداعيات ليس فقط على الدول الغربية ومدمنيها بل وعلى روسيا وإيران وباكستان والصين التي تعد طرقا للتهريب وأسواقا ضخمة للهيرويين الأفغاني.
وهذه ليست المرة الأولى التي تؤكد فيها الجماعة الأصولية حظر المخدرات. فقد منعت إنتاجها في العام 2000 قبل عام من الإطاحة بنظام طالبان من قبل القوات التي قادتها الولايات المتحدة.
وقالت غريتشن بيترز المؤلفة الأمريكية لكتاب "بذور الإرهاب: كيف يمول الهيرويين طالبان والقاعدة"، إن الحظر كان تكتيكيا.
وهي ترى أن عناصر طالبان "مرتبطون جدا بهذه التجارة" بشكل يجعل من المتعذر عليهم وضع حد لها وهذا البلد الفقير "لا يمكن أن يعيش بدون الأفيون".
وأوضحت أن السيطرة على البلاد ستتيح لطالبان إمكانية الوصول إلى شركات الطيران والبيروقراطية الحكومية والمصارف، التي يمكن استخدامها لتسهيل تهريب المخدرات وغسل الأموال.
وقالت "ليس لدي شك في أنهم سيستغلونها".