إلى أين سيقود ضم الاحتلال لأجزاء من الضفة الغربية؟

بعد إعلان الولايات المتحدة لخطة للسلام، هددت تل ابيب بضم أجزاء من من الضفة الغربية المحتلة، بينما أعلن الفلسطينيون عن قطع العلاقات بما فيها الأمنية مع الاحتلال والولايات المتحدة.

لكن محللين يرون أن تنفيذ ذلك في الأمد القريب قد يكون اصعب مما يتوقع الطرفان.

- ماذا يمكن أن تضم تل ابيب؟ -

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في 28 كانون الثاني/يناير عن خطته للسلام في الشرق الأوسط التي تسمى "صفقة القرن" وطال انتظارها. لكن كثيرين اعتبروا أنها منحازة للاحتلال.

وأعطت الخطة الأمريكية للاحتلال الضوء الأخضر لضم غور الأردن والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. ويرى الفلسطينيون أن هذه الخطوة تعني استحالة قيام دولة فلسطينية.

اقرأ أيضاً : كوشنر للفلسطينيين: هذه الشروط مطلوبة للحصول على دولة

وغور الأردن منطقة إستراتيجية تشكل أربعين بالمئة من مساحة الضفة الغربية التي احتلتها تل ابيب في العام 1967.

وقد يثير ضم هذه المنطقة الواقعة على الحدود مع الأردن، غضب المملكة التي وقعت اتفاقية سلام مع تل ابيب في العام 1994.

- متى؟ -

عقب إعلان واشنطن، قال مسؤولون صهاينة إن الحكومة ستناقش في اجتماعها الأسبوعي الأحد الملف.

وأعرب مسؤولون في حكومة الاحتلال عن "قلق أمني" حيال الخطوة.

وكان مستشار الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر الذي قاد خطة السلام في الشرق الأوسط، صرح أن واشنطن لا تريد أي خطوات على الأرض قبل انتخابات الكنيست العامة المقررة في الثاني من آذار/مارس المقبل. وقال "الآن، سنبدأ العمل على الأمور التقنية لكنني أعتقد أننا سنحتاج إلى حكومة من أجل المضي قدما".

وألغي الاجتماع الحكومي الأحد بدون الإعلان عن سبب محدد.

ويشير الباحث في معهد "إسرائيل لدراسات الأمن القومي" كوبي مايكل إلى "قلق" لدى الجيش وقوات الأمن الأخرى من احتمال تصاعد التوتر.

وبحسب مايكل "كانت هناك توصية من هيئة الأركان (العسكرية) للقيادة السياسية بعدم التسرع في خطوة الضم".

- ما هو الموقف الفلسطيني؟ -

أثارت الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط، غضب الفلسطينيين وعلى رأسهم القيادة.

وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس السبت من القاهرة عن قطع "أي علاقة بما فيها أمنية" مع الاحتلال والولايات المتحدة مؤكدا تحرره من التزاماته بموجب اتفاقات أوسلو.

ويعتبر التنسيق الأمني وفق محللين، عنصرا مهما للحفاظ على الهدوء في الضفة الغربية المحتلة حيث تتمتع حكومة عباس بحكم ذاتي محدود في المدن الكبرى.

ويقول الباحث في معهد "إسرائيل لدرسات الأمن القومي" كوبي مايكل إن "التحدي الأكبر (للجيش) هو اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة خارجة عن السيطرة -- خصوصا غذا أضيف إلى ذلك وقف التنسيق الأمني -- فإن التحدي سيكون أكبر".

واندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 1987 واستمرت ست سنوات حتى 1993. أما الانتفاضة الثانية فقد بدأت في العام 2000.

- هل سيمضي الرئيس الفلسطيني قدما؟ -

التهديد الفلسطيني بقطع العلاقات ليس بالأمر الجديد، لكنه لم ينفذ.

وقال مدير مركز موشيه ديان للدراسات الشرق أوسطية والإفريقية عوزي رابي إن مواصلة عباس البالغ من العمر 84 عاما، تهديده يعني تشجيع الحركات الإسلامية المسلحة وعلى رأسها حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.

ويسمح التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال بتفكيك خلايا الجماعات الإسلامية المسلحة في الضفة الغربية المحتلة.

وأضاف رابي "بالنسبة لعباس، التنسيق الأمني يمنع دخول حماس إلى الضفة الغربية".

على الأرض، لم يتضح ما إذا كان التنسيق قد توقف بالفعل أم يبقى أمرا محتملا.

يرى المحلل السياسي الفلسطيني جهاد حرب أن إعلان عباس "لا يزال في إطار التهديد"، موضحا أن "وقف التنسيق الأمني يعني وقفا كاملا للعلاقة الأمنية، لكننا لم نر شيئا على الأرض حتى الآن".

أما الوزير الفلسطيني السابق غسان الخطيب، فيرى أن لغة عباس كانت هذه المرة مباشرة أكثر من الأوقات السابقة. وقال "لطالما تحدثوا في السابق عن تشكيل لجان لدراسة قطع العلاقات أو نوع من التلاعب في اللغة".

لكن هذه المرة قالوا إنهم أبلغوا تل ابيب والولايات المتحدة بالفعل، ولم يكن هناك أي نوع من "إخلاء المسؤولية".

ويشير الخطيب إلى أن القطع الفعلي للعلاقات الأمنية مع الاحتلال يعني أنهم سيردون بتجميد التنسيق في مناطق أخرى وهذا سيجعل حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية أكثر صعوبة.

ويعيش أكثر من 400 ألف يهودي في مستوطنات إلى جانب حوالى ثلاثة ملايين نسمة فلسطيني.

وقال هيو لوفات المحلل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن "التجربة السابقة يمكن أن تؤدي إلى التشكيك". وأضاف "لكن رغم أن عباس قد يكون يطلق تحذيرا رويتينيا اخر من خطر، إلا أنه يجب أن نتذكر أن هذا الخطر قد تجسد ذات مرة".