ارشيفية
العجارمة: تفويض رئيس الوزراء بعض من صلاحياته قانوني ولا غبار عليه
قال وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء الأسبق الدكتور نوفان العجارمة، إن التفويض في الاختصاصات الإدارية يعتبر عنصرا فعالا؛ للتخفيف من غلو وجمود مبدأ شخصية العمل.
وأضاف في تعليق نشره على صفحته عبر موقع التواصل الاجتماعي/ الفيسبوك اليوم الجمعة، حول تفويض بعض صلاحيات رئيس الوزراء لأي من نوابه أو أي وزير ، إن من أسند إليه اختصاص معين بمقتضى النصوص الدستورية أو القانونية أو بمقتضى الأنظمة، وجب عليه ممارسة هذا الاختصاص بنفسه، باعتبار أن هذه الممارسة تمثل واجبا قانونيا عليه وليس حقا له يجوز أن يعهد به إلى غيره.
وبين أنه وبالرجوع إلى أحكام الفقرة أ من المادة 6 من قانون الإدارة العامة رقم 10 لسنة 1965 فإنها تعطي رئيس الوزراء الحق في تفويض أي من نوابه أو أي وزير أي صلاحية من صلاحياته المنصوص عليها في أي قانون او نظام باستثناء الصلاحيات الممنوحة له بمقتضى أحكام الدستور.
ولفت إلى ان لمجلس الوزراء، في حالات خاصة ومبررة، أن يعهد ببعض الصلاحيات المخولة للوزراء بموجب القوانين والأنظمة إلى الأمناء العامين للوزارات أو رؤساء الهيئات أو المؤسسات الرسمية العامة وذلك بناء على تنسيب الوزير المختص.
وأكد، أن للوزير ومن في رتبته الحق في تفويض أيا من الصلاحيات المخولة إليه بمقتضى القوانين والأنظمة إلى الأمين العام أو إلى أي من كبار موظفي الدائرة في المركز أو المحافظات والألوية، وللأمين العام ومن في رتبته أن يفوض أيا من الصلاحيات المخولة إليه بمقتضى القوانين والأنظمة إلى أي من كبار موظفي الدائرة في المركز أو المحافظات أو الألوية، ولا يكون التفويض نافذا إلا بعد تصديق الوزير عليه.
وقال، إن التفويض المنصوص عليه يجب أن يكون خطيا ومحددا ويعمل به بعد نشره في الجريدة الرسمية.
وأكد، أن تطبيق نص هذه المادة على تفويض الاختصاصات الصادر مؤخرا عن دولة رئيس الوزراء فإنه يتفق وأحكام القانون ولا يخالفه لأنه تفويض صادر من صاحب الاختصاص وهو رئيس الوزراء إلى الوزراء وليس لأي شخص آخر.
وأشار إلى أن التفويض كان لبعض وليس كل صلاحيات رئيس الوزراء الواردة في القوانين والأنظمة ولم تتناول او تتطرق الى صلاحية رئيس الوزراء الواردة في الدستور، وكان محددا من حيث موضعه أي موضوعات محصورة على وجه الدقة وكان خطيا وتم نشره في الجريدة الرسمية.
وبين، أن النص الذي أجاز التفويض هو المادة 6 من قانون الإدارة العامة وهو من نفس مرتبة النص الذي قرر الاختصاص لدولة الرئيس وهي القوانين المختلفة، بل وأعلى منها درجة بالنسبة لاختصاصات دولة الرئيس الواردة في الأنظمة.
وأكد، أن القصص لا تقرأ من منتصفها، والدساتير لا تفسر نصوصها بمعزل عن بعضها البعض، فهي ليست جزر معزولة لا صلة ولا رابط بينها، وأن من المبادئ المسلم بها فقها وقضاء، مبدأ شخصية العمل، بمعنى أن من أسند إليه اختصاص معين بمقتضى النصوص الدستورية أو القانونية أو بمقتضى الأنظمة، وجب عليه ممارسة هذا الاختصاص بنفسه، باعتبار أن هذه الممارسة تمثل واجبا قانونيا عليه وليس حقا له يجوز أن يعهد به إلى غيره.
ونوه إلى أن التطبيق الجامد لمثل هذا المبدأ قد يؤدي في الواقع إلى إعاقة العمل الإداري وطبعه بالنمطية أو الروتين ويجعله بالتالي غير متلائم مع الاتساع والنمو الإداري المواكب لاتساع ونمو نشاط الدولة في مختلف المجالات، ومن هنا كان التفويض في الاختصاصات الإدارية عنصرا فعالا للتخفيف من غلو وجمود هذا المبدأ.
