"الاستراتيجيات الأردني: يُقيمُ إنجازات وتحديات الأردن خلال 20 سنة الماضية- صور

اقتصاد
نشر: 2019-07-17 15:18 آخر تحديث: 2019-07-17 15:29
المنتدى يقول إن هناك عديد من المصاعب تتطلب حلولاً غير تقليدية
المنتدى يقول إن هناك عديد من المصاعب تتطلب حلولاً غير تقليدية

أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني دراسة بعنوان "الاقتصاد الأردني في عقدين: الإنجازات والتحديات الماثلة"، وعرضت الدراسة تحليلاً شاملاً وتقييماً لما أنجزه الأردن خلال العشرين عاماً الماضية في القطاعات المختلفة، إضافة إلى التحديات المختلفة التي تواجه الاقتصاد الأردني. وفي الوقت الذي نجح الأردن فيه في استيعاب الصدمات  والتعاطي مع الآثار الناجمة عنها، إلا أنهناك عدد من التحديات التي لا زالت ماثلة وتتطلب حلولا لتجاوزها. 

وأشارت الدراسة بأنه وخلال العشرين عاماً واصلت الأحداث الإقليمية والعالمية التأثير على مسيرة النمو والتنمية في الأردن، فعلى المستوى العالمي، شهد العالم أحداث 11 سبتمبر عام 2001، تبعتها الحرب العالمية على الإرهاب والتي كان للأردن دوراً فيها، ومن ثم الأزمة المالية العالمية في العام 2008 والكساد العالمي الذي تبعها.

وعلى المستوى الإقليمي، تأثر الأردن بالربيع العربي في بعض الدول، حيث أثرت حالة الفوضى في تلك الدول على الأردن، والذي استجاب بطرق مختلفة لاستيعاب المتغيرات التي عصفت في المنطقة. كذلك تأثر الأردن بصعود بعض التنظيمات المتطرفة  والارهابية والعنيفة في سوريا والعراق، بالإضافة لتأثر المملكة بحالة الفوضى التي سادت مصر خلال الفترة (2012-2014) والتي تسببت بالانقطاع المتكرر للغاز المصري مما رتب كلف إضافية قدرت بحوالي 6 مليارات دينار تحملتها الخزينة العامة ورفعت من حجم الدين العام. 

وبينت الدراسة إلى أنه وكنتيجة لهذه الأحداث كان على الأردن التعامل مع تدفق العراقيين والسوريين خلال فترات مختلفة، وهو ما نجم عنه ضغط على مرافق البنية التحتية والخدمات العامة وما رافق ذلك من استياء على الصعيد الاجتماعي بالنظر الى تردي مستوى الخدمات، بالإضافة إلى تدني حجم المبادلات التجارية بين الأردن وكل من سوريا والعراق، وانخفاض تدفقات الاستثمار وجاذبية الاقتصاد الأردني. مما اضطر الحكومات المتعاقبة إلى القيام بإجراءات وتوازنات للحفاظ على الاستقرار على المستوى الكلي، وتقديم الخدمات بشكل لائق، واستمرار كسب ثقة المؤسسات الدولية، وفي بعض الأحيان اتخاذ قرارات هامة لا تحظى بشعبية في الداخل الأردني.

واستعرضت الورقة أهم المؤشرات الرئيسية المرتبطة بالنمو الاقتصادي مثل السياستين المالية والنقدية، مبينة أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للأردن ارتفع من نحو 6 مليار دينار في العام 2000 إلى نحو 29.98 مليار دينار في العام 2018 بزيادة مقدارها 5 أضعاف تقريباً. 

أما فيما يخص السياسة المالية، قال منتدى الاستراتيجيات الأردني بأن المالية العامة تعد من أكثر التحديات الحاحاً وصعوبةً على الاقتصاد الأردني، والتي بقي الاقتصاد الأردني متأثراً بها خلال الخمسة أعوام الأخيرة على الأقل. حيث بلغ اجمالي الدين العام الأردني في نهاية العام 2018 نحو 28.31 مليار دينار، أي ما يعادل 94.5% من الناتج المحلي الإجمالي. 

