روسيا: فيروس كورونا ليس من صنع الإنسان
كورونا يغرق أوروبا في كارثة اقتصادية
يومًا بعد يوم، يتعمق شعور أوروبا المنقسمة بالكارثة التي تحدق بها من جراء فيروس كورونا المستجد الذي ما زال يعزل سكانها المتطلعين إلى استعادة حياتهم بأسرع ما يمكن، فيما تستعد ألمانيا لإعادة فتح أماكن العبادة والمتاحف.
بعد نجاحها في مكافحة الوباء وتمكنها من البدء "تدريجياً" بتخفيف قيود العزل، أعدت الحكومة الألمانية قائمة بالإجراءات الجديدة التي اعتمدتها الخميس خلال لقاء بين المستشارة أنغيلا ميركل ورؤساء المناطق.
- الجميع سيتمكنون من الخروج -
بشرط ضمان احترام "تدابير العزل" والتباعد الاجتماعي، ستتمكن الكنائس والمساجد من إعادة فتح أبوابها وكذلك المتاحف وقاعات العرض وحدائق الحيوان والنصب التذكارية. ووفقًا لوسائل الإعلام الألمانية، يجري الحديث عن السماح بإعادة فتح أماكن اللعب المخصصة للأطفال. أما المقاهي والمطاعم فستظل مغلقة حتى 6 أيار/مايو على الأقل.
ولكن ميركل قالت إن الحدود لن تفتح مع البلدان الأوروبية في الوقت الحالي، فخطر عودة الوباء ما زال قائماً.
وهذه خطوة جديدة نحو العودة إلى الحياة الطبيعية في ألمانيا التي أبلت بلاء حسناً مقارنة بجاراتها الأوروبية في إدارة احتواء الوباء الذي خلف لديها 159119 إصابة مسجلة رسميًا حتى صباح الخميس و6288 وفاة، وهو معدل وفيات بنسبة 4%، ويقل عما سجلته معظم الدول الكبرى الأخرى.
حتى الآن، تسبب كوفيد-19 بوفاة أكثر من 227 ألف شخص حول العالم منذ ظهوره في كانون الأول/ديسمبر في الصين، وفقًا لحصيلة أعدتها فرانس برس استناداً إلى مصادر رسمية.
وإذا ما سجلت الولايات المتحدة الأكثر تضرراً 60999 وفاة، فقد منيت أوروبا بخسارة كبيرة مع تسجيل 27682 وفاة في إيطاليا وحدها، و26711 في المملكة المتحدة و24543 في إسبانيا و24087 في فرنسا.
وأعلن رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون الخميس أن بلاده "تخطت الذروة" وأن الوباء بدأ يتراجع خلال أول مؤتمر صحافي له منذ تعافيه من الفيروس.
وبدأت بعض الدول الأوروبية التي فرضت الإغلاق منذ منتصف آذار/مارس، بالاستعداد التدريجي الحذر للعودة إلى وضع طبيعي نسبياً لإحياء النشاط الاقتصادي، حتى وإن كان أفق السيطرة على الوباء على المستوى العالمي ما زال يبدو بعيد المنال.
وجاءت الخميس سلسلة من الأرقام لتؤكد التوقعات القاتمة: فقد أعلنت فرنسا أن الناتج المحلي الإجمالي تراجع لديها بنسبة 5,8% في الربع الأول من العام الحالي وكذلك إسبانيا بنسبة 5,2% وقالت ألمانيا إن عدد العاطلين عن العمل ارتفع بنسبة 13,2%. وعلى صعيد منطقة اليورو، تراجع النشاط بنسبة 3,8% في الفصل الأول من العام في أعلى تدهور له منذ إنشاء العملة الواحدة في 1999، وفق المكتب الأوروبي للإحصاءات "يوروستات".
وكانت الولايات المتحدة أعلنت الأربعاء تراجع الناتج المحلي الإجمالي لديها بنسبة 4,8% على أساس سنوي في الفصل الأول، بعد نمو مستمر منذ 10 سنوات. وما زاد الطين بلة تسجيل 3,8 مليون عاطل جديد عن العمل، وفقا لأحدث أرقام وزارة العمل ليرتفع إجمالي عدد من طلبوا إعانة بطالة إلى أكثر من 30 مليون أميركي منذ منتصف آذار/مارس.
- أكوام من الجثث -
مقابل عجز الدول الأوروبية السبع والعشرين عن التوافق على خطة إنعاش اقتصادي مشتركة، أبقى البنك المركزي الأوروبي الخميس على أسعار الفائدة الرئيسية، معربا عن "الاستعداد" لتعزيز عملياته الشرائية الضخمة للديون.
وأعلنت رئيسته كريستين لاغارد أنه يمكن تمديد برنامجه الطارئ للتعامل مع الجائحة من خلال عمليات شراء الديون الضخمة، حتى نهاية عام 2020. وقالت إن هذه العملية التي تبلغ كلفتها 750 مليار يورو وتم إطلاقها في آذار/مارس لتخفيف الصدمة الاقتصادية "ستستمر حتى يعتقد (البنك المركزي الأوروبي) أن أزمة كوفيد-19 قد ولت".
في إيطاليا، أعلن رئيس الوزراء جوزيبي كونتي الخميس أن الركود قد يتجاوز نسبة 10% هذا العام. وإيطاليا هي أول دولة في أوروبا عزلت جميع سكانها في التاسع من آذار/مارس، وأمرت في 21 آذار/مارس بوقف كل النشاطات الاقتصادية "غير الأساسية".
ومع ذلك، فإن التخفيف المتسارع لتدابير العزل قد يؤدي إلى موجة ثانية من العدوى، وفق ما قال كونتي، الذي أثار الخميس حفيظة رؤساء المناطق الإيطالية المتسرعين.
