الصورة أرشيفية
هل يمكن أن تتضاعف حصة المواطن الأردني من المياه للاستخدام المنزلي؟
كتب حزم المازوني ان الاردن معرض لنفاذ المياه. وفقاً لدراسة جديدة اجراها معهد الموارد العالمية، مشيرة الدراسة إلى أن 12 من أصل 17 دولة تعاني من الإجهاد المائي "تناقص المياه المتجددة" في العالم وهو أمر يتفق معه الخبير في المياه الدكتور إلياس سلامة.
يوضح تحليل بيانات استخدام المياه في الأردن، الذي تم الحصول عليه لهذا المقال، من وزارة المياه والري الأردنية، أن العامل الأكبر المسبب لندرة المياه في الأردن ليس تغير المناخ فقط؛ إنما سوء إدارة المياه.
قرابة نصف مياه التزويد للاستخدام المنزلي تضيع ولا تصل الى منزل المواطن الأردني، وبلغ حجم الفاقد الأكبر في عام 2016 حيث ضاع 51.5 لتر من كل 100 لتر تم ضخها في شبكة المياه العامة. حسب البيانات التي صرحت بها وزارة المياه والري في تقاريرها قطاع المياه حقائق وأرقام للأعوام 2013 و2015، و2017
هدر المياه في الأردن في ازدياد في ظل تناقص حصة الفرد
وحسب هذه التقارير الثلاثة أيضاً يحصل الأردن على نصف إلى ثلثي المياه التي يحتاجها من مصادر جوفية، مما يتسبب في انخفاض مستوى المياه في بعض الأحواض الجوفية قرابة 10 أمتار كل عام، بالرغم من المواسم المطرية الجيدة خلال السنتين الماضيتين، حسب تصريح الناطق الإعلامي في وزارة المياه عمر سلامة.
ازداد حجم مياه التزويد للأغراض المنزلية بين عامي 2008-2017 لقرابة النصف تقريبا (55.85%)، وعلى الرغم من ازدياد حجم استهلاك المياه المنزلية لقرابة النصف أيضاً لذات الأعوام (48.87%)، إلا ان حصة الفرد اليومية من المياه انخفضت في عام 2017 بمقدار 7 لترات يوميا عما كانت عليه في عام 2008.
بينما حافظ حجم الفاقد في تزويد المياه للأغراض المنزلية على حجمه بمقدار النصف تقريبا لذات الأعوام، إذ كان مقدار الفاقد الأدنى في عام 2011 بمقدار 42 لتر من المياه تضيع من أصل كل 100 لتر يتم ضخها في شبكة المياه العامة، وبلغ حجم الفاقد الأكبر في عام 2016 حيث ضاع 51.5 لتر من كل 100 لتر تم ضخها، قبل أن تصل الى منزل المواطن الأردني.
ويعزى هذا الفاقد حسب وزارة المياه "سياسة إعادة توزيع المياه" إلى أسباب فنية، مثل عمر الأنابيب وحالتها والضغط وكمية المياه ومدة التزويد، وأسباب إدارية مثل أخطاء القياس والتمديدات غير القانونية والسرقة.
حيث أن الخسائر الفنية للمياه لا تستهلك ولا تسجل، في حين أن الخسائر الإدارية تستهلك من قبل المواطنين، ويقدر فاقد المياه الإداري بمقدار النصف من فاقد المياه الكلي بالاعتماد على بيانات العديد من الدراسات التي أجرتها الوزارة.
وفي هذا الجانب، أوضح الناطق الرسمي في وزارة المياه عمر سلامة، أن الضخ المتقطع للمياه "مرة في الأسبوع" يعمل على إنقاص عمر الشبكة على المدى الطويل، بسبب تغير الضغط المستمر فيها مما يؤدي إلى ظهور التصدعات في أنابيب نقل المياه.
الأردن من أكثر الدول المعرضة لخطر شح المياه
ليس خافياً أن الأردن يعاني من مصادر مائية غير كافية، فالصحراء تمتد على 92 جزء من كل 100 جزء من أراضيه، ترويها الأمطار بأقل من كوب من الماء سنويا (200 ملم) "الاستراتيجية الوطنية للمياه 2016-2025". وتحصل البلاد على أكثر من نصف حاجتها للماء من المياه الجوفية (58.5%-60.5%)
ويشغل الأردن المرتبة الثامنة في المنطقة بين الدول التي تعاني من شح شديد في المياه، اذ تقارب معدلات العوز المائي فيها معدلات دول الخليج، ويبعد عن أكثر الدول عوزاً للمياه بمقدار 0.19 نقطة فقط.
