ارشيفية
الإفتاء توضح حول صلاة الجمعة والجماعة بسبب كورونا
أكدت دائرة الإفتاء العام ضرورة، الالتزام الكامل بجميع التعليمات والإرشادات الصحيّة والتنظيميّة الصّادرة عن الجهات ذات الاختصاص، وهي واجبة شرعا، طاعة لله تعالى ولأولي الأمر قال تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ).
ودعت الدائرة في بيان السبت، ضرورة اتّخاذ الوسائل اللازمة لمنع انتقال المرض وانتشاره، كما يحرم على من أصيب بمرضٍ معدٍ أو اشتبه بإصابته به أن ينقل المرض للآخرين من خلال مُخالطتهم، ويجب عليه أن يأخذ بالاحتياطات الصحية اللازمة، كالحجر الصّحي.
وشددت الدائرة على حرمة إخفاء المرض حتى لا يؤذي الآخرين وبما أن المرض ينتقل بالسرعة في حال التجمعات فإن الشرع يقضي بعدم أداء صلاة الجماعة والجمعة في المساجد، لذلك تصلى الفرائض جماعة في البيوت، وتُصلى الجمعة ظهرًا في المنازل، وحفاظًا على شعيرة الجمعة المباركة ستعقد في مسجد الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، وستقتصر على أربعين ممن تصح بهم الجمعة من أبناء الخدمات الطبية الملكية.
وأضافت في بيانها أنّ الوقاية من الأمراض السارية والمعدية منهج نبويّ، دلّنا عليه الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) حيث قال: (وَفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ)، وقال (عليه أفضل الصلاة والسلام): (لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ) .
ولفتت إلى أن النبي شرّع لنا الحجرَ الصِّحي، مانعاً الاختلاط بأهل الأمراض المعدية، كي لا ينتشر المرضُ ويعمّ البلاء، فقال: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا).
وأشارت الدائرة إلى أنّ المحافظة على النّفس الإنسانية من أهمِّ مقاصد الشريعة الإسلامية، لذلك نجد في الشريعة التيسير في العبادة لكيلا يقع الضّرر بالمكلّف، مثل: إباحة التّيمم لمن يضره الماء، وإباحة الفطر لمن يضرّه الصوم، فيقضي حال القدرة أو يدفع الفدية، وكذلك أباحت الشريعة صلاة الفرض جلوسًا لمن لم يستطع القيام، وقصر الصّلاة للمسافر سفرا طويلا، وجمعها في السّفرِ وعند وجود المطر بشروطه المعتبرة عند السادة الفقهاء.
وأكدت أنّ الدِّين مبناه على اليُسر، ومراعاة حاجات الناس، قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، والأدلّة على رفع الحرج في الدّين وإرادة اليُسر أكثر من أن تُحصى، فإدخال الإنسان نفسه فيما فيه حرج وعُسرٌ مضادٌّ لذلك الرّفع، ومناقضٌ لأصلٍ مقطوع به في الشريعة الإسلامية، قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}.
ولفت البيان إلى أن السادة الفقهاء اعتبروا المطر والطّين من الأعذار التي يُترخص بها من صلاة الجمعة والجماعة، واستدلوا على ذلك بما جاء في (صحيح مسلم): عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: " إِذَا قُلْتَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَلَا تَقُلْ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ "، قَالَ: فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَاكَ، فَقَالَ: (أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا، قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ) قال الإمام النّوويّ الشافعي: "هذا الحديث دليل على تخفيف أمر الجماعة في المطر ونحوه من الأعذار" .
وقالت دائرة الإفتاء إذا كان الترخص في صلاة الجمعة والجماعة من المطر فهو من الأمراض المؤذية والضّارة من باب أولى؛ لأن القاعدة الفقهية التي رسّخها الحديث النبوي الشريف تقول: (لا ضَرر ولا ضِرار)، ورفع الضّرر أصل قطعيٌّ في الشريعة الإسلامية.