عناصر من حركة طالبان داخل القصر الرئاسي في افغانستان
الرئيس الأفغاني يؤكد انتصار حركة طالبان
أقر الرئيس أشرف غني الذي فر إلى خارج أفغانستان، مساء الأحد بأن "حركة طالبان انتصرت"، في حين أظهرت مشاهد تلفزيونية المتمردين يحتلفون بـ"النصر" من القصر الرئاسي في كابول.
وبعد عشرين سنة تقريبا على طردها من السلطة، بات انتصار طالبان العسكري كاملا مع انهيار القوات الحكومية في غياب الدعم الأميركي.
وفر غني الأحد في وقت أحكمت الحركة طوقها على العاصمة التي دخلها مقاتلوها واستولوا على القصر الرئاسي، على ما أظهرت مشاهد لقناة الجزيرة القطرية.
وقال متمرد للقناة إن "بلادنا تحررت، والمجاهدون انتصروا في أفغانستان".
وكتب غني على فيسبوك "انتصرت طالبان بعدما احتكمت إلى السيف والبنادق وهي مسؤولة الآن عن شرف الحفاظ على بلادها"، مؤكدا أنه غادر بلاده لتجنيبها "إراقة الدماء" لأن "عددا كبيرا من المواطنين كانوا سيقتلون" والعاصمة "كانت ستدمر" لو بقي فيها.
ولم يحدد غني مكان وجوده، لكن مجموعة "أفغان تولو" الإعلامية ذكرت أنه توجه إلى طاجيكستان.
ومساء الأحد، أعلن المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد عبر تويتر أن "وحدات عسكرية من إمارة أفغانستان دخلت مدينة كابول لضمان الأمن فيها".
في غضون عشرة أيام، تمكنت طالبان من السيطرة على كامل المناطق الأفغانية تقريبا. وكانت باشرت هجوما واسع النطاق في أيار/مايو، مع بدء الانسحاب الكامل للقوات الأجنبية.
وأتى ذلك بعد عشرين عاما على طردها من الحكم من جانب تحالف بقيادة الولايات المتحدة بسبب رفضها تسليم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، في أعقاب اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
أما الهزيمة فتعتبر كاملة لقوات الأمن الأفغانية، رغم أن الولايات المتحدة أنفقت عليها مئات مليارات الدولارات طوال عشرين عاما.
وكان رحيل غني أحد أبرز شروط طالبان خلال أشهر من المفاوضات مع الحكومة.
وأكد المتحدث باسم طالبان سهيل شاهين لهيئة "بي بي سي" الأحد، أن المتمردين يريدون انتقالا سلميا للسلطة "في الأيام المقبلة".
- "هذه ليست سايغون" -
وثمة خشية كبيرة من فراغ أمني في كابول، بعدما تخلى آلاف من عناصر الشرطة والعسكريين عن مواقعهم وأسلحتهم وبزاتهم.
توازيا، باشرت الولايات المتحدة إجلاء دبلوماسييها والمدنيين الأفغان الذين عملوا معها ويخشون على حياتهم، إلى مطار كابول. ويتعلق الأمر بنحو ثلاثين ألف شخص يتولى خمسة آلاف جندي أميركي حمايتهم.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إن "مئات" من موظفي السفارة الأميركية تم إجلاؤهم من أفغانستان وإن المطار، وهو المخرج الوحيد من البلاد، لا يزال مفتوحا أمام الرحلات التجارية.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن إرسال ألف عسكري إضافي للمساعدة في عمليات الإجلاء، ما سيرفع عديد القوات الأميركية إلى ستة آلاف في الأيام المقبلة.
وأشارت السفارة الأميركية إلى تلقيها "معلومات عن إطلاق نار في المطار"، من دون تأكيد ذلك.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن الحلف يساعد في تأمين المطار الذي يتوجه إليه الغربيون والأفغان لمغادرة أفغانستان.
ودافع بايدن عن قراره وضع حد لحرب استمرت عشرين عاما في هذا البلد.
وقال الأحد "أنا الرئيس الرابع الذي يحكم مع انتشار عسكري أميركي في أفغانستان (...) لا أريد أن أنقل هذه الحرب إلى رئيس خامس".
بدوره، أكد وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن لشبكة "سي ان ان" أن "هذه ليست سايغون"، في إشارة إلى سقوط عاصمة فيتنام العام 1975 في حدث لا يزال مؤلما في الذاكرة الأميركية.
في المملكة المتحدة، دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الغربيين إلى تبني "موقف مشترك" في مواجهة طالبان "لتفادي أن تغدو أفغانستان مجددا تربة للإرهاب".
وتعمل لندن أيضا على إجلاء طاقمها الدبلوماسي، على غرار دول أوروبية أخرى.
طوال النهار، سادت حال من الهلع في العاصمة، حيث أغلقت المحلات أبوابها وباتت زحمة السير خانقة وشوهد شرطيون يستبدلون بزاتهم بملابس مدنية.
وشهدت غالبية المصارف ازدحاما، وسط تهافت الناس على سحب أموالهم قبل فوات الأوان.
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، أظهرت مقاطع مصورة مقاتلين من حركة طالبان مدججين بالسلاح يسيرون دوريات في المدن الكبرى، حاملين أعلاما بيضاء وملقين التحية على السكان.
وسيطر الخوف على كابول، ولا سيما في صفوف عشرات آلاف الأشخاص الذين لجأوا إليها في الأسابيع الأخيرة.
وقال طبيب طلب عدم كشف هويته وصل من قندوز (شمال) مع 35 من أفراد عائلته "أخشى وقوع معارك كثيرة هنا. أفضل العودة إلى دياري حيث أعرف أن القتال توقف".
وقال التاجر طارق نظامي (30 عاما) لوكالة فرانس برس في وسط العاصمة "نحن نقدر عودة طالبان إلى أفغانستان، لكننا نأمل في أن يفضي وصولهم إلى السلام وليس إلى حمام دم. أتذكر الفظائع التي ارتكبتها طالبان، عندما كنت طفلا صغيرا".
يخشى كثير من الأفغان المعتادين على الحرية التي تمتعوا بها في السنوات العشرين الماضية، وخصوصا النساء، عودة طالبان إلى السلطة.
فعندما حكمت البلاد بين 1996 و2001 قبل أن يطردها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة من السلطة، فرضت طالبان رؤيتها المتطرفة للشريعة الإسلامية. فمنعت النساء من الخروج بدون محرم ومن العمل. كذلك، منع تعليم البنات، وكانت النساء اللواتي يتهمن بالزنا يتعرضن للجلد والرجم.
غير أن طالبان الحريصة اليوم على إظهار صورة أكثر اعتدالا، تعهدت مرارا، إذا عادت إلى السلطة، احترام حقوق الإنسان، خصوصا حقوق المرأة، بما يتوافق مع "القيم الإسلامية".
لكن في المناطق التي سيطروا عليها في الفترة الأخيرة، اتهم عناصر طالبان بارتكاب كثير من الفظائع، من قتل مدنيين وقطع رؤوس وخطف مراهقات لتزويجهن بالقوة.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد طالبان وجميع الأطراف الأفغانية الأخرى إلى ممارسة "أقصى درجات ضبط النفس" معربا "عن قلقه خصوصا حيال مستقبل النساء والفتيات اللواتي يجب حماية حقوقهن المكتسبة بصعوبة".
