لحظة وصول السيسي الى بغداد
السيسي: نرفض أي تدخلات إقليمية تسعى للهيمنة وتهدد الأمن القومي العربي
شهدت العاصمة بغداد، الأحد، قمة ثلاثية تجمع جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، تأكيدا لرغبة متبادلة في تدشين مرحلة جديدة من العلاقات وأطر التعاون المشترك.
وفي الجلسة الافتتاحية لأعمال القمة، قال الرئيس السيسي إن القمة "تعد فرصة جيدة لاستمرار التشاور والتنسيق بيننا حول أهم قضايا المنطقة، في ظل التطورات الدولية والإقليمية المتلاحقة، التي تستلزم التعاون المشترك لمواجهة التحديات والأخطار المشتركة، خاصة مع ما نشهده من تدخلات إقليمية مرفوضة تسعى للهيمنة وتهدد الأمن القومي العربي وتستهدف الدول العربية، وهو الأمر الذي يدعونا إلى التكاتف وتوحيد الصف العربي والعمل على تعزيز الدور العربي في الأزمات المختلفة في منطقتنا".
وتابع "أن هذه القمة التاريخية التي يحتضنها العراق، تأتي استكمالاً لما تحقق في قمتي القاهرة وعمان، نأمل أن تكون بحق تدشينا لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية والتعاون الوثيق بين بلداننا سعياً نحو الانطلاق في السنوات القادمة الى مرحلة التنمية المستدامة والرخاء لشعوبنا، فضلاً عن المساهمة في دعم العمل العربي المشترك والعمل على صيانة الأمن القومي العربي. فمصر تسعى لخير المنطقة وشعوبها وتمد دائما جسور التعاون والإخاء لمحيطها العربي".
وأضاف: "أعيد التأكيد على قوة التزامنا بالتعاون الثلاثي بين دولنا وما يحظى به هذا الأمر من أولوية متقدمة لدينا وما نوليه له من أهمية قصوى، ولذلك فإننا نسعى، وكلنا ثقة بأن هذا الأمر يشكل هدفاً مشتركاً للجميع، إلى تجسيد التعاون الثلاثي بيننا ووضعه موضع التنفيذ على أرض الواقع من خلال الشروع في تنفيذ حزمة المشروعات الاستراتيجية التي تم الاتفاق عليها، وذلك مع إدراكنا للظروف الراهنة المرتبطة بتفشي جائحة كورونا وما صاحبها من إجراءات احترازية وتداعيات اقتصادية".
هذا وعقد رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح جلسة محادثات منفصلة مع جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس السيسي.
وغرد صالح على تويتر بعد الإشارة لاستقباله جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري، قائلا: "علاقاتنا الراسخة في التاريخ مُنطلق لمستقبل واعد لشعوبنا وشبابنا؛ رسالة بليغة وسط تحديات إقليمية جسيمة. تعافي العراق يُمهد لمنظومة متكاملة لمنطقتنا أساسها مكافحة التطرف واحترام السيادة والشراكة الاقتصادية".
وفي اجتماعه مع جلالة الملك عبد الله الثاني، أكد صالح على أهمية تعزيز التعاون الثلاثي المشترك بين العراق والأردن ومصر عبر التواصل الجغرافي، وتحقيق تكاملات اقتصادية وتجارية عبر دعم الاستثمار والمدن الصناعية المشتركة والتعاون في مجال الطاقة والربط الكهربائي، بما يعود بالمنفعة لشعوب البلدان الثلاثة.
وفي وقت سابق، وصل إلى العراق كل من جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري للمشاركة في أعمال القمة.
وأجرى رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، مراسم استقبال رسمية للرئيس المصري في القصر الحكومي بالعاصمة بغداد.
وتخلل مراسم الاستقبال عزف النشيد الوطني لكل من العراق ومصر، ثم استعراض حرس الشرف والقوات العسكرية المختلفة.
والتقى رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، اليوم الأحد، وبحضور النائب الأول السيد حسن الكعبي الرئيس المصري السيسي.
حيث رحَّب الحلبوسي بالرئيس السيسي، منوها بعمق العلاقة التاريخية والأخوية التي تجمع البلدين، مشيرا إلى أن عقد القمة الثلاثية في بغداد خطوة مهمة وكبيرة في دعم العراق وتعزيز سبل التعاون المشترك، مؤكدا دعم السلطة التشريعية في العراق للتعاون الثلاثي العراقي المصري الأردني.