ولعل معدل تزويد المياه المنزلي في العاصمة عمّان خير مثال على شح المياه في البلاد، أذ بلغت في عام 2016-2017 قرابة 52 ساعة أسبوعياً خلال فترة الصيف، و46 ساعة أسبوعياَ خلال فترة الشتاء.
ليس خافيا أن حال مياه السدود مرتبط جذرياً بمياه الأمطار، فقد فقدت السدود في المملكة 88 لتراً من أصل كل 100 لتر جمعتها خلال العام 2017، وكان سد الملك طلال أكثر الفاقدين للمياه بمقدار 26 لتراَ من أصل كل 100 لتر جمعها خلال العام.
كمية استهلاك المياه ازدادت أيضاً خلال هذه الأعوام، وبلغت الزيادة في استهلاك المياه السطحية عام 2017 ما مقداره 14 لترا لكل 100 لتر استهلكت عام 2008، بينما بلغت الزيادة في استهلاك المياه العادمة بنسبة النصف تقريباَ (45%) أما الزيادة في استهلاك المياه الجوفية فبلغ مقدار الربع (24%) عما كان عليه قبل 10 سنوات.
مستقبل المياه في الأردن إلى أين؟
تسعى وزارة المياه حسب الناطق الإعلامي باستمرار لإيجاد حلول رديفة لزيادة كميات تزويد المياه للاستخدام المنزلي، أحد هذه الحلول يتجسد في زيادة استخدام المياه المعالجة لري بعض انواع الزراعات المقيدة واستخدامها في الصناعات مما يوفر كميات مياه شرب اضافية للمواطنين.
وقد نجحت الوزارة في الوصول على معالجة 98 لتر من كل 100 لتر من مياه الصرف الصحي التي يتم جمعها (98%) يتم استخدام معظمها في قطاع الزراعة المقيدة. إلا أن وزارة المياه تطمح لرفع كفاءة عمليات معالجة المياه التي استفاد منها ثلثي السكان (63%) بنهاية عام 2014 في استراتيجية المياه لعام 2008-2022، كان أحد أهداف وزارة المياه، هو تقليل الفاقد في المياه التي لا يتحقق عائد من استخدامها ليصل الى مقدار الربع (25%) بحلول عام 2022، أما في سياسة إعادة توزيع المياه والتي تعتبر جزءاً من استراتيجية المياه لعام 2016-2025 فقد خططت الوزارة للوصول الى تخفيض الفاقد بمقدار 30% خلال 10 أعوام.
إلا أن نسبة قافد مياه التزويد حافظت على مستواها خلال الأعوام 2017-2018 بمقدار 47.5 لتر من كل 100 لتر يتم ضخها عبر شبكة المياه.
يتسبب الاعتداء على شبكات المياه وسرقتها، عن طريق التمديدات غير القانونية بالحجم الأكبر من فاقد مياه التزويد للأغراض المنزلية، حسب رأي الخبير في المياه الدكتور إلياس سلامة.
ففي الزرقاء على سبيل المثال وخلال النصف الأول من عام 2019 تم ضبط 1491 حالة اعتداء واستخدام غير مشروع للمياه. الامر الذي دفع وزارة المياه لتنفيذ نفاذ حملة لإحكام السيطرة على مصادر المياه، والتي أسفرت عن ضبط أكثر من 27 ألف حالة اعتداء على خطوط المياه الرئيسية والناقلة منذ انطلاقها بحزيران عام 2013.
ويرى سلامة أن التعامل مع سرقة المياه حتى الأن لا يرتقي للمستوى المطلوب، ويحتاج إلى إرادة سياسية وأمنية أكبر لوقف عمليات الاعتداء المتكررة والمستمرة على شبكة المياه.
ويتفق سلامة مع الناطق الإعلامي في وزارة المياه على إن الزيادة في عدد السكان وتعرض الأردن لموجات اللجوء وارتفاع مستوى المعيشة الحضرية المستمر هو أهم عوامل تزايد الحاجة للمياه.
ويشدد سلامة على أن هناك حاجة ملحة لزيادة كفاءة ورشات الصيانة، والاستجابة بشكل فوري لبلاغات المواطنين عن الأعطال والتسربات الطارئة على شبكة المياه العامة، وتنفيذ عمليات الصيانة بشكل فوري.
يختم إلياس سلامة حديثه لنا بقوله: إن الفاقد في كميات تزويد المياه للأغراض المنزلية أمر طبيعي، وموجود في جميع شبكات المياه في دول العالم، لكن الهدف الحقيقي هو خفض نسبة الفاقد إلى أقصى حد ممكن، عن طريق تطوير شبكات المياه وأنظمة توزيع المياه باستخدام التقنيات الحديثة وأنواع عالية الجودة من أنابيب نقل المياه.