الرئيس التركي رجب طيب إردوغان
اردوغان يؤكد مواصلة العملية العسكرية في سوريا
رفض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأربعاء الضغوط الدولية لحضه على وقف عمليته العسكرية في شمال سوريا، فيما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب نائبه مايك بنس الى أنقرة لإقناع تركيا بوقف إطلاق النار.
ميدانيا، دخلت قوات النظام السوري ترافقها القوات الروسية مساء الأربعاء مدينة كوباني (عين العرب) في شمال سوريا بموجب اتفاق مع الإدارة الذاتية الكردية في مواجهة الهجوم التركي المستمرضد مناطق سيطرتها، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس إن "قوات النظام ترافقها قوات روسية دخلت مساء الاربعاء مدينة كوباني" ذات الغالبية الكردية والحدودية مع تركيا في ريف حلب الشمالي الشرقي، والتي طالما أعلنت أنقرة نيتها السيطرة عليها.
ولكوباني رمزية خاصة كونها شهدت في العام 2015 على أولى أبرز المعارك التي هزم فيها المقاتلون الأكراد بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن داعش.
ومنذ ذلك الحين، باتت تُعد وحدات حماية الشعب الكردية رأس الحربة في قتال التنظيم المتطرف، وتعززت علاقاتها مع واشنطن التي استمرت بدعمها بعد انضوائها في تحالف قوات سوريا الديموقراطية.
وبعدما أعطى الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مرحلة أولى إشارة كانت بمثابة ضوء أخضر للهجوم التركي إذ أمر بسحب القوات الأميركية من نقاط حدودية في شمال سوريا، عاد تحت ضغط الانتقادات الشديدة ودعا أنقرة إلى وقف هجومها فارضا عقوبات على ثلاثة وزراء أتراك ورسوما على قطاع الصلب التركي.
وأوفد ترمب إلى تركيا نائبه مايك بنس ووزير خارجيته مايك بومبيو لمحاولة انتزاع وقف لإطلاق النار.
وقال مكتب بنس إنّ واشنطن ستفرض "عقوبات اقتصادية عقابية" إذا لم يتم التوصل "الى وقف فوري لإطلاق النار".
وبعدما أعلن إردوغان أنه لن يتباحث سوى مع ترمب، عادت الرئاسة التركية وأكدت أنه سيلتقي المسؤولين الأميركيين الخميس.
وأكد إردوغان مجددا رفضه "الجلوس على نفس الطاولة مع منظمة إرهابية"، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، مؤكدا أن على المقاتلين الأكراد أن يلقوا سلاحهم ويتراجعوا.
وقال "حالا، هذا المساء، ليلق جميع الإرهابيين سلاحهم ومعداتهم ويدمروا كل تحصيناتهم وينسحبوا من المنطقة الآمنة التي حددناها".
-"الأكراد محميون" -
ورفض ترمب اعتبار سحب القوات الأميركية البالغ عددها نحو ألف مقاتل بمثابة "خيانة" للمسلحين الاكراد الذين خاضوا الحرب ضد داعش خلال السنوات الأخيرة.
وقال ترمب في البيت الأبيض إن "الأكراد محميون بشكل جيد"، بينما يواجه الرئيس الجمهوري اتهامات في الولايات المتحدة ومن قبل حلفائه الأجانب "بالتخلي" عن الأكراد. وأضاف "أساسا هم ليسوا ملائكة".
وعاد ترمب وقال إن "حزب العمال الكردستاني، الذي هو جزء من الأكراد كما تعلمون، هو على الأرجح اسوأ في الإرهاب ويشكل خطراً إرهابيا أكبر بأوجه عديدة، من داعش" في إشارة لداعش.
وتصف تركيا وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا بأنها "إرهابية" باعتبارها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا داميا على الأراضي التركية منذ العام 1984.
غير أن وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية، كانت تحظى بدعم الغرب لدورها الأساسي في محاربة داعش.
وبدأت موسكو تملأ الفراغ الذي خلفه انسحاب القوات الأميركية، و لتفادي وقوع مواجهات بين القوات السورية المدعومة من روسيا والقوات التركية مع الفصائل السورية الموالية لأنقرة، أعلنت موسكو أن الشرطة العسكرية الروسية تسيّر "دوريات على طول خط التماس" في منبج.
وأعلنت الرئاسة التركية مساء الاربعاء أن اردوغان سيزور روسيا في الثاني والعشرين من الشهر الحالي لبحث الملف السوري مع نظيره بوتين.
ولا تزال المعارك على أشدها وخصوصا في مدينة رأس العين الواقعة على الحدود التركية، حيث لا يزال المقاتلون الأكراد يحاولون التصدي لهجوم القوات التركية.
وشاهد مراسل لوكالة فرانس برس قرب رأس العين أعمدة من الدخان ترتفع من المدينة فيما ينبعث دوي القصف المدفعي التركي المركز. وكان المقاتلون الأكراد يحرقون إطارات سعيا لحجب الرؤية عن الطائرات التركية.
- مخاوف من هروب الجهاديين-
ولا تخفي القوى الغربية خشيتها من أن تؤدي العملية لتقويض جهود الحرب ضد داعش، خصوصا أن الآلاف من جهاديي التنظيم وأسرهم محتجزون في معسكرات كردية في المنطقة.
وحذر مجلس الأمن الدولي في بيان صدر بالاجماع الاربعاء من خطر فرار السجناء الجهاديين في سوريا، إلا أنه لم يدعُ إلى وقف العملية التركية ضد المقاتلين الأكراد في شمال سوريا.
وقال مدير وكالة "أوكام" البلجيكية الخاصة بمكافحة الارهاب إن جهاديين بلجيكيين كانا مسجونين في شمال شرق سوريا تمكنا من الفرار من مركز اعتقالهما.
وأبدت عدة بلدان أوروبية مخاوف من فرار أعداد من مقاتلي داعش المحتجزين لدى القوات الكردية.
والهدف المعلن للعملية التركية هو إقامة "منطقة آمنة" بعمق 32 كلم على حدود تركيا تعيد إليها قسماً من اللاجئين السوريين الموجودين على أرضها والبالغ عددهم 3,6 مليوناً، وتبعد عن حدودها الأكراد الذين تعتبر أنهم مصدر زعزعة لاستقرارها.
وقال إردوغان إنّه مع تأمين إقامة المنطقة الآمنة "من منبج وحتى الحدود العراقية" فإن العملية "ستنتهي من تلقاء نفسها".
وتسبّب الهجوم التركي خلال ستة أيام، وفق المرصد، بمقتل نحو 71 مدنياً و158 مقاتلاً من قوات سوريا الديموقراطية.
وأحصت أنقرة من جهتها مقتل ستة جنود أتراك، و20 مدنياً جراء قذائف اتهمت المقاتلين الأكراد بإطلاقها على مناطق حدودية، في حين سجّل سقوط 128 قتيلا في صفوف الفصائل السورية الموالية لتركيا.
كما أدت العملية إلى نزوح 160 ألف شخص من منازلهم في شمال سوريا، بحسب الأمم المتحدة.
كما وصل نحو ألف كردي سوري خلال الأيام الاربعة الماضية إلى إقليم كردستان العراق المجاور، فارين من العملية العسكرية التي تشنها تركيا في شمال سوريا، بحسب ما أشار مسؤولون الأربعاء.