شاهد كيف تعاملت قطر مع جائحة كورونا اقتصاديا

عربي دولي
نشر: 2021-07-14 11:41 آخر تحديث: 2021-07-14 13:12
قطر - ارشيفية
قطر - ارشيفية

ألقت التأثيرات التي طرأت على الاقتصاد العالمي خلال أزمة جائحة فيروس كورونا بظلالها على الاقتصاد القطري، غير أن الإجراءات التي اتخذتها دولة قطر وحزم التحفيز الاقتصادي للقطاعات الاقتصادية المتضررة أسهمت في صمود الاقتصاد القطري في وجه الجائحة.

وبحسب التقرير الاقتصادي الذي اعدته وكالة الأنباء القطرية (قنا)، لصالح اتحاد وكالات الانباء العربية (فانا)، شكل التفكير الاستباقي وسرعة التأقلم مع المتغيّرات ركيزةً أساسية لخطط وبرامج الدولة، كما تم اعتماد المرونة لتكون نهجًا رئيسيًا في التعامل مع مختلف التحديّات الإقليمية والدولية لا سيما خلال الوضع الراهن الذي شهدته جميع دول العالم إثر تفشي الوباء وانخفاض أسعار النفط والغاز.

ومع بدء انتشار فيروس كورونا خلال شهر آذار من عام 2020، سارعت قطر إلى إقرار مجموعة من الإجراءات الاستباقية المرنة لمنع تفشي الفيروس، مصحوبة بسياسات تحفيز مالي للقطاعات المتضررة وبقيمة 75 مليار ريال قطري مع إعفاء السلع الغذائية والطبية من الرسوم الجمركية لمدة ستة أشهر، وذلك في استجابة مبكرة لأي تداعيات أو تبعات مستقبلية للجائحة، وكان لهذه السياسات دور مهم في إنعاش صمود الاقتصاد القطري.

ووجه مصرف قطر المركزي البنوك لتأجيل أقساط القروض المستحقة والفوائد أو العوائد المترتبة عليها، لمن يرغب من القطاعات المتضررة التي شملتها قرارات اللجنة العليا لإدارة الأزمات، وذلك لمدة ستة أشهر، فضلا عن توفيره سيولة إضافية للبنوك العاملة بالدولة، وتوجيه بنك قطر للتنمية بتأجيل الأقساط لجميع المقترضين لمدة ستة أشهر، كما قامت الصناديق الحكومية بزيادة استثماراتها في البورصة بمبلغ 10 مليارات ريال.

وتزامن ذلك مع اتباع دولة قطر سياسة نقدية متزنة لمواجهة تداعيات الجائحة تمثلت في تقليص أسعار الفائدة الرئيسية لديها، لتشمل سعر الإيداع وسعر الإقراض الرسميين وسعر إعادة الشراء، بالإضافة إلى جملة من الإجراءات لتوفير السيولة اللازمة للبنوك لمواجهة أي ركود محتمل.

وخلال العام الحالي، اعتمد مجلس الوزراء القطري، حزم دعم إضافية للقطاعات المُتَضَرِّرَة من الإغلاقات المترتبة على الإجراءات الاحترازية للتعامل مع انتشار فيروس كورونا، تمثلت في الإعفاء من رسوم الكهرباء والماء للقطاعات المغلقة، وتمديد العمل ببرنامج الضمانات الوطني لدى بنك قطر للتنمية إلى نهاية شهر ايلول المقبل من العام الحالي، ومد فترة الإعفاء من الفوائد سنة إضافية لبرنامج الضمانات الوطني لكي يصبح سنتين دون فوائد، بالإضافة إلى سنتين سداد بفائدة لا تتجاوز سعر مصرف قطر المركزي زاد 2 بالمئة.

