تعبيرية
"الأمن" يحذر من مخاطر تعاطي المخدرات على الأردنيين
حذرت إدارة مكافحة المخدرات الأردنيين من مخاطر تعاطي المخدرات ، مشيرة إلى أن مدمن المواد المخدر يهين نفسه لأجل تلك المواد، حيث تدفه مدمنها ومتعاطيها إلى يرتكب الجريمة.
وقالت إدارة مكافحة المخدرات لقد تعرضت المجتمعات الانسانية وعلى مر العصور الى الكثير من الازمات و الويلات التي ارخت بظلالها على الجهود البشرية الاقتصادية و الاجتماعية تاركة خلفها العديد من الظواهر السلبية المختلفة و خاصة التي تتعلق بالسلوكات الانسانية من مظاهر منحرفة متعددة ... وتعد مشكلة تعاطي المخدرات من ابرز المشكلات التي تعاني منها دول العالم اجمع سواء النامية او المتقدمة فلا تكاد تخلوا دولة من الدول من هذا الوباء الذي بات يستشري و ينتشر في جسد المجتمع العالمي انتشار النار في الهشيم.
وأضافت في بيان لها، "نحن في دول العالم العربي و الشرق الاوسط بالتحديد باعتبارنا جزء من هذا الجسد فلا بد لنا من ان نتاثر بما تتاثر به باقي دول العالم فمشكلة تعاطي المخدرات باتت ايضاً احدى المشكلات الرئيسية التي تستهدف شبابنا و مجتمعاتنا برمتها ... و برغم ما نختلف فيه عن باقي دول العالم بما نحتكم اليه من عادات و تقاليد واعراف تستنكر مثل هذه السلوكات المنحرفة و الدخيلة و التي تحرمها شريعتنا الاسلامية السمحاء فإنه يستوجب علينا جميعاً تكاتف الجهود لحماية شبابنا من الوقوع في براثن هذه الآفة ... و في هذا المقام فاننا نعول كثيراً على الدور الكبير الملقى على عاتق مؤسسات المجتمع الرسمية والاهلية سيما قادة الرأي و الاشخاص اصحاب الخبرة و الكلمة المسموعة و المؤثرة باستخدام الاساليب الحديثة التي تسترعي اهتمام الشباب و ميولهم من اجل نشر الوعي بينهم من اخطار المخدرات و شرورها ."
وحينما حرم علماء المسلمين استخدام المخدرات جاء ذلك قياساً على ما ورد في كتاب الله تعالى من تحريم للخمر، وكلنا يعلم مراحل تحريم الخمر في الاسلام و كيف تعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع هذه القضية بعد ان كانت العرب معتادة على شرب الخمر ــــ و لا نود الخوض هنا كثيراً في هذه المراحل ـــــ ولكن ما نود التركيز عليه هو اثر تعاطي المخدرات على الفرد و اسرته و مجتمعه و دينه فاذا نظرنا الى المرحلة الثانية من مراحل التحريم للمسكرات سنجدها ركزت على هذا الاثر بحسب ما ورد من كلام الله سبحانه و تعالى حينما قال في كتابه الحكيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ) 43 النساء .
ففي هذه الاية اشارة واضحة الى عظيم اثر تعاطي المخدرات و المسكرات على الفرد كمتضرر اساسي تفتت مستقبله و ترمي به في عالم اللاوعي و الضياع ثم ما يمكن ان يقترفه بحق من هم حولة و اقرب الناس اليه، اسرته و ابنائة و والديه من جرائم لا تخفى على كل ذي لب حكيم .
ولكننا و بكل اسف بتنا نرى في هذه الايام ممن يحاول تبسيط جريمة تعاطي المخدرات و الدفاع عن متعاطيها وكأنه قضاء و قدر او وباء حل بالمدمن دون رغبة منه ما يساهم في زيادة رقعة التعاطي بين الشباب ... و نحن هنا لا نستهدف المدمن او متعاطي المخدرات بل هو في نظرنا مريض و ضحية لا بد من دعمه نفسياً و اجتماعياً و الوقوف الى جانبه كي يتخلص من هذا الوباء ... وهذا ما اثبتته ادارة مكافحة المخدرات حينما اخذت على عاتقها انشاء مركز متخصص لمعالجة المدمنين ضمن غطاء تشريعي يعفي المتعاطي من العقوبة القانونية حال تقدم من تلقاء نفسه او احد ذويه طالباً العلاج قبل ان يتم ضبطة اضافة الى سرية العلاج و مجانيته .
