الستينية أم حاتم ترافق ابنها الضرير 48 شهرا حتى نيل درجة الماجستير
ما هي قصة " أم حاتم الجاعوني" وابنها الضرير مع درجة الماجستير في الأردن ؟
يتسائل الكثيرون في الأردن عن قصة " أم حاتم الجاعوني" وابنها الضرير مع درجة الماجستير من كلية الشريعة في الجامعة الأردنية.
الستينية أم حاتم رافقت ابنها الضرير يحيى في حافلات النقل العام مدة 48 شهرا الى الجامعة الأردنية حتى نال درجة الماجستير في الحديث النبوي من كلية الشريعة، وبمعدل 3,69 من 4 حاصلا على تقدير جيد جدا.
وقالت أم حاتم لوكالة الأنباء الأردنية "بترا"، إن ابنها يحيى بدأ يضعف بصره في الصف الرابع، وفقده تماما في صفه السابع، ومنذ ذلك الحين وهي ترافقه وأبيه في رحلة العلم حتى زمن وباء كورونا والذي ناقش فيه يحيى رسالة الماجستير عن بعد.
48 شهرا بدأت بدراسة البكالوريوس وانتهت برسالة الماجستير رافقت الأم والأب ابنهما الضرير في رحلة العلم والتعلم في البرد والحر والليل والنهار حتى اجتاز مراحل متقدمة في الحصول على العلم، ساعدهما بذلك ذكاء يحيى وتعلقه بالعلم.
تضيف أم حاتم أنها كتبت ليحيى رسالة الماجستير، وكانت تسجل له المحاضرات وتكتب عنه الامتحانات وتذهب به إلى المكتبة وتقرأ له من المراجع، وتمكث معه يومين في كل أسبوع، من الساعة الرابعة وحتى السابعة مساء، وترافقه في رحلة المواصلات من منطقة أبو نصير وحتى الجامعة، تسير منها نحو 2 كيلو متر مربع على الأقدام حتى تحصل على وسيلة نقل.
وتبين أن يحيى حصل على منحة على حساب الدولة الأردنية للدراسة، ومنحة أخرى من المدينة المنورة، حصل خلالهما على بكالوريوس في الدعوة وآخر في الحديث الشريف وماجستير أيضا في الحديث، ويعمل في أحد مساجد العاصمة عمان إماما.
تقول أم حاتم، إن "الغرس يحتاج إلى رعاية وعناية وهذا واجبي كأم وواجب أبو يحيى، واليوم ينهي يحيى ما بدأه من خطوات علمية ويصل إلى الهدف بتقدير متميز، وبالتالي ننسى كل التعب الذي رافقنا في المراحل كلها". وتبين أن الرحلة كانت بشكل دائم كلما أراد يحيى الذهاب إلى الجامعة والمكتبة والكلية، كنت ظله الذي لا يغيب في البيت والشارع والحافلة ذهابا وإيابا وكانت الأحاديث كلها من الذكريات وفي الشأن اليومي.
وأشارت إلى أن كل شيء من الله جميل وهذه نعم من نعم الله، كان يحيى ذكيا وذا خيال واسع، وهذا ما أوصله إلى هدفه، واليوم سأبقى إلى جانبه حتى ينهي طموحه في العلم ما دام الله يمنحها أياما زيادة في الحياة.
وتلفت والدمعة بعينيها إلى أنه وخلال مناقشة يحيى لرسالته، سأل الدكتور المشرف على الرسالة عنها وقال إن الواجب أن نمنح هذه الأم العظيمة رسالة في التضحية والفداء وسقاية غرس جميل وطيب وصالح.
يقول يحيى بعد أن أنهى ووالدته براءة ذمته من الجامعة الأردنية، يوم السابع من تموز، إن الوالدة تسلمت الراية من الوالد الذي كان ينقله خلال فترة البكالوريوس، سنوات 6 كانا يأخذان بيده من أبو نصير إلى الجامعة الأردنية ويعيدانه كذلك.
يضيف يحيى أن إرادة الله شاءت أن تنتهي حياة الأب بعد أن أكمل مرحلة البكالوريوس، ثم انتقل إلى المدينة المنورة في المملكة العربية السعودية وحصل على شهادتين في البكالوريوس بتخصص الحديث النبوي من المدينة المنورة والدعوة وأصول الدين من الجامعة الأردنية. ولفت إلى أن الوالدة كانت كل لحظة معه في مشواره الجامعي ذهابا وإيابا، و"قضت معي 33 ساعة بنجاح داخل الجامعة، وطافت معي غرف التدريس كافة، وصعدت الأدراج بي ونزلتها رغم أن عمرها وصل إلى 64 عاما".
"بشرتني بالامتياز والتفوق والدتي" يقول يحيى، ويضيف أنه حصل على معدل تراكمي بتقدير امتياز، وبذلك وبمساعدة والديه يكون قد أنهى دراسة شهادتي بكالوريوس وأخرى ماجستير، والفضل بعد الله يعود إلى الوالد الذي غادر إلى الله والوالدة التي ما زالت تسقي غرسها الذي زرعته يوما ما.
وأشار يحيى إلى أن والده استمر في نقله بالسيارة وكان ينتظره خلال أول ثلاث سنوات من مرحلة البكالوريوس، ثم لجأ إلى المواصلات العامة، وأنهى مرحلة البكالوريوس بتقدير جيد جدا وبمعدل تراكمي 3,24.
ويؤكد أنه أنهى الدراسة العليا بتفوق، وقد دخل إلى الجامعة على التنافس؛ لدراسة الماجستير عام 2016 وأنهى 33 ساعة وتخرج على الفصل الثاني من العام 2019، وأبرأت والدته الذمة له قبل أيام قليلة.
عميد كلية الشريعة في الجامعة الأردنية الدكتور عدنان العساف، قال لـ"بترا"، "نقدم الشكر لأم يحيى وأبيه على كل التعاون الذي قدموه له والتضحيات التي قاما بها حتى يحصل يحيى على هذا التفوق، وهما مثال للأب والأم الصالحين في المجتمع، وغرسا وأنتجا نباتا صالحا يخدم الدين والوطن".
وأضاف أن الجامعة والمجتمع بالعموم يفتخران بوجود هذه الطاقات الأردنية، وتقوم الجامعة بتوظيف 5 بالمئة من الأشخاص ذوي الإعاقة، وهم على أداء عال وقد تسلم عمادة الكلية علماء منهم.
وبين أن هناك وحدة خاصة داخل عمادة شؤون الطلبة لتسيير أمورهم، وشرح المواد لهم بلغة الإشارة، وعند الامتحانات يقوم فريق من المتطوعين بمساعدتهم في الكتابة ولا يترك وحده ويتم الانتباه والعناية بهم أكبر اهتمام. وأضاف أن الكلية عقدت عدة ندوات لدعمهم وتشجيعهم، وخصصت بالتعاون مع وحدة القبول والتسجيل الطابق الأرضي لهم حتى لا يشق الأمر عليهم.