كما تضمنت حزم الدعم، رفع حدود تمويل الرواتب والأجور للقطاعات المغلقة إلى 15 مليون ريال قطري للبطاقة الشخصية الواحدة مع الإبقاء على باقي الشروط والأحكام ذات الصلة، واستمرار مصرف قطر المركزي في دعم سيولة البنوك المحلية حسب الحاجة.

ولم تكن تلك السياسات والمعالجات هي وحدها التي اسهمت في صمود الاقتصاد القطري أمام أزمة كورونا، بل إن هذه الأزمة جاءت في وقت كانت قطر، تمضي قدما في تطوير التشريعات الاقتصادية التي عكست رؤية استشرافية للمستقبل، وهو ما خفف من تداعيات الأزمات والتحديات التي واجهت الاقتصاد العالمي.

وكان من أبرز تلك التشريعات تنظيم استثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي، والذي يتيح لغير القطريين الاستثمار في جميع القطاعات، بما فيها البنوك وشركات التأمين، كما يسمح القانون بالتملك للمستثمر الأجنبي بنسبة 100 بالمئة في غالبية قطاعات الاقتصاد، علاوة على القانون رقم (12) لسنة 2020 بتنظيم الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص وقانون تنظيم تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها، والذي يجيز للأجانب تملك العقارات وفقا لضوابط تم تحديدها.

كما أن التوجهات التي بدأتها دولة قطر نحو تنويع اقتصادها اسهمت هي الأخرى في مواجهة الأزمات والتحديات الاقتصادية، ولعل من بينها الاستثمار في قطاعات حيوية ومهمة منها الصحة والتكنولوجيا، وتطوير المناطق الحرة، ومواصلة مشاريع البنى التحتية العملاقة كتوسعة مطار حمد الدولي وميناء حمد بما يرسخ الانفتاح الاقتصادي للبلاد.

واكد مدير عام غرفة قطر صالح حمد الشرقي أن السياسات الاقتصادية التي تنتهجها دولة قطر قد أثبتت نجاعتها خلال أزمة كورونا، حيث استطاع الاقتصاد القطري أن يتغلب على الآثار السلبية للأزمة وأن يحافظ على مرونته ويستمر في جذب مزيد من الاستثمارات، كما بدأ النشاط الاقتصادي يعود إلى مستويات ما قبل كورونا، مدفوعا بالحزمة المالية التي أقرتها الحكومة بهدف مساعدة القطاع الخاص على تخطي الأزمة.

وأشاد الشرقي بالقوانين والتشريعات التي أقرتها بلاده خلال السنوات القليلة الماضية، مؤكداً أنها ساهمت في الحيلولة دون حدوث تأثيرات كبيرة على الاقتصاد كما ساعدت في تجاوز الأزمة بأقل الخسائر، خاصة قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقانون استثمار رأس المال غير القطري وغيرها من التشريعات المهمة.

وتؤكد المؤشرات الاقتصادية المختلفة لدولة قطر أن الإجراءات التي تم اتخاذها والحزم التحفيزية المقدمة، والسياسات المالية المتبعة، فضلا عن تحسن أسعار النفط قد انعكست إيجابا على مختلف الأصعدة الاقتصادية.

وأظهرت العديد من المؤشرات أن الاقتصاد القطري في طريقه نحو التعافي وخلال فترة قياسية، حيث كشفت بيانات جهاز التخطيط والإحصاء أن الميزان التجاري لدولة قطر حقق خلال الربع الأول من العام الحالي فائضاً مقداره نحو 40 مليار ريال قطري مقارنة بفائض الميزان التجاري للربع الأول من العام الماضي الذي بلغ نحو 34 مليار ريال.

وبلغت قيمة الصادرات القطرية بما في ذلك الصادرات من السلع المحلية وإعادة التصدير خلال الربع الأول من العام الحالي ما قيمته 64 مليار ريال بارتفاع قدره 5ر4 مليار ريال قطري.

