ارشيفية
خبراء: الأردن نجح ببناء وتعزيز منظومة حماية اجتماعية شاملة
تمكن الأردن، وفي ترجمة حثيثة لرؤى وتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، من بناء وتعزيز منظومة حماية اجتماعية متكاملة وشاملة، بغية احداث الفرق الحقيقي والملموس في مستويات معيشة المواطنين، وتأمين العيش الكريم واللائق لهم، ومحاربة الفقر والبطالة وفقا لاستراتيجيات وخطط مدروسة، لتدعيم كفاءة أسواق العمل، من خلال تشاركية بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني، وفقا لخبراء ومتخصصين.
وبينوا وبمناسبة عيد الاستقلال 74، الذي يصادف يوم غد الاثنين، أن الأردن نجح في تقوية شبكات الأمان الاجتماعي ورسم السياسة العامة للتشغيل، واتخاذ حزمة من الإجراءات للحد من البطالة، الامر الذي يحتل أولوية متقدمة في خطة التحفيز الاقتصادي للحكومة، وذلك رغم كل التحديات المتمثلة في بطالة اقتربت من حاجز 19%، ونسبة فقر 15.7%، وذلك وفقا لدائرة الإحصاءات العامة للعام 2019، فيما بلغت قوة العمل الأردنية حسب المشاركة الاقتصادية، نحو 1.734.248 عاملا أردنيا للعام 2018، مقارنة بالعام 2014 التي بلغ فيها أعداد العاملين نحو 338ر460ر1 عاملا بحسب المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور جواد العناني، إن الأردن منذ تاريخه، يركز على مفاهيم التنمية الاجتماعية في التكافل والتضامن، ويعتبر من أفضل 20 دولة حول العالم للدخل والثروة بحسب البنك الدولي، مشيرا إلى أنه ومنذ تأسيس شبكة الأمان الاجتماعي، فإن العمل ما زال مستمرا إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مبينا نجاح الأردن في تقوية الشبكة ودعمها، ورسم السياسة العامة للتشغيل، للحد من الفقر والبطالة وتقديم خدمات صحية وتعليمية وإنتاجية وتدريبية وتأهيلية، وإنشاء صناديق لهذه الغاية منها صندوق التنمية والتشغيل ومؤسسة التدريب المهني، وصندوق الملك عبدالله للتنمية، وصندوق المعونة الوطنية ومؤسسة الضمان الاجتماعي وصندوق الزكاة الأردني وصندوق الأمان لمستقبل الأيتام، وصناديق أخرى لدعم الشباب وتشجيع العمل لحسابهم الخاص.
وبين العناني، أن التعليم من أهم محركات المساواة والعدالة، إذ جعل الناس ينتقلون من طبقة اجتماعية إلى طبقة أخرى، إضافة للخدمات صحية، وفقا لنظام عادل، إضافة لدعم الخبز والسلع وأسعار الكهرباء، مشيرا إلى دور الوزارات المختلفة في توفير خدماتها بكفاءة بما يضمن الإنتاجية وتقديم الخدمات اللازمة، كوزارات: التخطيط والتعاون الدولي والتنمية الاجتماعية والصحة والتربية والتعليم، ولا سيما ما تقدمه الاخيرة من تعليم مدعوم، وكتب منخفضة الكلفة.
الى ذلك، أشار تقرير كان قد أصدره العام الماضي صندوق النقد العربي- الذي يعمل تحت مظلة جامعة الدول العربية-، ويحمل عنوان "نافذة على طريق الإصلاح"، إلى أن الأردن حريص على حماية ودعم الطبقات الوسطى والفقيرة، وتقوية شبكات الأمان الاجتماعي، وتحقيق الأهداف الخاصة بها من خلال مجموعة من البرامج والسياسات، من أهمها برنامج السجل الوطني وبرامج تعزيز الانتاجية والتدريب والتأهيل، ومشروع الباحثين الاجتماعيين، ومكافحة الفقر وتحفيز المؤسسات في القطاعين العام والخاص على تنفيذ مسؤولياتها الاجتماعية، إضافة إلى الإعانات، والتحويلات النقدية، والإعفاءات الضريبية، والخدمات الاجتماعية.
