أرشيفية
ما أعلى دولة بالعالم في وفيات كورونا؟ ولماذا نصاب بالفيروس مرة تلو أخرى؟
تحدث تقرير نشره موقع الجزيرة نت عن الدولة الأكثر تسجيلا للوفيات بفيروس كورونا المستجد، كما تناول التقرير احتمالية أن يصاب الشخص بفيروس كورونا مرة ثانية، وهل ما زال فيروس كورونا يعيد تشكيل نفسه وتغيير شكله؟.
وتاليا التقرير:
ما أعلى دولة بالعالم في وفيات كورونا؟
الجواب هو كوسوفو، إذ سجلت 54.2 وفاة لكل مليون شخص بسبب فيروس كورونا الأسبوع الماضي.
وأفادت وكالة بلومبيرغ للأنباء بأن هناك عدة عوامل وراء تسجيل كوسوفو أكثر عدد من الوفيات بسبب كورونا حول العالم، فهي تعد الدولة الأكثر فقرا في أوروبا، وتعتمد على تحويلات مواطنيها الذين يعيشون في الخارج والذين غادروا البلاد للتوجه إلى مناطق أكثر ثراء في القارة، ومن ناحية أخرى عرقل الفساد تحقيق تطوير في النظام الصحي.
ومع ذلك، يبدو أن السياسة هي العامل الأكبر المساهم في جعل كوسوفو أكثر دولة تسجيلا للوفيات بفيروس كورونا، حيث قال أفريم كراسنيكي المدير التنفيذي للمعهد الألباني للدراسات السياسية في تيرانا "في ذروة تفشي وباء كورونا أطاحت كوسوفو بحكومتها، وعزلت وزير الصحة ومسؤولين بارزين في إدارة هذا القطاع".
وأضاف أن "كوسوفو كانت الدولة الوحيدة في المنطقة التي أخفقت في اتخاذ إجراءات سريعة واستثنائية للحد من تفشي فيروس كورونا".
وبعد ما بدا الآن أنه كان تخفيفا مبكرا للقيود المفروضة لاحتواء تفشي فيروس كورونا في مايو/أيار الماضي قرر رئيس الوزراء الجديد عبد الله هوتي تشديد قواعد التباعد الاجتماعي خلال يوليو/تموز الماضي بهدف السيطرة على الإصابات المتزايدة.
وقد أصيب هوتي نفسه بفيروس كورونا الشهر الجاري، وعلى الرغم من ذلك فقد عاد الآن إلى عمله.
يشار إلى إجمالي عدد الإصابات بفيروس كورونا في كوسوفو يبلغ 12 ألفا و683 حالة، وتبلغ حصيلة الوفيات 488 حالة.
لماذا يصاب بعض الناس مرة أخرى بفيروس كورونا؟
منذ بداية تفشي وباء كورونا كان السؤال عن إمكانية تجدد العدوى يشغل بال علماء المناعة والفيروسات، لأنه في نهاية الأمر حتى الفيروسات التي تسبب نزلات البرد لدى الإنسان تعود لتظهر مجددا بعد فترة من الزمن تكون فيها الأجسام المضادة التي أنتجها الجسم قد تراجع عددها أو اختفت.
ويقول الكاتبان هيرفي موران وفلورنس روزييه في تقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية إن الكثير من حالات تجدد العدوى بفيروس كورونا المستجد باتت تثير شكوكا بشأن قدرة الدفاعات المناعية للجسم على توفير حماية طويلة المدى، وتطرح تساؤلات بشأن إستراتيجيات التلقيح الملائمة من أجل مجاراة هذه الطفرات التي يشهدها الفيروس.
ويؤكد الكاتبان أن ظاهرة تلاشي الأجسام المضادة لفيروس كورونا لوحظت في العديد من الدراسات العلمية، ولا يزال الجدل قائما بين الباحثين بشأن قدرة بعض أشكال المناعة الأخرى، خاصة بعض أنواع كريات الدم البيضاء على تذكر الفيروس، والاحتفاظ بالقدرة على تفعيل نفسها والتصدي له حتى بعد وقت طويل.
وتظهر بعض الحالات التي تم رصدها مؤخرا تواصل وجود الفيروس في أجسام بعض المرضى، وهو ما يطرح احتمالين: إما أنهم أصيبوا مرة ثانية بالعدوى، أو أنهم لم يشفوا أصلا من فيروس كورونا في المرة الأولى.
