الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
أردوغان يدعو لصياغة دستور جديد لتركيا والمعارضة تشكك في دوافعه
فاجأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الطبقة السياسية بدعوته إلى صياغة دستور جديد في إطار إصلاحات يقول إنه يريد تطبيقها لكن معارضيه يشككون في دوافعه الفعلية قبل سنتين من انتخابات حاسمة.
أجرى اردوغان عام 2017 مراجعة معمقة للدستور الحالي العائد إلى 1982 والذي وضع إثر انقلاب عسكري. وبموجب التعديل الدستوري الذي خضع لاستفتاء انتقلت تركيا من نظام برلماني إلى نظام رئاسي يمنح رئيس الدولة صلاحيات واسعة ما جعل معارضيه يصفونه بأنه سلطوي.
لكنه أثار مفاجأة على الساحة السياسية في 1 شباط عبر قوله إنه يؤيد صياغة دستور جديد بالكامل، مشيرا إلى أن كل الدساتير التركية منذ الستينيات صاغتها حكومات منبثقة عن انقلابات عسكرية.
وقال في خطاب "من الواضح أنه في صلب مشاكل تركيا دساتير صاغها انقلابيون".
وأعلن وزير العدل التركي عبد الحميد غول أن الدستور الذي يدعو إليه أردوغان سيكون "مدنيا وديمقراطيا" ملمحا إلى أنه سيؤدي، على الأقل نظريا، إلى توسيع الحريات.
لكن معارضي أردوغان يشككون في رغبته في تطبيق إصلاحات حقيقية فيما يبدي المدافعون عن حقوق الإنسان قلقهم من تصاعد القمع وتدهور دولة القانون منذ عدة سنوات.
هكذا رد زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، وهو أبرز حزب معارض، كمال كيليتشدار أوغلو قائلا إن "حكومة لا تحترم الدستور المعتمد، لا يمكنها صياغة نص أكثر ديمقراطية .. أخشى أن يؤدي هذا المشروع الى تعزيز النزعة السلطوية".
دورة واحدة؟
كما تخشى المعارضة أن تكون النقاشات حول الدستور الجديد مجرد تحويل للأنظار يتيح لأردوغان صرف الانتباه عن آثار الوباء والركود الاقتصادي.
وقال ادريس شاهين نائب رئيس حزب الديموقراطية والتقدم الذي أطلقه السنة الماضي علي باباجان الحليف السابق لأردوغان، "هذه مناورة لتجنب الحديث عن الوضع الاقتصادي، ومشاكل الفلاحين أو التجار وكذلك انتهاكات الحقوق".
ويرى مراقبون أنه من خلال دعوته الى دستور جديد سيكون المهندس الرئيسي له، يمكن للرئيس التركي أن يلتف على مبادرات أخرى للإصلاح تروج لها المعارضة التي تطالب بالعودة الى نظام برلماني.
قبل عامين من انتخابات 2023 العامة التي قد تكون معقدة بالنسبة إليه، يمكن أن يحاول أردوغان أيضا وبموجب دستور جديد، وضع نظام انتخابي يسهل إعادة انتخابه.
وقالت أيسودا كولمن الخبيرة السياسية في بارد كوليدج في ألمانيا إن "القاعدة الناخبة للائتلاف الحاكم في طور الذوبان" مضيفة أنه لم يعد من المضمون بالنسبة لاردوغان ان ينال أكثر من 50 بالمئة من الأصوات يحتاجها لكي ينتخب من الدورة الأولى في عام 2023، ولا حتى أن يتم انتخابه في الدورة الثانية.
وأضافت "في مواجهة هذا الخطر، يمكنه أن يلجأ الى خيار نظام بدورة واحدة يمكن أن ينتخب فيها المرشح الذي ينال أغلبية بسيطة من الأصوات".
شق صفوف المعارضة
وقال غاليب دالاي الباحث في أكاديمية روبرت بوش في برلين ومركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن "إدراكا منه أنه يسير في مسار خاسر، يبحث اردوغان عن صيغة رابحة".
ويمكن أن تقوم هذه "الصيغة الرابحة" على أساس اللعب على وتر التوترات الداخلية في صفوف المعارضة التي يمكن أن تتفاقم عبر نقاشات حول مواضيع حساسة مثل المسألة الكردية وكيفية التعامل معها في إطار دستور جديد.
وبحسب دبلوماسي غربي فإن هدف اردوغان قد يكون "شق صفوف المعارضة عبر إرغام الأحزاب على اتخاذ موقف" ومن ثم تصنيفها إما على أنهم "مدافعة" أو "مناوئة" لتركيا.
ويتهم اردوغان أحزاب المعارضة بـ "التغاضي" عن تنظيم حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد والذي يعتبره الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني، رأس حربة التمرد الكردي والذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون بأنه "إرهابي".
وقالت كولمن المحللة في بارد كوليدج إن "الحكومة لا تزال تستخدم هذا التكتيك لتحييد المعارضة .. والمسألة تكمن في معرفة ما إذا كانت الأحزاب ستقع في هذا الفخ عند مناقشة الدستور الجديد. حتى الآن، سقطوا دائما فيه".