فأي انسانية اكثر من هذه و اي اعتراف اكثر من هذا بحق المدمن في العلاج ... ولكن ومع هذا فإن وصفنا له بالمرض فإنه محكوم بضوابط و حدود، فإذا اصرّ المتعاطي على تعاطيه للمخدرات فهو يعتبر شريك في الجريمة ... فلولا المتعاطي ما وجد التاجر و المروج ... و ان اردتم ان تروا المشكلة على حقيقتها فإليكم بأمهات المدمنين، اسألوهن عن معانتهن بسبب ادمان ابنائهن على المخدرات ... و اسألوا الزوجات اللواتي اكتوت قلوبهن الماً و حسرة على ضياعهن و ضياع ابنائهن جراء ادمان ازواجهن على المخدرات ... و اسألوا الآباء الذين تفطرت قلوبهم على ابنائهم بعد ان بنوا عليهم الآمال ... بل واسألوا المدمن عن حاله وما وصل اليه من ترد صحي و مجتمعي.
فكم من مدمن اهان نفسه لاجل المخدرات ... و كم من مدمن فرط في ماله و بيته و ارضه و عرضه لأجل المخدرات ... كم من قصص شاهدناها في احيائنا و اماكن سكنانا عن اناس باعوا الغالي و النفيس مقابل جرعة رخيصة من المخدرات ... الم نسمع عن ذلك الذي سرق مال ابيه او مجوهرات امه ... و عن الذي سرق بيت جاره و انتهك حرمته ... ألم نسمع عن ذلك الذي ضرب اباه و طرده من المنزل فما كان منه حينها الا ان يستنجد بإذاعة الامن العام ليخلصوه من عقوق ابنه ... الم نسمع عن ذاك الذي ارتكب حادث سير تسبب في قتل الأبرياء وهو تحت تأثير المخدرات ... الم نسمع و نشاهد ذلك الذي طلق زوجته و ضربها و اهانها و حرم ابنائه لقمة العيش بل و العيش الكريم حتى سمعناها يوم تصرخ مدوية على لسان احدى البنات حينما جاءت تبث شكواها الى الله اولاً بحق والدها لتقولها بصرخات مدوية (الله يحرمه الجنة مثل ما حرمنا نعيش زي باقي الناس ـــ قاصدة اباها).
ان مدمن المخدرات و متعاطيها يمكن له ان يرتكب الجريمة في حالتين: (الأولى) وهو يبحث عن جرعة المخدرات فلا غرابة ان نجده يسرق او ينهب او ينصب او حتى يقتل او يفرط في كل ما يملك من اجل الحصول على المال الذي سيجلب به المخدرات ... و (الثانية): وهو تحت تأثير الجرعة فكم من مادة مخدرة افقدت المتعاطي وعية و اخرجته عن الفطرة البشرية السليمة فأصبح الواحد منهم كالانعام بل هُو أَضَلُّ سَبيلا ... ليرتكب الجرائم المختلفة بحق افراد المجتمع الابرياء ... و كم من رجل امن اصيب و اخرين استشهدوا و هم يكافحون هذه الآفة و لا غرابة ان بعض الشهداء كان قد ارتقى على يد متعاطٍ للمخدرات و ليس تاجر او مروج لها ... ولكم ان تنظروا الى المستوى الاجتماعي المتردي الذي وصل اليه المتعاطين من عقاب المجتمع لهم فمن منا يرضى ان يكون ابنه متعاطٍ للمخدرات و من منا يقبل ان يعيش الى جواره شخص مدمن للمخدرات بل ومن منا يقبل ان يزوج ابنته الى مدمن للمخدرات ... ان هذا الرفض ينصب تحت عدم الثقة بمدمن المخدرات باعتباره شخص مستهتر لا يصلح ان يكون اهلاً لثقة ابناء المجتمع .
و من هنا بات لزاماً علينا ان نقف سوياً الى جانب المدمن لنمد يد العون له في ايصاله الى مراكز علاج المدمنين كي يعود الى الينا كما كان في السابق وحينها قلوبنا قبل بيوتنا مفتوحة لهم ... و لكن ان اصروا على سلوكهم فلا بد لهم من ان ينالوا جزائهم الذي يستحقون وفق احكام القانون.
هذا هو واجبنا الحقيقي تجاه متعاطي المخدرات و مدمنها و ليست الشعارات الرنانه الخبيثة المبنية على اطماع دنيوية مادية ومعنوية.