الصورة تعبيرية لمناسبة "كذبة نيسان"
ثقل كورونا وضغوطها تذيب وقع "كذبة نيسان" على الأردنيين
ذابت خصوصية يوم الأول من نيسان على وقع ثقل وضغوط جائحة سرقت من البشرية الفرح وأبسط تفاصيل الحياة الاعتيادية اليومية، إذ لم يعد هذا اليوم من الأولويات التي ينتظرها بعض الناس لنشر المرح والدعابة مع أصدقائهم وأقاربهم وزملائهم فيما يعرف بين العامة بـ "كذبة نيسان".
يُنتقد هذا التقليد في هذا اليوم، بسبب ظروف كورونا، وأنّ ما قبله الناس على مدى أعوام باعتباره "كذبة بيضاء أو بريئة"، يمكن أن يفقد اليوم عنصر امتاعه، لا سيما وأن الأوضاع على مستوى العالم تبدو متوترة بسب تفشي الجائحة.
لذا، ووفقاً لاختصاصيين تحدثوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، فإن مزاج المزاح و"الكوميديا" يبدو غائباً في هذا الظرف، بسبب الضغوط النفسية والاجتماعية والمادية جراء الجائحة، على الرغم من حاجة البشرية للتغيير الإيجابي.
أستاذة العمل الاجتماعي في جامعة اليرموك الدكتورة آيات نشوان ترى أن التأثير النفسي والاجتماعي للجائحة أفقد يوم الأول من نيسان الخصوصية المرحة، التي كان يحظى بها بين البعض، لأن واقعاً جديداً فرض نفسه على الجميع، وهو تحول الانظار، والانشغال وحالة الترقب، لأي مستجدات تعطي بارقة أمل تعد بانفراج هذه الأزمة الصحية والنفسية والاجتماعية في آن واحد.
وتضيف: إن ما يطلق عليه "كذبة نيسان" حتى قبل الجائحة كانت في كثير من الأحيان تقابل بالرفض والاستهجان من كثير من الأفراد والعائلات كونها لا تنسجم من وجهة نظرهم مع العديد من القيم المجتمعية والدينية لأفراد المجتمع، لافتة الى ان البعض يعدها تقليداً غربياً ومستورداً، لا شأن لنا به.
وتزيد نشوان، وبسبب الجائحة، فقد تغلبت مظاهر العزاء والمواساة على الحس الفكاهي عند الأفراد، ولم يستطع العديد منهم حتى إعلان مناسباتهم السعيدة على مواقع التواصل الاجتماعي من باب التكافل والتضامن والإحساس مع الآخر، في وقت لم تخل فيه معظم البيوت من مصابين بكورونا، بعضهم نجّاه الله، وآخر ما زال على سرير الشفاء، فيما البعض الآخر قد فارق الحياة، وللأسف.
من جهته يقول عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة موته الدكتور حسين محادين، من الواضح أن غموضاً معرفياً مستمراً مع فارق الزمن بين كذبة "نيسان " وكورونا، لا سيما وأن كلا منهما ما زال يحمل بطياته ذلك الغموض، في وقت لم يتفق الناس على بدئه وتأثيراته المتوالدة، وبالتالي يمكن القول إن هذا هو الشبه الأول بينهما، لافتا إلى أن هناك خطورةً تترتب على الكذب، في كل الاحوال.
وحتى الكذب الذي من نوع "الأول من نيسان" قد ينطوي على حقيقة مغلفة بكذبة، كي يصار إلى تعميمه وتدحرجه كإشاعة بين المرسل والمتلقي، بدليل أن كثيراً من الدول قد أشهرت مواد قانونية تتعلق في موضوع التأثير على المزاج العام أو التضليل للرأي العام في ظل كورونا، وفقاً لمحادين.
ويتساءل: لماذا تميل النفس البشرية اصلاً الى اختراع الكذب؟ هل لأن الكذب أحياناً مبعث ارتياح من وجهة نظر البعض؟ أم أن النفس البشرية بطبيعتها تميل إلى تضخيم الأشياء، أو طرحها أحياناً وتقديمها للمتلقي رغم أنها ليست صحيحة، بحثاً عن تحد ما، ربما، او لتجاوز هذا الغموض الذي لم يحسم علمياً، بعد.
وتابع محادين: أليس من المتوقع أن يشعر الانسان بنوع من البراءة او الحيل التي تخلصه من عقوبة ما عندما يكذب، وهل يمكن ان نصل لاستنتاج بأن الشعوب ايضاً يمكن أن تبحث عن خلاص ما أو تحقيق حلم ما، لذلك اختارت يوماً للكذب رغم القصص التاريخية التي تم سردها وتأويلها بالنسبة لهذا اليوم، مشددا في ذات السياق على أن الكذب مرفوض بشتى أشكاله وألوانه.
ورغم ذلك فإن البعض يخطط لابتكار النكات في أول نيسان، كعادة شعبية لطيفة، وليس بقصد الايذاء، وبهذا الوصف يختم محادين.
بدوره يبين الاستاذ المساعد في الجامعة الاردنية للطب النفسي الدكتور فراس الحبيس أن كذبة "نيسان" في هذا العام، والذي سبقه، أتت وسط جائحة كورونا، حيث التصقت بالوجدان الشعبي الذي لم يصدق البعض فيه، ان كورونا حقيقة، ويجب توخي الحذر واتباع كل اساليب الوقاية، حتى قال البعض للآخرين: "انتوا مصدقين انو في كورونا أصلا"؟ويضيف: إن عدم تصديق البعض لوجود المرض فاقم من أعداد المصابين، وكان على الجميع في كل العالم ان يكونوا اكثر حزما في تصديق حقيقة علمية اسمها "فيروس كورونا"، هذا الفيروس، الذي لا يمزح مع احد ولا يعرف كذبة نيسان، مستهدفا صحة الانسان بلا رحمة أو هوادة.
فيما تمنى الحبيس تعافي البشرية جمعاء في القريب العاجل، في ظل توفر اللقاحات التي باتت طوق النجاة للجميع.