وأوضح التقرير، ان الحكومة تعمل من خلال صندوق المعونة الوطنية على صرف مخصصات شهرية لمئة ألف أسرة بقيمة إجمالية بلغت 110 ملايين دينار، كما وصل معدل نمو الانفاق على شبكات الامان الاجتماعي نحو 19% من إجمالي الإنفاق العام لعام 2018، بما مقداره 6 % من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغ حجم الإنفاق على برنامج الدعم النقدي حوالي 161 مليون دينار، فيما بلغ حجم الإنفاق على برنامج دعم الإسكان نحو 13.5 مليون دينار، مستهدفا بدرجة أساسية الفقراء وذوي الدخل المحدود، إذ تقوم وزارة الأشغال العامة والإسكان بتنفيذ البرنامج.
كما شملت الإصلاحات، وفقا للتقرير عينه، تغطية الأفراد فوق سن 60 عاما وتحت خمسة أعوام بالتأمين الصحي المجاني، حيث بلغ حجم الإنفاق الموجه لبرنامج الأسرة والطفل نحو 6ر5 مليون دينار بغرض تحسين خدمات الرعاية الاجتماعية للفئات المستهدفة، إضافة إلى تخصيص 5ر3 مليون دينار سنويا لبرنامج التغذية المدرسية في الفترة ما بين (2018-2020).
وفي استجابة لتطورات أزمة كورونا، قامت الحكومة من خلال صندوق المعونة الوطنية بإطلاق برامج الحماية الاجتماعية لدعم العاملين بالمياومة، الذي يستهدف الأسر الأردنية، ومن في حكمهم من العاملين بالأجور اليومية، أو من المعتمدين بمعيشتهم على الدخل اليومي من عملهم في الأنشطة او القطاعات الاقتصادية المختلفة المتضررة من الإجراءات المتخذة لمواجهة الأزمة، ويتضمن البرنامج تقديم الدعم المالي الطارئ، ولمدة محددة.
وأكد الناطق الاعلامي في وزارة التنمية الاجتماعية أشرف خريس، أن الحد من الفقر يترجم من خلال خطط وبرامج الوزارة في قطاعات ذوي الاحتياجات الخاصة، وكبار السن والرعاية والحماية، وتحويل الأسر القادرة على العمل، من أسر متلقية للمعونة إلى أسر منتجة، مبينا أنه تم انشاء برنامج الصناديق الائتمانية في الجمعيات الخيرية عام 1992، وذلك فضلا عن مراكز تنمية المجتمع المحلي، وذلك لتحسين القدرات الإنتاجية للأسر الفقيرة.
وكانت وزارة التنمية الاجتماعية، قد أشارت بتقارير صدرت عام 2018، الى اطلاقها لعدد من المشروعات التي انبثق عنها برنامج التمويل الصغير، إذ تمكنت من تمويل مشروعات صغيرة لأربعة الآف أسرة فقيرة في مختلف القطاعات والحرف اليدوية برأس مال قدره سبعة ملايين دينار، وفرت ما مجموعة 3400 فرصة عمل لأفراد هذه الأسر المنخرطين داخل تلك الأسر الفقيرة، كما بلغ عدد المشروعات الممولة للجمعيات الخيرية 392 مشروعا انتاجيا برأس مال قدره خمسة ملايين دينار، وفرت فرص عمل لأبناء المجتمع المحلي.
وبينت الوزارة، أن عدد صناديق الائتمان التي تقدم لكل من مراكز تنمية المجتمع المحلي والجمعيات الخيرية اقترب من 400 صندوق برأس مال قدره 12 مليون دينار، استفاد منها نحو 14 ألف أسرة فقيرة، وحصلوا على فرص عمل متنوعة ومتعددة، كما استفاد نحو 12 ألف أسرة فقيرة من بطاقات التأمين الصحي، ويتماشى مع تلك الخدمات برنامج مساكن الأسر الفقيرة من بناء وصيانة، حيث بلغ عدد المساكن 1765 مسكنا.