كما بحث اللقاء المستجدات في المنطقة، وتأكيد أهمية تنسيق المواقف الثلاثية إزاء القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تحقيق الاستقرار.
وعبَّر الرئيس السيسي عن سعادته لزيارة بغداد، مؤكدا دعم بلاده للعراق وحفظ سيادته، وأهمية العمل لتعزيز آفاق التعاون الاستراتيجي الثلاثي، كما وجَّه الرئيس المصري لرئيس مجلس النواب دعوةً لزيارة مصر من أجل تعزيز التعاون بين السلطتين التشريعيتين.
وبحسب سياسيين، فقد يتصدر مشروع "الشام الجديد" المشترك بين الدول الثلاث أعمال القمة بما يشمله من تعاون في مجالات اقتصادية واستثمارية.
وكان الكاظمي أطلق تعبير "الشام الجديد"، لأول مرة خلال زيارته للولايات المتحدة أغسطس الماضي، وقال حينها لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إنه يعتزم الدخول في مشروع استراتيجي يحمل هذا الاسم، موضحاً أنه مشروع اقتصادي على النسق الأوروبي، يجمع القاهرة ببغداد، وانضمت إليه عمان، لتكوين تكتل إقليمي قادر على مواجهة التحديات.
مشروع "الشام الجديد" يتصدر أعمال القمة
وتأجلت القمة التي تنعقد الأحد لأكثر من مرةٍ بسبب ظروفٍ داخلية خاصةً في مصر ثم في الأردن.
ومنذ يومين، شهدت بغداد انتشاراً أمنياً مكثفاً بنشر مركبات عسكرية عند الشوارع العامة، تزامناً مع تلك القمة التي تأتي استكمالا للقمتين السابقتين في القاهرة بمصر والبحر الميت بالأردن.
واتخذت السلطات العراقية إجراءات أمنية في الطرق المحيطة بحركة مواكب القادة عبر طريق مطار بغداد الدولي أو في الأماكن التي ستشهد عقد الاجتماعات.
ونهاية مارس الماضي، أعلن رئيس الحكومة الكاظمي تأجيل القمة الثلاثية بين العراق والأردن ومصر، التي كان من المقرر عقدها في السابع والعشرين من الشهر ذاته في العاصمة بغداد، بسبب حادث تصادم قطارين في مدينة سوهاج جنوب مصر، ثم أجلت مرة أخرى بسبب تداعيات قضية الفتنة في المملكة الأردنية.
وقال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "هذه القمة ستعمق وترسخ العلاقة بين الدول الثلاث (العراق - مصر - الأردن)"، مبينا أن "جامعة الدول العربية تنظر بإيجابية للتعاون الثلاثي بين الدول الثلاث".
العرب والعالم محاكمات البشيرالسودان يقرر تسليم متهمين للجنائية الدولية
وأضاف أن "القمة الثلاثية التي ستعقد في بغداد اليوم، ستعلي من مصلحة الشعوب العربية وكيفية تحقيق القدر الأكبر من الانسجام والتوافق والتنسيق في المصالح الاقتصادية والسياسية العربية".
وأشار إلى أن "النموذج العربي الجماعي أمر جيد يحظى بتشجيع جامعة الدول العربية وتنظر له بإيجابية وسيصب بمصلحة الجامعة العربية".
وأكد الأردن أن "قمة بغداد الثلاثية تشكل خطوة هامة نحو توحيد جهود الدول الثلاث في العديد من المجالات خاصة في الشأنين الاقتصادي والسياسي".
من جانبه صرح السفير بسام راضي المتحدث باسم الرئاسة المصرية أن مشاركة الرئيس السيسي في قمة بغداد، تأتي في اطار البناء على ما تحقق خلال القمم الثلاث السابقة وتقييم التطور في مختلف مجالات التعاون ومتابعة المشروعات الجاري تنفيذها، وذلك في سياق دعم وتعميق العلاقات التاريخية المتميزة بين الدول الثلاث الأشقاء، بالإضافة إلى تعزيز التشاور السياسي بينهم حول سبل التصدي للتحديات التي تواجه الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط.
وأضاف أن السيسي سيعقد لقاءً مع جلالة الملك عبد الله الثاني للتشاور حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية على كافة الأصعدة، وذلك في إطار الروابط الوثيقة والأخوية التي تجمع بين مصر والأردن، وحرص البلدين الشقيقين على تدعيم التعاون بينهما ومواصلة التشاور المكثف حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.