ولفت إلى إن التفويض يتم بان يعهد صاحب الاختصاص الأصيل بممارسة جانب من اختصاصاته سواء في مسألة معينة أو في نوع معين من المسائل إلى أحد مرؤسيه، وذلك استنادا إلى نص قانوني يجيز له ذلك، فالتفويض إذن لا يجوز إلا بنص قانوني ولهذا يجب أن يكون واضحا ومحددا ومعلنا، ويستمد المفوض إليه صلاحيته بممارسة الاختصاص من القرار الصادر - عن الأصيل- بالتفويض، لذلك يتوجب على المفوض إليه الالتزام في حدود ونطاق هذا التفويض وبخلاف ذلك فان قرار المفوض إليه يعد فاقدا لمشروعيته لصدوره ممن لا يملك حق في إصداره، فالتفويض باعتباره أحد أشكال التوكيل يشترط لصحته أن يكون محله معلوما ومحددا والا اعتبر باطلا.
وبين أن التفويض لا يتناول اختصاصات الأصيل كافة، بل جزء منها، وإلا عد ذلك تنازلا من جانبه عن وظيفته وهو أمر غير جائز قانونا، ويشترط في النص الآذن بالتفويض ألا تقل قوته الإلزامية عن مرتبة النص الذي يقرر الاختصاص الذي يريد صاحبه التفويض فيه، أي أن يكون بنص من قوة النص الذي قرر الاختصاص أصلا، وليس بنص أقل منه درجة، فالاختصاص الذي يتقرر بنص دستوري لا يجوز التفويض فيه إلا بنص دستوري، والاختصاص الذي يتقرر بنص قانوني أو تشريع عادي لا يجوز التفويض فيه، إلا بقانون أو بنص دستوري.
وبين إن قانون الإدارة العامة رقم 10 لسنة 1965 هو قانون نافذ وملزم للجهات كافة في الدولة ورئيس الوزراء والوزراء مكلفون بتنفيذ احكام هذا القانون، والأصل في النصوص التشريعية هو حملها على قرينة الدستورية بافتراض مطابقتها للدستور، ومن ثم لا يجوز أن يكون سريانها متراخيا، بل يكون إنفاذها، واعتبارا من تاريخ العمل بها لازما.
وبين أنه لا يجوز أن يكون مجرد الطعن عليها او الشكوى منها موقفا لأحكامها، أو مانعا من فرضها على المخاطبين بها، وذلك أن إبطالها لا يكون إلا بقرار من المحكمة الدستورية إذا ما قام لديها الدليل على مخالفتها للدستور، وهذا يوجب على الجهة التي تفحص دستوريتها أن تضع في اعتبارها ألا تقضي بعدم الدستورية إلا إذا كان التعارض بين النص التشريعي المطعون فيه والدستور تعارضا واضحا وصريحا وقاطعا بحيث ينعدم معه السبيل إلى التوفيق بينهما، بحيث لا يبقى مجالا للشك في احتمال عدم دستورية هذا القانون.
وأضاف أن النصوص الدستورية يجب أن تفسر بالنظر إليها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضا، بحيث لا يفسر أي نص منها بمعزل عن النصوص الأخرى، بل يجب أن يكون تفسيره متساندا بما يقيم بينها التوافق والنأي بها عن التعارض، فالأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالا لا يعزلها عن بعضها البعض، وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذي يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ، أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي، لذلك لا يجوز لنا أن نفرد حكما خاصا للمادة 45/2 من الدستور وبشكل يعزلها عن باقي نصوص الدستور.
ولفت إلى أن المشرع الدستوري الأردني بين في عشرات النصوص بأن كثيرا من المسائل يجب ان تنظم بموجب قانون أو بناء على قانون أو وفق أحكام القانون او في الاحوال المبينة في القانون أو حسبما يعين في القانون او ضمن حدود القانون أو بالكيفية والشروط التي يعينها القانون)، وقد صدرت مئات التشريعات منذ تأسيس الدولة الأردنية والتي منحت بموجبها كل من رئيس الوزراء والوزراء بعض الاختصاصات، وكلها جاءت تنفيذا لأحكام الدستور.
