أهالي ضحايا فاجعة البحر الميت: عام على جرح مازال ينزف
أهالي ضحايا فاجعة البحر الميت: جرح مازال ينزف - فيديو
لم يكن يوما عاديا، مرت ساعاته ثقيلة على كل الأردنيين، صحيح ان بدايته كانت توحي أنه يوم خريفي معتاد، إلا أن نهايته حملت فاجعة اصابت قلب كل أردني.
فكما تقوم والدة الشهيدة ميلار ابو السندس فإن " فاجعة البحر الميت فاجعة ما حدثت بتاريخ الأردن".
عام مضى لم يكن كفيلا لينسي ذوي الشهداء ما عاشوه من مأساة في تلك الليلة، فهم حتى اللحظة يعيشون كابوسا وكأن الحادث حصل منذ ساعات، إذ يستذكر والد الشهيدة سارة ابو سيدو الحادثة كأنها حصلت أمس على حد تعبيره.
بداية القصة كانت في يوم خريفي عادي إذ إنطلقت رحلة مدرسية خرجت بسلام من العاصمة عمان باتجاه البحر الميت، و كأن رمزية المكان لها مدلول، لتكون نهاية حياة الأطفال وحسرة وغصة في قلوب اهلهم والاردنيين جميعا.
والدة المصابة أمل الزعبي تقول: "بنتي أمل كانت من ضمن المصابين، امل كانت اول ناجية واول مصابة وصلت الى مستشفى الشونة في ذلك اليوم، وهي كانت من ضمن المجموعة اللي أسموها مجموعة الموت التي كانت في الوادي"، وأضافت: " بنتي تخيل عاشت كل مأساة الغرق مع اللي استشهدوا زملائها الله يرحمهم، لا زالت تستذكر فظاعة الموقف اللي عانوه واللي شافوه وللأسف ما حد من الحكومة اهتم بالمصابين، الجرح والكسر النفسي اللي بداخل بنتي واللي بشوفه وبتعانيه رغم صغر سنها يعني هذا الشي كثير وفظيع بنتي يوميا بتستذكر صاحباتها عايشة مع صور صاحباتها".
أما والدة الشهيدة ميلار ابو السندس إستذكرت لحظة وصولها للمستشفى قائلة: "وانا فايتة على المستشفى بلاقيني شرطي، اخدني وفتح باب كبير وقالي ستي هي اول 8 جثث وصلت فوتي دوري، طبعا انا انحطيت بوضع بس ربنا اللي بيعلم فيه وانا صرت بالنص مش عارف اطلع ولا فعليا ادور".
والدة الشهيدة اكرام العموش ما زالت تعاني من وقع صدمة فقدان ابنتها في حادثة البحر الميت: "بنتي زي الاطفال اصدقائها بالمدرسة طلعت رحلة كانت على اساس انه بنتي رايحة تنبسط رايحة مع صاحباتها رايحة على اساس متأمل انها ترجعلي بس للأسف قدر الله وما شاء فعل".
وادي ماعين .. احد اودية البحر الميت .. بدأت رحلة مغامرة فيه مشيا على الأقدام في مجرى السيل الجاف، استمر الطلاب ومعلموهم ومرافقوهم بالمشي لساعات حتى بدأ الجو يتغير، انتهت رحلة المغامرة وبدء الطلاب بالعودة الى الحافلة وفي هذه الاثناء بدأ تساقط المطر في المنطقة، وما هي إلا لحظات حتى تحول مجرى السيل الجاف الى نهر طيني عنيف، وهنا بدأت لحظات الرعب والهلع، تحولت الضحكات الى صراخ وعويل واستنجاد، جرف السيل من جرف ونجا من نجا.
هبت فرق الدفاع المدني والأمن العام والجيش، وبدأت رحلة عذاب لا تقل سوداوية عن الحادثة نفسها، ليحبس الأردنيون أنفاسهم في انتظار اخبار تخفف من وطأة ما حدث.
يقول والد الشهيدة سارة أبو سيدو: انا بنتي لم أودعها بنتي وديتها على المدرسة بعدين زرتها في القبر، مرت جنازتها من امام بيتنا صلوا عليها في مسجد الكالوتي مرت الجنازة من أمام بيتنا واحنا قاعدين بندور على سارة".
أهالي الشهداء والمصابين إستنهجنوا تعامل المسؤولين مع قضية أبنائهم فهم -على حد قولهم- لا يعرفون حتى اللحظة ما الذي حصل مع ابنائهم ومن المسؤول عن ما حصل، فوالد الشهيدة سارة ابو سيدو يقول: "الإنسان لما بيصيرلوا ضحية بسبب حادث عادة جبر الخاطر والقصاص من المذنب هو اللي بيبرد على قلوب الناس صحيح ولا لا؟ فإحنا ما صار في لا قصاص ولم يحاسب احد وبنفس الوقت لم تجبر خواطر الأهل فكيف بدك يندمل الجرح صعب جدا يندمل".
وتقول والدة الشهيدة ميلار: "المفروض كانت الحكومة كاملة انها تستقيل" وأضافت: "جلالته لما قابلني حكالي حق بنتك عندي، أنا يا سيدي بستنا حق بنتي والشهداء".
كل طفل كانت له حكاية ورواية، ذكريات مع أهله وأصدقائه وجيرانه، تركت غصة في قلوب كل من عرفهم.
على وقع الاحداث قدم وزيرا التربية والتعليم والسياحة استقالتهما من منصبيهما فيما شكلت أكثر من لجنة للتحقيق فيما حصل، وخلصت تلك اللجان الى عدة توصيات كان أبرزها تعديلات في بعض التشريعات بالإضافة إلى تحسين عمل بعض الوزارات كالصحة والاشغال وتفعيل دورها.
أكثر من 20 روحا صعدت الى السماء، ارواح اطفال وشباب كانت ثمنا لتقصيرنا جميعا فالقلوب لم تنطفئ بعد، ويبقى السؤال ماذا فعلنا لتجنب كارثة وطنية بحجم ما حصل قبل عام من الآن؟ كلنا نؤمن بقضاء الله وقدره ولكننا نؤمن أيضا بأن علينا أن نعد العدة .. فماذا أعددنا؟