ارشيفية
الملك يقبل استقالة حكومة الرزاز ويكلفها بمواصلة تصريف الأعمال
قبل جلالة الملك عبدالله الثاني، السبت، استقالة حكومة الدكتور عمر الرزاز، وكلف جلالته الدكتور الرزاز والحكومة بالاستمرار بتصريف الأعمال لحين اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة.
ووجه جلالة الملك إلى الدكتور الرزاز رسالة، ردا على رسالة الاستقالة التي رفعها إلى جلالته، اليوم السبت، فيما يلي نصها: "بسم الله الرحمن الرحيم دولة الأخ الدكتور عمر الرزاز، حفظه الله،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، أما وقد قدمت الحكومة استقالتها، ضمن الاستحقاق الدستوري، فإنني أتوجه إليك وزملائك الوزراء بتحية الاعتزاز والتقدير لجهودكم التي بذلتموها في خدمة الأردن الغالي.
وإنني أعبر لكم عن جزيل شكري على حرصكم وفريقكم الوزاري على أداء الواجب وتحمل أمانة المسؤولية بإخلاص، طيلة فترة عملكم، وخاصة في الظرف الاستثنائي الذي فرضته جائحة كورونا، وقد شهدنا في هذه المرحلة تضافرا لجهود مؤسسات الدولة من تنسيق وتعاون على أعلى المستويات.
لقد تجلت، في هذه المرحلة، قيم الإيثار والعطاء في مجتمعنا الأصيل والتي عكست الروح الوطنية العالية لدى شعبنا الأردني الذي نفاخر به الدنيا، فكان الأردن جسدا واحدا متعاضدا، وكانت المبادرات من الأفراد ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني عنوانا مهما عكس المسؤولية المجتمعية التي نريدها نهجا وطنيا راسخا في جميع الأوقات.
وبحمد الله، عمل الأردن بالتنسيق مع دول العالم، للتصدي للتداعيات الإنسانية والاقتصادية التي فرضتها الجائحة، وكانت صحة المواطنين وسلامتهم العنوانين الأبرزين لكل الخطوات والإجراءات التي سرنا بها، وما زلنا.
وعلى الرغم مما بذلته الحكومة من جهود في وضع الخطط والبرامج، ومساعيها الكبيرة في تنفيذ الأولويات، إلا أنه من الضرورة بمكان، أخذ العبر والاستفادة من كل الدروس والأخطاء، التي اعترضت بعض الاجتهادات في التعامل مع "كورونا"، باعتباره تحديا لم يواجه العالم له مثيلا منذ عقود خلت، فنجده يطور الأساليب للتعامل مع الوباء وفق متغيراته يوما بيوم.
وإنني إذ أقبل استقالتك، لأكلفك والحكومة بالاستمرار بتصريف الأعمال، وذلك لحين اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة، مشددا على ضرورة العمل خلال هذه الفترة، بهمة وعزيمة ومثابرة، لأن التعامل مع وباء كورونا يقتضي العمل المركز والمستمر، ومواصلة اتخاذ التدابير والإجراءات بخصوصه دون تباطؤ.
وأؤكد اعتزازي بك وبزملائك الوزراء على كل ما بذلتموه، وستبقى محط الثقة، سائلا الله العلي القدير أن يحفظكم، ويسدد على طريق الخير خطاكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم عبدالله الثاني ابن الحسين عمان في 16 صفر 1442 هجريةالموافق 3 تشرين أول 2020 ميلادية".
وكان الدكتور الرزاز رفع إلى جلالة الملك رسالة استقالة حكومته، اليوم السبت، تاليا نصها: "مولاي صاحب الجلالة الهاشمية، الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله وأعز ملكهالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،يشرفني، يا مولاي، أن أرفع إلى مقامكم السامي أصدق مشاعر الولاء والإخلاص، والمودة والانتماء، ضارعا إلى الله العلي القدير أن يحفظكم، ويمدكم بموفور الصحة والعافية، لتستمر مسيرتكم المباركة، ولتستمر بكم مسيرة الوطن العطرة التي تقترب من مئويتها الثانية.
أما وقد صدرت الإرادة الملكية السامية بحل مجلس النواب الثامن عشر؛ فإنني أرفع إلى مقامكم السامي استقالة الحكومة، استجابة لأحكام الدستور الأردني، وإرساء لمبادئ الديمقراطية الحقة، التي دأب الأردن العزيز عليها، بقيادته الهاشمية الحكيمة، منذ نشأته.
لقد شرفتموني، يا صاحب الجلالة، بثقتكم الغالية، وحمل أمانة المسؤولية، على مدى عامين ونيف؛ صدعت فيها لأوامركم السامية، ولبيت نداء الواجب، واجتهدت وأعضاء الفريق الوزاري بإنفاذ مضامين كتاب التكليف السامي، وتوجيهاتكم الحكيمة؛ فوضعنا خطط العمل اللازمة، وفق أولويات محددة، ومؤشرات قياس واضحة، قمنا بنشرها لتكون بمتناول الجميع للاطلاع عليها وتحليلها؛ واجتهدنا في كل ذلك لاتخاذ القرار الصائب؛ فأصبنا أحيانا، وأخطأنا أحيانا، وصححنا مرارا، وسعينا معا لخدمة الوطن والمواطنين في أحلك الظروف.
