الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في البيت الأبيض في واشنطن - ا ف ب
المحكمة الأمريكية العليا تبت الخميس في إمكانية إبقاء حسابات ترمب "طي السرية"
هل يمكن لدونالد ترمب التذرع بمقامه الرئاسي لرفض تسليم مجموعة من الوثائق المتعلقة بوضعه المالي إلى الكونغرس والقضاء؟ تبت المحكمة العليا الأمريكية الخميس في هذا الملف الحساس الذي تترتب عنه تبعات سياسية فادحة.
قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الثاث من تشرين الثاني/نوفمبر، قد يسمح قرار قضاة المحكمة العليا التسعة بالكشف عن مالية ترمب الذي يرفض خلافا لجميع أسلافه منذ سبعينات القرن الماضي نشر بياناته الضريبية.
وجعل الملياردير المرشح لولاية ثانية من وضعه المالي أحد محاور حملته الانتخابية، غير أن قلة شفافيته تغذي التكهنات حول حجم ثروته وحول تضارب مصالح ممكن.
وإن كان قرار المحكمة يبت في هذه المسألة الآنية، فقد تكون له أيضا عواقب على المدى البعيد على صعيد توازن السلطات في الولايات المتحدة.
ويؤكد محامو الرئيس أنه يحظى بحصانة تامة طوال فترة توليه الرئاسة حتى يتمكن من تركيز اهتمامه على عمله بدون أن تشتته "مضايقات" النيابة العامة أو أعضاء الكونغرس.
وذهب أحدهم حتى إلى حد التأكيد خلال الآلية القضائية أن بإمكان ترمب قتل شخص "في وسط الجادة الخامسة" من غير أن يلاحق إلا بعد خروجه من البيت الأبيض.
- ممثلة أفلام إباحية -
وتبت المحكمة العليا عمليا في قضيتين منفصلتين.
والملف الأول هو تحقيق فتحه قضاء ولاية نيويورك ويطرح تحديدا مسألة الحصانة الجنائية للرئيس.
ففي نيسان/أبريل 2019 طلب مدعي عام مانهاتن الديموقراطي سايروس فانس من مكتب مازارس للحسابات تسليمه الأرشيف المالي لدونالد ترمب لمدة ثماني سنوات من 2011 إلى 2018، لتوضيح دفعة تلقتها ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز خلال حملة انتخابات 2016.
ويعتقد أنه تم دفع هذا المبلغ للمرأة الشابة لقاء عدم كشفها عن علاقة أقامتها مع الملياردير، ما يشكل انتهاكا لقانون تمويل الحملات الانتخابية الساري في الولاية.
كما طلبت لجان في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديموقراطيون سلسلة من الوثائق المالية للفترة الزمنية ذاتها، في التماسات وجهت إلى مكتب مازارس وكذلك إلى مصرفي دويتشه بنك وكابيتال وان.
ويطرح هذا الملف الثاني بصورة خاصة مسألة التوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية.
وتصدى ترمب في القضاء لكل هذه الطلبات مؤكدا أنه يتعرض لحملة استهداف سياسية شعواء، لكن المحاكم الفدرالية حكمت ضده في البداية والاستئناف، فتوجه إلى المحكمة العليا التي عين فيها قاضيين منذ انتخابه.
- "لا تحبسوا أنفاسكم" -
قارب قضاة المحكمة العليا هذين الملفين بطريقة مختلفة خلال الجلسة التي جرت في أيار/مايو عبر الهاتف بسبب تدابير مكافحة فيروس كورونا المستجد.
وقد انقسموا حول ملف الكونغرس، إذ دافع القضاة التقدميون الأربعة عن "دور الرقابة على السلطة التنفيذية" الموكل إلى أعضاء الكونغرس، فيما كان زملاؤهم الخمسة المحافظون أكثر ميلا إلى اعتبار بعض الالتماسات "غير مشروعة".
أما في قضية نيويورك، فلم تحظ حجج محامي ترمب الذين اعتبروا أن "آلية جنائية ضد رئيس تشكل انتهاكا للدستور"، الكثير من التأييد.
وذكرت القاضية التقدمية إيلينا كاغان بصورة خاصة بأن "الرئيس ليس فوق القوانين".
وهذا ما حمل أستاذ القانون ستيفن فلاديك من جامعة تكساس على توقع نتائج متقاربة جدا في مسألة الكونغرس وهزيمة كبرى لترمب في القضية الأخرى.
لكن أستاذ القانون في جامعة ميشيغن ريتشارد لامبرت شدد على أنه حتى إذا سمحت المحكمة العليا لمكتب مازارس بتسليم وثائق ترمب المالية إلى قضاء نيويورك، فمن غير المؤكد أن يتسرب مضمونها إلى العلن.
وكتب على موقع معهد بروكينغز للدراسات "لا تحبسوا أنفاسكم، الأرجح أن ننتظر لمزيد من الوقت قبل أن نعرف التفاصيل، وقد تبقى أجزاء من بياناته الضريبية طي السرية إلى الأبد".