مبادرة فلسطينية لبناء عمارة واحدة تحتضن مسجداً وكنيسة
رؤيا - القدس العربي - في مبادرة فريدة من نوعها، وردا على حالة « التشرذم والفتن والتعصب التي تتهدد الامة العربية»، بادر رئيس بلدية فلسطينية داخل أراضي 48 لبناء عمارة ترمز لتقاليد الأخاء الإسلامي المسيحي تتكون من مسجد وكنيسة ومتنزه أهلي.
وكشف مجاهد عواودة رئيس مجلس البلدي في كفركنا قضاء الناصرة عن قرار البلدية بناء مزدوج يجمع الجامع والكنيسة معا في حي جبل سيخ في بلدته التاريخية.
وكفركنا بلدة تاريخية في الجليل تعرف أيضا بقانا الجليل وقد وردت في الإنجيل بعدما صنع السيد المسيح معجزته الأولى فيها بتحويل الماء خمرا، وفيها كنيسة قديمة تعرف بكنيسة العرس يؤمها مليون سائح في العام. ويعتقد أن المسيح قام بمعجزته المذكورة فيها.
وقال إن انجاز هذا الصرح الرمزي الإسلامي- المسيحي سيبدأ الشهر القادم بعد ان رصدت ميزانية له، وخصصت قطعة أرض بمساحة ثمانية دونمات.
ويوضح عواودة أن فكرة المشروع انطلقت من «المتاهة» التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط ككل وتتجلى بأبشع صورها الآن بتنظيم «داعش» الذي يهدد الحضارة الإسلامية أكثر من كل أعدائها عبر التاريخ.
وتابع شاكيا «نعيش حالة ضياع صرنا فيها قبائل وعشائر ومللا وأورثوذكس ولاتين وكاثوليك وفرنسيسكان وشيعة وسنّة وداعش وجبهة نصرة وعرب بدو ودروز، وصرنا لرئيس الجمهورية وثوار من أجل الحرية الخ».
وتابع جازما انه «اذا لم يتوحد العرب في الرؤية والهدف بحدهما الأدنى فلا أمل لهم في رحمة الله وسنضيع جميعنا».
واعتبر ان المشروع المشحون برمزية كبيرة رسالة أمل مفادها أن هناك حكماء على هذه الأرض يستطيعون تصحيح المسار والانطلاق معا نحو فجر عربي جديد مسلمين ومسيحيين نابع من مبدأ راسخ «لكم دينكم ولي ديني» وكل الاديان لله.
وتابع «في كفركنا تقاسم المسلمون والمسيحيون الرغيف والهم الواحد والأمل الواحد وجمعتهم التجربة الحلوة والمرة وهم على هذه الدرب سائرون».
وأكد عواودة ان الميزانية قد رصدت وان الارض وجدت والعزيمة اشتدت، مشددا على ان المشروع سينطلق حتى لو كلفه ذلك بيع أرضه الخاصة وكل ما يملك من اجل إتمام مشروع الكنيسة والجامع معا، كرد على ما يحدث في العراق ولبنان وسوريا، وربما يكون المشروع قطرة لكن من المؤكد ان تتبعه قطرات.
واشار إلى انه أعلن عن هذا المشروع بعد استشارة رجال دين مسلمين ومسيحيين وأهالي بلدته.
وقام مكتب معماري بوضع التصميم للبناء المزدوج الذي وصفه عواودة بأنه معلم رمزي روحاني تحيطه حديقة تجمع النباتات الطبيعية لجبل سيخ الذي يقام عليه المعلم علاوة على تخصيص جزء واسع من المساحة المحيطة به لمتنزه للعائلات.
من جانبه رحب المهندس نبيل ابو داود، عضو المجلس البلدي عن الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة بالفكرة وقال : «نحن في أمس الحاجة لمبادرة ايجابية من هذا النوع تعيد الحياة الاجتماعية إلى عهد سابق لم يكن شعبنا يميز بين مسلم ومسيحي»،
واصفا الحالة التي يعيشها المجتمع العربي اليوم بأنها «غريبة عن طبيعتنا وعن القيم التي نشأنا عليها».
وقال إنه يرى في بناء صرح إسلامي مسيحي مزدوج، خطوة ايجابية نحو وحدة البلد وأهلها ووحدة الطوائف في الوطن العربي إزاء الظروف القاسية التي يشهدها الوطن من حروب طائفية ونزاعات عرقية.
وقال أبو داود «سنهتم بأن يكون هذا المعلم منطلقا للحوار بين الأديان وان يبعث بصيصا من الأمل، ويبث روحا جديدة ويدفع باتجاه تعزيز المحبة والتآخي والوحدة بين بني البشر على اختلاف دياناتهم في البلاد والمنطقة والعالم».