وبحمد الله، رغم التحديات الاقتصادية الصعبة التي واجهناها، إلا أن حكومتكم عملت بكل جد وإخلاص، وأنجزت جل التعهدات التي التزمت بها، فكانت نسبة الإنجاز في أولوياتنا لعام 2019م قرابة (90%)، شملت إجراءات واسعة لتحفيز النمو الاقتصادي، وجلب الاستثمار، وزيادة ملحوظة في أعداد السياح، وزيادة كبيرة في الصادرات الوطنية، وتخفيض العجز في الميزان التجاري، وزيادة فرص العمل.
كما شملت جهود حكومتكم، يا مولاي، إحداث نقلة نوعية في مجال الإصلاح الإداري عبر ضبط التعيينات على الوظائف بمختلف فئاتها، وإعادة هيكلة العديد من المؤسسات الحكومية بهدف ترشيد الإنفاق وترشيق الأداء، وتعديل أكثر من (150) تشريعا لتسهيل الإجراءات وتفويض الصلاحيات.
وإنفاذا لتوجيهاتكم السامية، مولاي المعظم، بمحاربة الفساد، عملت حكومتكم على تحديث منظومة النزاهة الوطنية، وتعزيز دور المؤسسات وأدواتها الرقابية، فعدلنا قوانين النزاهة ومكافحة الفساد، وديوان المحاسبة، والكسب غير المشروع، وكان من أهم نتاجاتها وقف احتساب التقادم على ملاحقة كل من تطاول على المال العام، وتوسيع قاعدة المشمولين بإشهار الذمة المالية، وتغليظ العقوبات؛ بما يمكن هذه المؤسسات من أداء دورها على أكمل وجه، وأوجدنا نهجا جديدا لتصويب المخالفات التي يرصدها ديوان المحاسبة، بحيث أصبحت مراجعة التقارير الرقابية من الديوان تتم بشكل شهري ولأول مرة، ليصار إلى تصويب المخالفة أو إحالتها إلى القضاء أو إلى الأموال العامة لغايات الاسترداد. كما وضعنا آليات فاعلة لمحاربة التهرب الضريبي والتهريب الجمركي، وطبقناها بكل حزم، ما ساهم في استرداد مبالغ مالية كبيرة، هي حق للوطن وللمواطنين.
ومع بداية العام الحالي 2020م، قمنا بتحديث أولوياتنا الوطنية ضمن سبعة محاور، يندرج ضمنها (142) إجراء ومبادرة، إلا أن جائحة كورونا العالمية داهمتنا كغيرنا من الدول، فتغيرت على إثرها الأولويات، وأصبحت أولى أولوياتنا الحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم، صدعا لأمركم السامي، وعملا بإرث الراحل العظيم، والدكم الباني، جلالة الملك الحسين بن طلال – طيب الله ثراه – "الإنسان أغلى ما نملك".
ومنذ دخول الجائحة، عملنا بجد وإخلاص، بتوجيهاتكم السامية، وبالشراكة مع جميع المؤسسات الوطنية، وقواتنا المسلحة الباسلة / الجيش العربي، وأجهزتنا الأمنية، كفريق واحد من أجل حماية المواطنين، والحد من آثار هذه الأزمة.
ورغم الآثار الاقتصادية والاجتماعية الصعبة لهذه الأزمة، إلا أن الأردن بقيادته الحكيمة، وكعادته، يحول الصعاب إلى فرص، ويستثمرها في تعزيز قدراته، وتكريس نهج الاعتماد على الذات؛ فسعينا منذ البداية إلى الوقاية والحد من انتشار الفيروس جغرافيا وزمنيا، وبالفعل نجحنا بتأخير انتشاره لعدة شهور، مكنتنا من تهيئة منظومتنا الصحية، لاستقبال أعداد تماثل تلك التي كنا نراها من حولنا في المنطقة، وحول العالم، وبالفعل تضاعفت قدراتنا على التقصي والفحص والحجر والعناية الحثيثة خلال أشهر قليلة. وتمكنا أيضا من زيادة المخزون للمواد الاستهلاكية الأساسية والأدوية والمستلزمات الطبية، لا بل أبدعت قطاعاتنا الصناعية والزراعية والتجارية في تلبية احتياجاتنا المحلية، وتجاوزنا ذلك لنتمكن من تصديرها إلى دول أخرى، ولم يلمس مواطننا نقصا في سلعه الأساسية خلال الأزمة مقارنة مع دول عظمى رأينا بأم أعيننا عدم قدرتها على تأمين السلع الأساسية لمواطنيها.