وكانت الحكومة قد أطلقت في وقت سابق، العديد من الاستراتيجيات ذات العلاقة، منها استراتيجية الحد من الفقر للأعوام (2013 – 2020) والتي أنجزتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي، بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، للحد من الفقر، واستراتيجية الحماية الاجتماعية 2019-2025 لتأمين الحماية الاجتماعية وفقا للموارد المتاحة، وفق ثلاثة محاور عمل رئيسة، وهي: العمل اللائق، ثم الخدمات الاجتماعية، فمحور المساعدات المالية والعينية الاجتماعية والقضاء على أشد أشكال الفقر، ويشمل الدعم والمساعدات، والتحويلات النقدية التي تقدمها وزارة المالية، وصندوق المعونة الوطنية وصندوق الزكاة.
كما أطلقت الاستراتيجية الوطنية للتشغيل وبرنامجها التنفيذي للأعوام 2011 – 2020 التي تعطي الشباب أهمية لبناء مستقبلهم وإيجاد فرص العمل الملائمة لهم، وفقا لاهداف الميثاق الوطني للتشغيل والتي تشير إلى التزام المشغلين في القطاع العام والخاص بتشغيل مخرجات النظام التعليمي المهني والتقني، وتقديم الحكومة العديد من الممكّنات، التي من شأنها التخفيف من نسب البطالة، كالمنصة الوطنية للتشغيل وبرنامجي خدمة وطن وانهض، والارتقاء بمستوى التدريب المهني والتقني وتنظيم سوق العمل.
وقال أمين عام وزارة العمل الأسبق المحامي حمادة أبو نجمة، إن شبكة الأمان الاجتماعي تعمل على تحسين المستويات المعيشية، وتعزز القدرة على التصدي للآثار التي تسببها الأزمات التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني على الفقراء والمهمشين والأسر من ذوي الدخل المتدني، فتخفف من حدة الفقر، وتوفر الخدمات الأساسية للفئات المستهدفة، فشبكة الأمان الاجتماعي التي تشمل توفير كل من التأمين الصحي، والضمان الاجتماعي، والدعم النقدي للفقراء، ودعم التعليم، تستهدف الفقراء، ومن هم على خط الفقر أو قريبين منه، والفئات الضعيفة كافة، والمعرضة للوقوع في الفقر نتيجة الظروف والمتغيرات على المستوى الوطني، أو لأسباب تتعلق بالمرض أو الشيخوخة أو فقدان مصدر الدخل.
وأشار إلى دور الأردن في تنفيذ العديد من مشروعات الحماية الاجتماعية منها، مشروع تعزيز الحماية الاجتماعية عام 2013 الذي له الدور الفاعل في تحسين إدارة برامج المساعدات الاجتماعية النقدية، وفي تعزيز جودة خدمات الرعاية الاجتماعية، والتسهيل على الفئات المستهدفة في إمكانيات الوصول إلى الخدمات.
ولفت ابو نجمة إلى أنه من الإنجازات المهمة التي ساهمت في تحسين سبل تقديم الخدمات لفئات مستهدفة، هو تنفيذ مشروع "السجل الوطني الموحد" الذي يوفر قاعدة بيانات وطنية شاملة وموحدة، وكان له الدور المهم في الأزمة الحالية، من خلال سرعة الوصول إلى الفئات المحتاجة للدعم، إضافة إلى ما يوفره صندوق المعونة الوطنية من دعم للأسر، والتأمين الصحي، والتعليم بمستوياته كافة من رياض الأطفال إلى المستوى الجامعي، ناهيك عما تقدمه الحكومة من مساهمات في دعم شرائح الاستهلاك المنخفض للكهرباء، ودعم الغاز المنزلي، والمياه والصرف الصحي.
يشار الى ان أعداد العاملين المؤمنين المسجلين لدى المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي شهد ارتفاعاً ملحوظاً، حيث ارتفع من 366 ألف عامل وعاملة في العام 2000 إلى نحو 821ر337ر1 عاملا وعاملة في العام الحالي.