ارشيفية
الحبس لشقيق بوتفليقة ومسؤولَين أمنيين سابقين 15 عاما
أصدرت محكمة استئناف عسكرية جزائرية مساء الإثنين حكماً بالسجن 15 عاماً بحقّ كلّ من سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، واثنين من المسؤولين الأمنيين السابقين، وذلك بتهمة التآمر على الجيش والدولة.
وقال المحامي بوجمعة غشير لوكالة فرانس برس إنّه "حُكم على سعيد بوتفليقة والجنرال بشير طرطاق والجنرال محمد مدين بالسجن 15 عاماً. تم تأكيد الحكم الأول".
وأوضح غشير وهو وكيل المتّهمة الرابعة في هذه القضية لويزا حنون، الأمينة العامة لحزب العمّال (تروتسكي)، أنّ موكّلته التي كانت محكمة البداية قد حكمت عليها بالسجن 15 عاماً، خفّف حكمها في الاستئناف إلى ثلاثة أعوام بينها تسعة أشهر فقط سجناً نافذاً، وبما أنها قضت هذه الفترة خلف القضبان فهي "ستخرج" من السجن.
وبالفعل فقد تمّ ليل الإثنين إطلاق سراح حنون (65 عاماً) التي كان في انتظارها أمام سجن البليدة المدني حشد من الصحافيين وجمع من أقاربها الذين تدافعوا لمعانقتها قبل أن تستقل سيارة وتغادر المكان، بحسب ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس.
وكانت محكمة الاستئناف بدأت الأحد النظر في قضية المتهمين الأربعة المسجونين منذ أيار، بعد قبول الاستئناف بأحكام بالسجن 15 عاما صدرت بحقهم في 25 ايلول عن المحكمة العسكرية بالبليدة جنوب العاصمة الجزائرية.
وكانت نيابة مجلس الاستئناف العسكرية طلبت الاثنين عقوبة السجن 20 سنة للمدانين الأربعة بتهمتي "المساس بسلطة الجيش والمؤامرة ضد سلطة الدولة"، بحسب محامين.
وجرت المحاكمة في جلسة مغلقة غاب عنها الصحافيون وسط انتشار امني كثيف.
وإلى جانب حنون مثل الفريق المتقاعد محمد مدين الذي اشتهر باسم الجنرال توفيق، الرئيس السابق لدائرة الاستعلام والأمن وهي التسمية التي كانت تطلق على الاستخبارات بين العامين 1990 و2015.
كما مثل المتهم الرئيسي سعيد بوتفليقة (62 سنة) مستشار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة منذ 1999، والذي تحول إلى الرجل القوي الفعلي في القصر الرئاسي بدون سلطات دستورية، خصوصا بعد تدهور صحة شقيقه. وازدادت قوته إلى درجة اعتباره "رئيسا ثانيا" بعد إصابة الرئيس بوتفليقة بجلطة دماغية في 2013 شلّت حركته وأفقدته القدرة على الكلام.
أما المتهم الرابع فهو اللواء المتقاعد بشير طرطاق، المساعد السابق للجنرال توفيق والذي خلف رئيسه في المنصب بعد تنحيته في 2015.
وتولّى اللواء طرطاق منصب منسّق مصالح الأمن بعد إعادة هيكلة الجهاز وإلحاقه برئاسة الجمهورية، ثم غادر منصبه بعد استقالة بوتفليقة. ورفض طرطاق المثول أمام المحكمة الاثنين وكذلك محاموه، وفق المحامي فاروق قسنطيني، وكيل الدفاع عن الجنرال توفيق.
وكان قسنطيني أكّد لفرانس برس أنه سيحمل الملف الى المحكمة العليا في حال إدانة موكله.
وعقب صدور الحكم قال المحامي قسنطيني لفرانس برس "أشعر بخيبة أمل ولكني لست محبطاً. لدينا فرصة لنقض الحكم أمام المحكمة العليا. أمامنا ثمانية أيام للقيام بذلك".
أما المحامي خالد برغل وكيل الدفاع عن اللواء طرطاق فقال لفرانس برس "إنها عقوبة قاسية. موكّلي يدرك جيّداً أنّ الأوضاع التي يمرّ فيها البلد ليست مؤاتية لصدور عقوبة خفيفة. إنّه رهينة الحراك"، في إشارة إلى حركة الاحتجاج الشعبية التي تهزّ السلطة منذ عام تقريباً.
"عزل رئيس الأركان"
وتم حبس المتهمين الأربعة في ايار 2019 في قضية تتعلّق باجتماع حضره سعيد بوتفليقة، ومدين وطرطاق وحنون في 27 آذار 2019، لوضع خطة "لعزل رئيس الأركان" المتوفى الفريق أحمد قايد صالح غداة مطالبته علناً باستقالة رئيس الجمهورية للخروج من الأزمة التي بدأت مع حركة الاحتجاج في 22 شباط.
وبحسب غرفة الاتهام فإن سعيد بوتفليقة طلب مساعدة الرئيسين السابقين للاستخبارات من أجل إقالة قايد صالح من منصبه الذي شغله منذ 2004 وظلّ وفيا لبوتفليقة طيلة 15 سنة.
وكان رد فعل رئيس الأركان جمع كل قادة الجيش في اجتماع بثه التلفزيون الحكومي ليطلب رحيل الرئيس "فوراً"، وهو ما حصل في 2 نيسان.
وبالنسبة للعديد من المراقبين فإنّ المتّهمين الأربعة هم في الحقيقة الطرف الخاسر في صراع طويل خلال حكم بوتفليقة، بين جهاز الاستخبارات ورئاسة الأركان.
واعترفت لويزة حنون القريبة من رئيس الاستخبارات الأسبق ومن سعيد بوتفليقة، بأنّها شاركت في اجتماع مع سعيد بوتفليقة والجنرال توفيق في 27 آذار، غداة مطالبة رئيس أركان الجيش علناً باستقالة بوتفليقة. لكنّها "رفضت اعتبار ذلك مؤامرة ضد الدولة"، بحسب محاميها.
وبعد بضعة أيام من الواقعة، اتّهمهم قايد صالح بالاجتماع للتآمر ضدّ الجيش. وبعد صدور الأحكام عن محكمة البداية وصفها الأخير بـ"الجزاء العادل".
وأمل المحامون بأن تتغير "المعطيات" بعد وفاة قايد صالح في 23 كانون الأول، هو الذي اعتُبر الحاكم الفعلي للبلاد في الفترة بين استقالة بوتفليقة وانتخاب الرئيس عبد المجيد تبون في 12 كانون الأول.