ومؤخرا، تم قطع هذا الشك والإجابة بشكل نهائي عن هذا السؤال، حيث أثبت فريق من الأطباء والباحثين في جامعة هونغ كونغ بشكل قاطع أن تجدد العدوى أمر ممكن.
وفي الدراسة التي نشرت يوم 25 أغسطس/آب الجاري في مجلة الأمراض المعدية السريرية، وصف الدكتور كووك يونغ يوان وزملاؤه حالة رجل من هونغ كونغ يبلغ من العمر 33 عاما ثبتت إصابته بسلالتين مختلفتين من فيروس كورونا، بفارق زمني بين الإصابة الأولى والثانية يبلغ أربعة أشهر ونصف الشهر.
وتم التبليغ أيضا عن حالات مماثلة من تجدد العدوى في أوروبا، لكن حتى الآن لم يتم إخضاعها لدراسات علمية مفصلة تنشر في المجلات المختصة، وأحد هؤلاء هو مريض هولندي مسن يعاني من ضعف جهازه المناعي، تحدثت عنه عالمة الفيروسات الهولندية ماريون كوبمانس من جامعة روتردام.
حالة أخرى هي لمريضة بلجيكية تحدث عنها عالم الفيروسات مارك فان رانست من جامعة لوفان، وظهرت عليها أعراض خفيفة جدا في المرة الأولى، ثم أصيبت مجددا بعد 3 أشهر.
ويرجح العلماء أن الأجسام المضادة التي طورها جسمها في المرة الأولى لم تكن كافية للوقاية من عدوى جديدة بسلالة مختلفة قليلا عن الأولى، ولكن رغم ذلك فإن العدوى الأولى ساهمت في تخفيف الأعراض في المرة الثانية.
وقاية أم حماية؟
لا تمثل هذه المعلومات مفاجأة بالنسبة لعالمة الفيروسات أستريد فابري من مستشفى مدينة كاين الفرنسية، حيث تقول "مثل كثيرين من زملائي كنت أتوقع ذلك، خاصة أن بقية الفيروسات المسؤولة عن مشاكل تنفسية لا تصنع مناعة تدوم لوقت طويل".
وتؤكد فابري على ضرورة التفريق بين التحصين -وهو يعني تطوير استجابة مناعية عند الإصابة بعدوى فيروسية- وبين الحماية، لأنه فيما يخص فيروس كورونا بشكل عام فإن الحماية ليست دائمة.
وتوضح الدكتورة فابري أن فيروس كورونا لا يزال في مرحلته الأولى في العالم، والأجهزة المناعية لأغلب الناس لا تزال ساذجة أمامه، ولهذا فإن مضاعفاته كانت خطيرة في ظل جهل الذاكرة المناعية به.
ولا شك أن هذا الأمر ينطبق أيضا على الفيروسات الأخرى التي ضربت البشرية في السابق، والتي أصبحت اليوم لا تسبب أكثر من نزلة برد بسيطة رغم أنها في بداية ظهورها كانت خطيرة.
ولهذا تتوقع هذه العالمة أن فيروس كورونا سوف يصبح موسميا وتصاحبه حالات تكرار عدوى لا تشكل خطورة إلا على الفئات الأكثر هشاشة.
هل ما زال فيروس كورونا يعيد تشكيل نفسه ويغير شكله؟
الجواب نعم، إذ أعلن معهد إيكمان للبيولوجيا الجزيئية (Eijkman Institute for Molecular Biology) -ومقره جاكرتا- اليوم الأحد رصد سلالة متحورة أكثر عدوى من فيروس كورونا المستجد في إندونيسيا، في وقت تشهد فيه البلاد ارتفاعا في عدد الحالات.
وقالت هيراواتي سودويو نائبة مدير المعهد لرويترز إن الطفرة "دي 614 جي" (D 614 G) من الفيروس "المعدية لكن الأخف تأثيرا" وجدت في بيانات تسلسل الجينوم بعينات جمعها المعهد، مضيفة أن هناك حاجة لمزيد من الدراسة لتحديد ما إذا كانت الطفرة هي سبب ارتفاع الحالات في الآونة الأخيرة.
وعثر أيضا على هذه السلالة -التي تعرفت منظمة الصحة العالمية عليها في فبراير/شباط والتي تنتشر في أوروبا والأميركتين- في سنغافورة وماليزيا المجاورتين.