تظاهرة أمام البرلمان اليوناني في أثينا بمناسبة عيد العمال
عيد عمال افتراضي في مختلف انحاء العالم بسبب كورونا
خلت ساحة الثورة في العاصمة الكوبية هافانا يوم عيد العمال. على غرار عدة دول، عوضت التجمعات التقليدية هذا العام باحتفالات على شرفات المنازل ضمن "تظاهرات افتراضية" شملت عددا كبيرا من اللافتات وقرع الطناجر.
زينت واجهات هافانا، بقي الرسمان العملاقان لوجهي ارنستو تشي غيفارا وكاميلو سينفيغوس في أماكنهما على البنايتين الرمزيتين في ساحة الثورة، لكن غاب العمال في حين كان يبلغ عددهم مليونا في هذا الموعد السنوي.
لخص رئيس الجمهورية الفرنسي إيمانويل ماكرون الأمر في جملة: "الأول من أيار/مايو هذا العام لا مثيل له".
لأول مرة منذ منع التظاهرات خلال حربي الهند الصينية والجزائر في الخمسينات والستينات، لا تحصل تجمعات في فرنسا، بداعي محاربة كوفيد-19 الذي أودى بـ230 ألف شخص في العالم.
انطبق الأمر على أغلب بقية الدول، حيث حجرت نصف البشرية.
مقابل ذلك، دعت النقابات إلى أشكال تعبئة أخرى: محاضرات وحفلات دون جمهور، على الانترنت، ورفع مطالب على مواقع التواصل الاجتماعي، إلخ.
بالنسبة لهم، هذا اليوم الذي تعود بداياته إلى تحركات الحركات العمالية نهاية القرن التاسع عشر يحظى براهنية أكثر من أي وقت مضى: سلطت الأزمة الضوء على مهن لم تنل حصتها الكافية من التقدير، في الصحة والتجارة والنظافة، لكنها تفاقم أيضا التوترات الاجتماعية.
بتراجع الاقتصادات نتيجة وقف الصناعات والأنشطة التجارية والخدمية، أدى الوباء إلى إحالة أفواج من العمال على البطالة.
بعض هؤلاء لم يرغبوا في التزام منازلهم. في البرتغال، تجمع مئات الأشخاص الجمعة في عدة مدن، خاصة في لشبونة، مع ابقاء مسافة أمان بينهم بثلاثة أمتار، منادين بـ"الوحدة النقابية" و"استمرار النضال".
- خرق تدابير العزل-
وجرت عمليات توقيف في الفيليبين وتركيا حيث خرق العشرات تدابير العزل لتنظيم وقفات احتجاجية. إلا أن معظم التجمعات التي تم تنظيمها في عيد العمال غير التقليدي هذه السنة مرت دون حوادث.
ويشارك عادة الملايين في المناسبة التقليدية السنوية للحركة العمالية التي تشهد مسيرات صاخبة في الشوارع تتخللها أحيانا مواجهات مع قوات الأمن.
لكن في وقت فرضت معظم الدول قواعد صارمة للتباعد الاجتماعي للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد، فضل قادة الحركات العمالية تأجيل التجمعات أو نقلها إلى الإنترنت.
ولعل الأول من أيار/مايو يحمل أهمية أكبر هذا العام بعدما زج تفشي كوفيد-19 بالاقتصاد العالمي في حالة فوضى تاريخية وتسبب بتسريح أعداد غير مسبوقة من العمال من وظائفهم بينما حول بعض العمال الذين تعد أجورهم بين الأدنى -- كالممرضين وجامعي القمامة والعاملين في متاجر بيع الأغذية وإيصال الطلبات إلى المنازل -- إلى أبطال.
- "للأفواه المكممة أصوات" -
وفي تركيا، تم توقيف نحو عشرين متظاهرا بينهم زعيم نقابة لمشاركتهم في مسيرة صغيرة نظمها عمال ارتدوا أقنعة واقية في اسطنبول في خرق لإجراءات الإغلاق، وفق مصور فرانس برس.
كما شارك مئات العمال اليونانيين في مسيرة خارج البرلمان جرت تحت لافتة نقابة "بي إم أيه إي" المرتبطة بالشيوعيين بينما عزفت فرقة صغير أغنية "بيلا تشاو" الإيطالية التقليدية.
ووضعت ملصقات حمراء اللون على الأرض لضمان الالتزام بترك مسافة آمنة، حيث ارتدى كثيرون أوشحة حمراء على وجوههم أو أقنعة تحمل عبارات تضامن مع العاملين في مجال الصحة.
وكتب على بعضها "لا يزال للأفواه المكممة أصوات".
ولم تجر أي عمليات اعتقال رغم أن الحكومة أشارت إلى أن التجمع انتهك إجراءات الإغلاق.
في المانيا، انتشرت قوات الامن باعداد كبرى، 5 آلاف في برلين، لفرض احترام منع التظاهر.
وفي الفيليبين، قالت الشرطة إنها اعتقلت ثلاثة أشخاص على الأقل في وقت طرقت مجموعات صغيرة من المتظاهرين أواني فارغة ورفعت لافتات تطالب الحكومة بتقديم مساعدات وتوفير ظروف عمل آمنة، في تحد لحظر التجمعات.
وقال جيروم أدونيس من اتحاد عمال حركة الأول من أيار/مايو لفرانس برس إن نحو 23 مليون شخص (أي نحو ربع سكان البلاد) معرضون للجوع بسبب البنود الواردة في عقود عملهم والتي تنص على أنهم لن يحصلوا على أي أموال ما لم يعملوا، في وقت يواجهون خطر توقيفهم من قبل السلطات إذا خرقوا القيود المفروضة بموجب الحجر.
بدورها، دعت نقابات العمال الإندونيسية لتظاهرة عبر الإنترنت ضد مشروع قانون داعم للأعمال التجارية يهدف لتسهيل تسريح العمال، إثر إلغاء المسيرات في الشوارع.
ونظم اتحاد نقابات العمال الإندونيسية حملات تبرع لشراء أقنعة واقية لعمال المصانع والطعام للأشخاص الذين تم تسريحهم من وظائفهم جراء الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي كورونا المستجد.
- "كان علينا أن نبدع" -
وفي فنلندا، تسبق مسيرات عيد العمال عادة نزهات جماعية ضخمة في أكبر تجمع شعبي تشهده البلاد كل عام.
لكن لم تحضر إلا حفنة من المشاركين إلى محيط تمثال "مانتا" في ساحة السوق التي تكون عادة مركز التجمع. وهذه المرة، خضعت الساحة لإجراءات أمنية مشددة حيث انتشرت الشرطة لفرض الحظر على تجمع أكثر من عشرة أشخاص.
لكن السلطات شجعت الفنلنديين على نقل المناسبة إلى الإنترنت إذ نظمت عدة مطاعم في أنحاء العاصمة بثا مباشرا لجلسات تذوق النبيذ أو دروسا تتعلق بكيفية مزج المشروبات وقدمت خدمة توصيل وجبات عيد العمال التقليدية إلى المنازل.
وقال صاحب مطعم في هلسنكي يدعى فيليبو فومسافان لفرانس برس "كان علينا أن نبدع ونحاول إيجاد طرق تمكننا من الاستمرار في التواصل وخلق شعور بأننا معا".
وفي هونغ كونغ، انتشرت الشرطة مزودة بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع بعدما هدد الناشطون المدافعون عن الديموقراطية بتحدي الحظر على التجمع وإقامة تظاهرات، إلا أن الشوارع بدت خالية بمعظمها.
