حسن روحاني
روحاني يطوي ٨ سنوات من الوعود انتهت بالفشل وخيبة الأمل
انتخب حسن روحاني رئيسا للجمهورية في إيران عام 2013 واعدا بانفتاح دبلوماسي وتعزيز الحريات الاجتماعية، وأعيد انتخابه بحماسة في 2017، لكن السياسي المعتدل يستعد لطي صفحة عهد يختتم بخيبة أمل بعد عدم تحقيق العديد من هذه الوعود.
وفي حال صحّت التوقعات بفوز المحافظ المتشدد ابراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية في 18 حزيران/يونيو، سيرسّخ ذلك تعثّر عهد روحاني الذي طبعت أعوامه الأخيرة أزمة اقتصادية واجتماعية تعود بشكل أساسي الى العقوبات الأمريكية التي أعيد فرضها على الجمهورية الإسلامية منذ عام 2018.
ويقول الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية "إيريس" في باريس تييري كوفيل إن روحاني "أراد تحرير الاقتصاد الإيراني من خلال تعزيز دور القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية".
ويضيف الخبير في الاقتصاد الإيراني أن هذا التوجه "أطاح به كليا" الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب.
في 14 تموز/يوليو 2015، أي مع انتصاف الولاية الأولى لروحاني، أبرمت إيران وست قوى كبرى (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين، وألمانيا) اتفاقا بشأن برنامج طهران النووي أنهى أعواما من التوتر والمفاوضات، وفتح نافذة انفراج دبلوماسي في علاقة طهران مع الغرب.
وبموجب الاتفاق، رفعت العديد من العقوبات التي كانت مفروضة على إيران مقابل تقييد أنشطتها في المجال النووي وضمان سلمية برنامجها.
وقوبل إبرام الاتفاق في فيينا بفرحة عارمة في طهران حيث نزلت أعداد كبيرة من الناس الى الشوارع احتفالا.
"حرب اقتصادية"
لكن مفاعيل الاتفاق ذهبت أدراج الرياح بالكامل تقريبا اعتبارا من العام 2018، مع قرار ترامب الانسحاب منه بشكل أحادي وإعادة فرض عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية، ضمن سياسة "ضغوط قصوى" اعتمدتها إدارته حيالها.
وانعكست العقوبات سلبا على الاقتصاد الإيراني، وتسببت بركود رافقه تراجع حاد في قيمة العملة المحلية. وزاد الوضع سوءا مع جائحة كورونا التي تعد الجمهورية الإسلامية أكثر الدول تأثرا بها في منطقة الشرق الأوسط.
وجد روحاني نفسه محط انتقادات من السياسيين المحافظين الذين اتهموه بـ"عدم الفعالية" في مواجهة الأزمات، بينما دافع هو عن سياساته، عازيا الأزمات بشكل أساسي الى "الحرب الاقتصادية" التي تشنها واشنطن.
كما لم يسلَم روحاني من انتقادات الإصلاحيين الذين تحالفوا معه في الحكومة، والذين اعتبروا أنه خلف بالعديد من وعوده الانتخابية، لا سيما المتعلقة بالحقوق المدنية والفردية.
فواجه، على سبيل المثال، انتقادات لعدم تمكنه من رفع الإقامة الجبرية المفروضة على مير حسين موسوي ومهدي كروبي، رمزَي "الحركة الخضراء" الاحتجاجية التي تلت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في 2009.
ويرى الصحافي الإصلاحي أحمد زيد آبادي أن استخلاص حصيلة عهد روحاني يجب أن يتم "من منظار (...) الصلاحيات" التي يتمتع بها رئيس الجمهورية في إيران.
وتعود الكلمة الفصل في السياسات العامة الى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي. وفي حين يحظى رئيس الجمهورية بصلاحيات تنفيذية ويشكّل الحكومة، ثمة هيئات أخرى تتمتع بدور مؤثر في النظام السياسي، مثل مجلس الشورى (البرلمان) والسلطة القضائية، إضافة الى الحرس الثوري.
"خيبة أمل كبيرة"
في ما يتعلق بالإنترنت، أنجز روحاني تكبير سعة النطاق للاتصال بالشبكة، إلا أنه لم يتمكن من الايفاء بوعده رفع الحظر المفروض على تطبيقات وسائل تواصل اجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر".
ولا يمكن النفاذ الى هذه التطبيقات، كما هو الحال مع الكثير من المواقع الإلكترونية في إيران، من دون استخدام شبكات افتراضية خاصة ("في بي أن").
وفي حين أن حضور ما اصطلح على تسميتها "شرطة الأخلاق" تراجع في الشوارع، شهد عهد روحاني قمع حركة احتجاج على إلزامية ارتداء الحجاب في الأماكن العامة في العام 2018.
كما شهد عهده موجتَي احتجاجات على خلفيات اقتصادية، وذلك في شتاء 2017-2018 وتشرين الثاني/نوفمبر 2019، تعاملت معهما السلطات بالشدة.
ولا تزال بعض الشخصيات التي نشطت في مجال الدفاع عن حقوق الانسان، وخصوصا منها حقوق النساء، في السجن. وواجه عدد منها تشديد العقوبة.
ويعتبر كوفيل أنه "على المستوى السياسي، الطبقة الوسطى المتعلّمة (والمتحدرة) من المدن الكبرى، تعاني من خيبة أمل كبيرة من روحاني".
ويضيف "يتفهم الناس ما حصل، لكنهم توقعوا منه أن 'يقاوم' بشكل أكبر 'تقدّم' المتشددين" سياسيا.
ويرى المحلل السياسي المحافظ حسين كنعاني مقدم أن روحاني نفسه يتحمّل جزءا أساسيا من عملية تهميشه.
ويقول إن الرئيس الحالي أحاط نفسه بمجموعة ضيقة من المقربين الذي بالغ في الاعتماد عليهم، ما أدخل "الحكومة في طريق مسدود سياسيا".
ويرى الباحث الفرنسي كليمان تيرم المتخصص بالشأن الإيراني في المعهد الجامعي الأوروبي في فلورنسا، أن "النجاح الأكبر" الذي حققه روحاني، هو إبرام "تسوية دبلوماسية مع واشنطن في إطار الخطوط الحمر للنظام" السياسي للجمهورية الإسلامية.
في المقابل، يعتبر أن "فشله الأساسي هو إضعاف الطبقة الوسطى وثورات الطبقات الشعبية" المتضررة من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.