منيب المصري
منيب المصري .. ملياردير فلسطيني يقود معركة ضد وعد بلفور
ما إن يجلس على كرسيه القديم في قصره الواقع على قمة مطلة على مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة، يسأل الملياردير الفلسطيني منيب المصري الصحافي في وكالة فرانس برس عما إذا كان يعرف الكلمات ال58 التي يتألف منها وعد بلفور.
ويرد الصحافي أن الوعد الذي صدر العام 1917 "يقول تقريبا إن الحكومة البريطانية "تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية".
ويعلّق المصري البالغ من العمر 87 عاما "لكنك نسيت الشيء الأساسي، وهو على أن يُفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها المجموعات غير اليهودية المقيمة في فلسطين".
ويتابع الرجل الذي يطلق لحية بيضاء من قصره المسمى "بيت فلسطين"، "هذا يعني أنه ليست لدينا حقوق سياسية، وأننا مجرد مجتمعات غير يهودية في فلسطين".
ويسأل "بأي حق يمنح البريطانيون ما ليس لهم؟"، في إشارة الى الوعد الذي يعتبر في أساس إقامة دولة إسرائيل.
ويطلق على منيب المصري أحيانًا اسم "عراب فلسطين"، هو الذي يتربع على رأس إمبراطورية عائلية، "إدجو"، تنشط في مجال الخدمات لشركات نفط خليجية. كما شارك في تأسيس شركة "باديكو" القابضة لتطوير البنى التحتية الفلسطينية والمتعددة الفروع في مجالي الاتصالات والتمويل، ويترأسها اليوم ابن أخيه بشار المصري.
والمصري والد لستة أولاد. غادر فلسطين عندما كان في الثامنة عشرة من عمره ليدرس الجيولوجيا. وهو يعيش اليوم بمفرده في قصره في أعلى قمة جبل جرزيم في نابلس، المستوحى من فيلا كابرا روتاندا التي بنيت في عصر النهضة في شمال ايطاليا.
عند المدخل، علقت لوحة فنية لكاتدرائية القديس مرقس في البندقية، وتواجهها لوحة لقبة الصخرة في مدينة القدس، لتشهد بأن العرب "عرفوا كيف يبنون القباب" قبل الأوروبيين، بحسب قوله.
ويتوسط البهو عند مدخل القصر تمثال لهرقل يعود الى القرن السابع عشر. ويوجد تمثال بابلي في إحدى قاعات الجلوس.
في الطابق السفلي، متحف صغير لـ "الذاكرة الفلسطينية" حيث يظهر رجل الأعمال على لوحات جدارية "للنكبة" عام 1948.
على الجدران،علقت صور لمنيب المصري بقامته النحيلة وعينيه الزرقاوين، وصور أخرى له إلى جانب المرشح الديموقراطي الى الانتخابات الأميركية جو بايدن، والى جانب الزعيم الجنوب إفريقي نلسون مانديلا، والزعيم التاريخي الراحل للفلسطينيين ياسر عرفات.
ويؤكد المصري أنه نقل صديقه عرفات عام 1970 سرا من الأردن إلى سوريا في صندوق سيارته.
وقدرت ثروة المصري، وفق مجلة متخصصة، بـ 1,6 مليار دولار في عام 2006.
ولم يكن المصري يوما بعيدًا عن السياسة، إذ كان عندما كان أصغر سنا، وزيرًا للشباب في الأردن، ثم وزيرًا فلسطينيًا.
ورفض مرارا أن يتولى رئاسة الحكومة الفلسطينية، لكنه عضو في المجلس التشريعي الفلسطيني. ولا يفارقه الشعور بالغضب من وعد بلفور.
ويروي "أتذكر اليوم الذي أخبرنا فيه الأستاذ عن وعد بلفور ومعناه. كنت في الثامنة من عمري، قرأه وجعلني أحفظه. ومنذ ذلك اليوم وأنا غاضب".
وردا على سؤال عما إذا كان سعيدا بثروته، يجيب "أنا متفائل، لكنني لست سعيدا. لا يمكننا أن نكون سعداء، فنحن نعيش في سجن كبير".
ويقول الرجل الذي سافر حول العالم وبنى شبكة علاقات، وكان متحمسًا لاتفاقات أوسلو للسلام في التسعينات، "اليوم هي أسوأ فترة في التاريخ الفلسطيني. فبالإضافة الى الاحتلال، جاء تطبيع العلاقات بين الاحتلال ودول الخليج في وقت تسود الانقسامات بين الفلسطينيين مع تعنت الإسرائيليين في عدم استعدادهم لتقاسم الأرض".
من قصره الكبير المحاط بأراض مزروعة بأشجار السرو والزيتون، يحلم منيب المصري بالمصالحة بين حركتي فتح بقيادة محمود عباس وحركة حماس الإسلامية لتوحيد صوت الفلسطينيين، ويكتب، من دون أن يعلق آمالا، رسائل إلى دونالد ترمب لمعارضة خطته للشرق الأوسط.
بينما يرى في الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صانع سلام محتملا بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
في 22 تشرين الأول، تقدم مع مجموعة من المنظمات غير الحكومية المحلية بدعوى قضائية في محكمة بداية بمدينة نابلس ضد حكومة بريطانيا التي يحملها مسؤولية "وعد بلفور".
وتطعن الدعوى بوعد بلفور وتطالب بإبطاله، وتعويض الفلسطينيين الضرر الذي نتج عنه.