وقال بلهجة محذرة "لا يمكننا تقويض الجهود المبذولة حتى الآن بمبادرات متهورة خلال هذه المرحلة الحساسة. والانتقال من +الاغلاق التام+ إلى +فتح كل شيء+ قد ينسف هذه الجهود بطريقة لا رجوع عنها".
وأضاف أنه إذا ارتفع معدل العدوى المحدد حاليا في إيطاليا بين 0,5 و0,7، إلى 1 ستعجز أقسام العناية المركزة عن العناية بالمرضى مجددا.
وأجازت كالابريا الخميس إعادة فتح الحانات والمطاعم والنزل الريفية وحذت بذلك حذو منطقة فينيتو الشمالية التي سمحت اعتبارا من الإثنين ببيع وجبات يأتي الزبائن لاستلامها وفتح بعض المحال، في حين أنه من المفترض أن يبدأ رفع العزل تدريجياً على المستوى الوطني ابتداء من 4 أيار/مايو.
في نيويورك، المدينة الأكثر تضررا في العالم، استاء الحاكم أندرو كومو من صور المترو التي شغلها المشردون. وقال "ما يجري في هذه العربات مثير للاشمئزاز"، داعيا إلى حلول لإيجاد مراكز لإيوائهم.
في هذه المدينة نفسها، وإن سجل الوباء تراجعاً فقد استمر تدفق الجثث التي وضع بعضها على الأرض. وأصيب العاملون في دفن الموتى بصدمة من المشاهد التي تشبه أحيانًا كابوساً رهيباً في المقطورات البيضاء المبردة التي تستخدم موقتاً لحفظها. "إنه نهر من الجثث"، كما قالت عاملة في مؤسسة لترتيب الدفن.
- فيروس كورونا ليس من صنع الإنسان -
وأعلنت روسيا التي كانت بمنأى عن تفشي الوباء لمدة طويلة، الخميس أن حصيلة الوفيات لديها تخطّت الألف فيما تواجه عودة ظاهرة الإدمان على الكحول. وتقول تاتيانيا البالغة 50 عاماً في موسكو "ليس بوسع الجميع الصمود خلال العزل".
ومساء الخيس، قال رئيس وزراء روسيا ميخائيل ميشوستين خلال اجتماع عبر الفيديو مع الرئيس فلاديمير بوتين إن فحوص تحديد إصابته بفيروس كورونا المستجد جاءت إيجابية وسيخضع لحجر ذاتي لحماية باقي أعضاء الحكومة.
وفي تطور لافت على صلة بالجدال بين واشنطن وبكين، أعلنت الاستخبارات الأميركية الخميس أنّها توصلت إلى خلاصة مفادها أنّ فيروس كورونا المستجد "ليس من صنع الانسان ولم يعدّل جينياً".
وتستمر الأجهزة الاستخباراتية بحثها ل"تحديد ما اذا كان الوباء بدأ باحتكاك مع حيوانات مصابة أو أنّه نتيجة حادث مخبري في ووهان"، المدينة الصينية حيث بدأ تفشيه، وفق ما افادت إدارة الاستخبارات في بيان.
وفي وقت يترقب العالم بفارغ الصبر علاجاً فعالاً للمرض، أعطت معاهد الصحة الأميركية أملاً الأربعاء عبر الإعلان أن عقار رمديسيفير التجريبي المضاد للفيروسات سرّع شفاء مصابين.
ولا تسمح هذه النتائج الأولية في الوقت الراهن بتحديد ما إذا كان الدواء يسمح بإنقاذ الأرواح. وأوضح الدكتور أنطوني فاوتشي، مدير المعهد الذي أدار التجربة، أن "المعطيات تظهر أن دواء رمديسيفير ترك أثرا واضحا ومهما وإيجابيا في تقليص فترة شفاء" مرضى فيروس كورونا المستجد.
ويجري العمل حالياً على نحو مئة لقاح تجريبي بما في ذلك عشرة في مرحلة التجارب الإكلينيكية، وفق كلية لندن للصحة والطب الاستوائي.
وتظهر علامات تحسن في آسيا، حيث لم تسجل كوريا الجنوبية (التي كانت في مرحلة سابقة الثانية بعد الصين من حيث عدد الإصابتت) أي حالة جديدة لأول مرة منذ بداية الوباء. ولم تسجل هونغ كونغ أي إصابة جديدة منذ خمسة أيام وتايوان منذ أربعة أيام.
من جهتها، تعقد لجنة الطوارئ في منظمة الصحة العالمية التي تواجه انتقادات من جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مسألة تعاملها مع انتشار فيروس كورونا المستجد، الخميس اجتماعها الثالث للبحث في استمرار انتشار وباء كوفيد-19.
وحذّرت المنظمة الأممية من أن السيطرة الكاملة على الوباء العالمي لن تكون ممكنة طالما لم يتمّ إيجاد أي علاج أو لقاح. وذكّرت بأنه "ليس هناك أي دليل حاليا على أن الأشخاص الذين يشفون من كوفيد-19 ولديهم أجسام مضادة محصنون من الإصابة مجددا" بالمرض، ما يبدد آمال الدول التي عوّلت على مناعة جماعية.
ولكن يبدو أن مصائب قوم عند قوم فوائد، إذ حذرت منظمة الشرطة الدولية، الإنتربول، الخميس من لجوء تجار المخدرات إلى استخدام خدمات توصيل البيتزا وغيرها من الوجبات الغذائية إلى المنزل لنقل الكوكايين والماريجوانا والكيتامين في عدة بلدان في ظل العزل. وأشارت إلى حدوث ذلك بشكل خاص في إسبانيا وأيرلندا وماليزيا والمملكة المتحدة.