كما أظهرت بيانات الميزان التجاري السلعي للدولة قفزة كبيرة في شهر أيار الماضي حيث بلغت النسبة 4ر211 بالمئة على أساس سنوي، مقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي 2020، كما سجل زيادة شهرية بنسبة 9ر29 بالمئة بالمقارنة مع نيسان من العام الحالي، ليصل لنحو 17 مليار ريال.

وبدأت صادرات القطاع الخاص القطري بالتحسن والنمو خلال الأشهر الأخيرة، بعد أن كانت قد شهدت تراجعاً بسبب تداعيات الجائحة، حيث بلغت قيمتها 2ر1 مليار ريال في شهر تشرين الثاني العام الماضي وارتفعت إلى 33ر1 مليار ريال في شهر كانون الاول الماضي ثم ارتفعت إلى 5ر1 مليار ريال في شهر كانون الثاني من العام الحالي 2021 .

ثم ارتفعت صادرات القطاع الخاص القطري مرة أخرى إلى 64ر1 مليار ريال قطري في شهر شباط من العام الحالي محققة أعلى ارتفاع في 10 أشهر، لتقفز مجددا إلى 94ر1 مليار ريال خلال شهر آذار الماضي محققة أعلى مستوى منذ بدء جائحة كورونا وبارتفاع قياسي بنسبة 238 بالمئة.

وحقق القطاع الصناعي نموا ملحوظاً خلال العام الماضي، حيث أظهرت بيانات رسمية نمو عدد المنشآت الصناعية المسجلة بدولة قطر خلال العام 2020 إلى 927 منشأة صناعية مقارنة مع 862 منشأة خلال عام 2019، وباستثمارات وصلت قيمتها لنحو 263 مليار ريال قطري.

وبالإضافة لذلك، كان للقطاع الخاص دور حيوي ومهم في مواجهة جائحة فيروس كورونا حيث أطلقت غرفة قطر مبادرات وأنشطة اسهمت في تخفيف وطأة أزمة الوباء على قطاعات الأعمال وتحفيز الشركات.

وبهذا الصدد، أشار الشرقي إلى الدور الذي لعبته غرفة قطر خلال أزمة الفيروس من خلال القيام بدورها تجاه المجتمع، لا سيما من خلال مبادرة (تكاتف) التي سعت إلى تشجيع منتسبي الغرفة من القطاع الخاص والشركات المساهمة العامة واصحاب الأعمال، للمشاركة في دعم جهود دولة قطر للحد من انتشار الوباء.

واوضح الشرقي ان غرفة قطر كثفت من أنشطتها وعملت لجانها القطاعية بدور رائد في دراسة المعوقات التي تواجه الشركات المحلية وقامت الغرفة بمناقشتها مع الجهات المعنية لإيجاد حلول مناسبة لها.

ولفت الى أن القطاع الخاص القطري حافظ على إنتاجيته بالرغم من تحديات الأزمة، كما أنه استطاع أن يتغلب على هذه التحديات وعادت صادرات القطاع الخاص إلى مستوياتها قبل جائحة كورونا ووصلت إلى أسواق كثيرة.

وبفضل السياسات التي اتبعتها دولة قطر منذ بدء الجائحة للتعامل مع تأثيراتها السلبية، فقد حلت البلاد ضمن قائمة أفضل عشرين دولة قدمت إصلاحات تتعلق بتسهيل أنشطة ممارسة الأعمال للعام الماضي من بين مئة وتسعين دولة، وذلك وفقا لمجموعة البنك الدولي.

وانعكست هذه المؤشرات على التوقعات المتفائلة للاقتصاد القطري، حيث توقع تقرير أصدره البنك الدولي في نيسان الماضي، أن تسجل الدولة نموا اقتصاديا بنسبة 3 بالمئة و 1ر4 بالمئة خلال عامي 2021 و2022 على التوالي، مقارنة مع انكماش بنسبة 2ر3 بالمئة خلال العام الماضي 2020.

أخبار ذات صلة

newsletter