كتائب القسام
لماذا يهتف شباب القدس بحياة محمد الضيف؟
"إحنا رجال محمد ضيف"، بات هو الشعار الأكثر ترديدا مؤخرا، من قبل الشبان الفلسطينيين في مدينة القدس الشرقية.
و"الضيف"، هو قائد الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ويقيم في قطاع غزة.
وبُعيد صلاة الفجر، اليوم الجمعة، هتف آلاف الفلسطينيين بحياة الضيف بالمسجد الأقصى.
وتكرر المشهد بعد صلاة الجمعة.
وعادة، لا يهتف الفلسطينيون بالمسجد الأقصى، لأي شخصية سياسية سواء كانت فلسطينية أو عربية أو إسلامية، بحسب مراقبين مقدسيين.
وبدأ الشبان في الهتافات المشيدة بالضيف، في باب العامود، أحد أبواب بلدة القدس القديمة، في بداية شهر رمضان، حينما احتجوا على إغلاق الشرطة الإسرائيلية المنطقة أمامهم.
وبعد احتجاجات استمرت أكثر من أسبوعين، تخللها إطلاق أكثر من 45 صاروخا من قطاع غزة، على تجمعات إسرائيلية محاذية له، تراجعت إسرائيل، وأزالت حواجزها من باب العامود.
وآنذاك، حذرت كتائب القسام، إسرائيل من مغبة الاستمرار في سياساتها في القدس.
ولاحقا، تكرر اسم الضيف، في مظاهرات تم تنظيمها في الشيخ جراح بالمدينة، احتجاجا على قرارات إخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من منازلها في الحي لصالح مستوطنين.
وعلى إثر ذلك، فقد خصّ الضيف، الثلاثاء الماضي (4 مايو/أيار الجاري) سكان الشيخ جراح، بأول إطلالة بعد سنوات من الاختفاء الإعلامي.
وقال في تصريحه المكتوب "يتوجه قائد هيئة الأركان، في كتائب القسام، (أبو خالد)، محمد الضيف، بالتحية إلى أهلنا الصامدين في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، ويؤكد بأن قيادة المقاومة والقسام، ترقب ما يجري عن كثب".
وأضاف "يوجّه قائد الأركان، تحذيراً واضحاً وأخيراً للاحتلال ومغتصبيه بأنه إن لم يتوقف العدوان على أهلنا في حي الشيخ جراح في الحال، فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غالياً".
ويجمع المراقبون بالقدس على أن الشبان الذين يهتفون للضيف بالقدس، هم ليسوا عناصر في حركة "حماس" ولا أي تنظيم فلسطيني آخر.
ويقول الدكتور مهدي عبد الهادي، المحلل السياسي البارز بشؤون القدس، إنه لا يملك تفسيرا محددا لسبب تكرار هتافات الاعجاب بالضيف.
لكنه، يضيف مستدركا في حديث خاص لوكالة الأناضول "من الممكن أن يكون (الضيف) يمثل بالنسبة للشباب، رمزا للصمود والكبرياء الوطني".
ويدور الحديث عن شباب في أوائل العشرينيات من أعمارهم، بقصات شعر حديثة.
ولم ينعكس الأمر فقط على هتافاتهم، بل أن هؤلاء الشبان باتوا يَسمَعون في سياراتهم بالقدس، أناشيد حركة "حماس".
وتابع عبد الهادي "إنهم (الشباب) يبحثون عن عنوان للمقاومة، لم تستطع إسرائيل أن تصل إليه، بالرغم من عدة حروب شنتها على غزة".
وأكمل موضحا "الكل يحاول أن يقول لأهل القدس إنهم ليسوا وحدهم، وإن هناك من يقف الى جانبهم، علما بأن أهل القدس سيبقون لوحدهم".
واستدرك "لكن أن تشعر أن هناك من يقف إلى جانبك، هو بالتأكيد أفضل من أن تشعر أنك وحدك".
ورأي عبد الهادي أن الأحداث المشتعلة في القدس، منذ بداية شهر رمضان، وخاصة في منطقتي باب العامود والشيخ جراح، دفعت بقضية القدس، "إلى رأس قائمة الحوار في المجتمع الفلسطيني".
وتتصدر مشاهد المواجهات في باب العامود ولاحقا الشيخ جراح والمسيرات في المسجد الأقصى، منصات التواصل الاجتماعي في الأراضي الفلسطينية.
وفي ذروة التصعيد الإسرائيلي، تكثفت البيانات الصادرة عن فصائل وقوى فلسطينية، تؤكد تضامنها مع سكان القدس.
وكانت الشرطة الإسرائيلية اعتقلت في الأسابيع الأخيرة منذ بداية شهر رمضان عشرات الشبان من مدينة القدس بداعي المشاركة بالاحتجاجات.
لكن المراقبين يرون أن تزايد أعداد المعتقلين، يزيد من حد الاحتجاجات، ويرفع أعداد المشاركين فيها.
من هو الضيف؟
تطارد إسرائيل "الضيف"، منذ بداية حقبة التسعينيات من القرن الماضي، لكنها لم تنجح في الوصول إليه.
ووُلِد الضيف عام 1965 لأسرة فلسطينية لاجئة، في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة.
وانضم باكرا لحركة "حماس"، التي تأسست نهاية عام 1987.
واعتقلته إسرائيل عام 1989، خلال ضربة واسعة وجهتها لحركة حماس، وقضى 16 شهرا في سجونها موقوفا دون محاكمة، بتهمة العمل في الجهاز العسكري الأول لحماس (سبق تأسيس كتائب القسام، وكان اسمه المجاهدون الفلسطينيون).
وبعد خروج الضيف من السجن، كانت كتائب الشهيد عز الدين القسام بدأت تظهر كتشكيل عسكري، وكان الضيف من مؤسسيها وفي طليعة العاملين فيها.
وبدأت قوات الاحتلال في ملاحقته، عام 1992، ولم تنجح في الوصول إليه حتى الآن.
ويقول نشطاء في حركة حماس، إنه يمتلك ملكات فريدة في التخفي.
وأقرت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، حسب الصحف العبرية، أنها بذلت جهودا مضنية في مطاردته.
كما تتهمه بالوقوف خلف سلسلة طويلة من العمليات الهجومية التي أدت إلى مقتل وجرح مئات الإسرائيليين.