كما عملت حكومتكم، يا مولاي، على دعم القطاعات والفئات التي تضررت بفعل جائحة كورونا وتوفير الحماية لها، من خلال مبادرات مجتمعية بالشراكة مع القطاع الخاص؛ فأنشأنا صندوق همة وطن الذي كان الركيزة الأساسية في دعم العاملين بالمياومة، واستثمرنا جهود المؤسسات الوطنية الفاعلة كالبنك المركزي، والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وصندوق المعونة الوطنية لدعم الكثير ممن تضرروا، مواطنين وقطاعات، ضمن الإمكانات المتاحة.
مولاي المعظم،اسمحوا لي سيدي أن أركز على قضايا مفصلية، بدأنا العمل بها، ولم نتمكن من إنجازها بالكامل، وستحتاج إلى متابعة مجلس الأمة والحكومات القادمة، وفق ما تراه مناسبا.
ففي ملف محاربة الفساد، تبقى عدد من مشاريع القوانين المهمة التي أقرتها الحكومة وتم تحويلها إلى مجلس الأمة: وأهمها التعديلات الإضافية على مشروع قانون الكسب غير المشروع، ومشروع قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، ومشروع قانون ديوان المحاسبة، ومشروع قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ ومن شأن هذه القوانين دعم أدوات حماية المال العام من خلال المساءلة الدورية للمسؤولين حول أي نمو في الثروة.
وفي ملف الصحة، بدأنا بتنفيذ منظومة تأمين صحي شامل، تنتهي بحلول عام 2024م، بحيث تشمل غير المقتدرين وبشكل مجاني في تأمين وزارة الصحة، وكذلك وصلنا إلى المراحل النهائية من إقرار شمول العاملين غير المشمولين بأي تأمين صحي في منظومة الضمان الاجتماعي.
وفي قطاع التربية والتعليم تبقى استكمال مشروع إلزامية مرحلة رياض الأطفال، تحقيقا للعدالة في الحصول على التعليم في مرحلة عمرية ثبتت أهميتها في النماء الذهني للطفل.
وكذلك تم إعداد مسودة قانون استثمار جديد يحفز الاستثمارات الجديدة من خلال رديات ضريبية تعتمد على نمو التصدير وتشغيل العمالة الأردنية المتركزة في المحافظات. كما أطلقت الحكومة برامج لتحفيز الشباب على العمل في القطاع الزراعي من خلال تحسين بيئة العمل وإصدار أنظمة لشمولهم بمظلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي. وتمت إعادة تفعيل قانون خدمة العلم بحلته الجديدة، وهو مطلب وطني يحقق صقل شخصية الشباب وتزويدهم بالمهارات التي يتطلبها سوق العمل.
وفي منظومة حماية المستهلك، برزت على مدى الأشهر والسنوات الماضية عدة مخاطر تواجه المواطن سواء أكان في البيئة الحاضنة أو في جودة السلع وأسعارها، التي يشتريها المواطن، والغذاء الذي يتناوله؛ وقد أنجزت الحكومة أخيرا مشروع قانون الجودة وحماية المستهلك، وأحالته إلى مجلس الأمة، وهو يعيد النظر في العديد من المؤسسات والإدارات المتعددة في جهات مختلفة، ودمجها في هيئة رقابية واحدة مسؤولة ومساءلة عن الجودة وحماية المستهلك، لتعمل جنبا إلى جنب مع المؤسسة العامة للغذاء والدواء بشكل تكاملي، لتحقيق حماية أكثر فاعلية للمستهلك.
وأخيرا وليس آخرا، فقد تم إنجاز مشروع قانون الإدارة المحلية، وهو مشروع مهم يبني على تجربة الأردن في اللامركزية، وينقل العديد من صلاحيات الحكومة المركزية إلى مجالس المحافظات، ويعيد تشكيل هذه المجالس لتشمل البلديات، لضمان التكامل في الأدوار على المستوى المحلي بينها.
مولاي المعظم،ما بدأنا به أعلاه من برامج ومشاريع قوانين، شرعنا بها ولم نستكملها، هي أولويات وطنية وجهتم جلالتكم أن نقوم بمتابعتها، وستحتاج إلى متابعة وتقييم وتطوير لتحقيق أهدافنا الوطنية المتوخاة.
مولاي المعظم،اجتهدنا قدر المستطاع لإنفاذ أوامركم السامية، وعملنا بجد لملامسة تطلعات المواطنين ومطالبهم، وخططنا للمستقبل سعيا للإنجاز التراكمي؛ التزاما برؤاكم الثاقبة، وخدمة للوطن والمواطنين.
وإذ أعتز بثقتكم الغالية التي منحتموني إياها وفريقي الوزاري، فإننا نعاهد الله أن نبقى جنودا أوفياء لأردننا العزيز، وحماة لعرشكم الهاشمي السامي، في خدمة شعبنا الطيب المعطاء؛ ضارعين إلى الله جلت قدرته أن يحفظكم، ويديمكم ذخرا وعزا وسندا لخير الأردن، وخير الأمتين العربية والإسلامية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته المخلص لكم دوما عمر الرزازعمان، 16 صفر 1442 هجرية الموافق، 3 تشرين الأول 2020م".