وأما بالنسبة للسياسة النقدية فأشارت الدراسة إلى أن الاحتياطيات الأجنبية اتخذت منحى تصاعدي بشكل عام خلال الفترة 2000-2018، حيث أن الاحتياطيات الأجنبية في البنك المركزي طيلة هذه الفترة كانت تغطي 7.1 أشهر من احتياجات الأردن الاستيرادية في المتوسط.  كما أن التغيرات السنوية في المؤشر العام لأسعار المستهلك كانت مستقرة خلال الأعوام الماضية. وفي ذات السياق، تشير المؤشرات العالمية التي تعبر عن سلامة المركز المالي ومستوى المخاطرة للبنوك والمؤسسات المالية إلى متانة وسلامة المؤسسات المالية وانخفاض نسبة المخاطرة مقارنة بالعديد من دول العالم. 

وأشارت الدراسة إلى أنه وبالرغم من الظروف الصعبة التي مر بها الأردن، فقد ارتفعت درجة الأردن على مؤشر التنمية البشرية من 0.702 في العام 2000 إلى 0.735 في العام 2017، وحل بالمرتبة 95 عالمياً بين 189 دولة، حيث يقيم هذا المؤشر تقدم الدول على المدى الطويل في ثلاثة محاور رئيسية، وهي: الصحة والتعليم والمستوى المعيشي. كما أن عدد الأشخاص المشمولين تحت مظلة الضمان الاجتماعي ارتفع ما بين الأعوام 2004 -2018، وبزيادة تفوق الــ 150% نظراً لتوسع حجم سوق العمل الأردني.

ونظراً للدور الكبير الذي يقوم به القطاع الخاص الأردني في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل في الأردن، ذكرت الدراسة بأن الأردن تبنى خلال العشرين عاماً الماضية العديد من السياسات التي تهدف إلى تقوية وتفعيل دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني وجعله المشغل الرئيسي للقدرات والمواهب الأردنية. وأظهرت الدراسة بأن القطاع الخاص قد تفوق على القطاع العام في عدد فرص العمل التي ولدها طيلة السنوات الماضية حيث ولد القطاع الخاص في العام 2017 ما نسبته 60.2% من اجمالي فرص العمل المولدة في الأردن. 

وأوضحت الدراسة بأنه وعلى رغم من الإنجاز الذي حققه الأردن خلال العشرين عاماً الماضية إلا أن هنالك العديد من التحديات القائمة، حيث ‌واجه الاقتصاد الأردني صعوبات في خلق فرص عمل جديدة منذ العام 2008، فوصلت نسب البطالة إلى معدلات غير مسبوقة؛ إذ بلغت 18.7% في الربع الرابع من العام 2018 و19% في الربع الأول من العام 2019.  ووفقاً للدراسة فإن مستوى دخل الفرد هو أحد أهم التحديات الماثلة، فبحسب مؤسسة الضمان الاجتماعي، فإن 24.2% من الأردنيين يتقاضون رواتب شهرية أقل من 300 دينار، و64.9% منهم يتقاضون دون الــ 500 دينار، وبناءً على مسح نفقات ودخل الأسر الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة فإن وسيط دخل الأسر الأردنية يعادل 772.3 دينار أردني شهرياً، وتشير هذه الأرقام بحسب الدراسة إلى صعوبة الظروف الاقتصادية التي تواجه المجتمع الأردني. 

وعلى صعيد الاستثمار وبيئة الأعمال، بينت الدراسة بأن الأردن قد حل بالمرتبة 73 عالمياً بين 140 دولة مشمولة في مؤشر التنافسية العالمي، وأكدت الدراسة على أنه لا بد من العمل على تحسين تنافسية الاقتصاد الأردني وترتيبه على المؤشر، وهذا يستوجب القيام ببعض الإصلاحات لتصحيح الخلل الذي أدى إلى تراجع الأردن في المؤشرات الفرعية، والتي قادت بدورها إلى تراجع ترتيب الأردن على المؤشر الكلي والقيام بمراجعة شاملة وعملية اصلاح جادة للتشريعات الاقتصادية النافذة في الأردن من أجل إزالة التباينات والتناقضات فيها وصولاً إلى اقتصاد تنافسي وبيئة أعمال جاذبة للاستثمار. 

وبينت الدراسة أن مستويات ثقة المجتمع الأردني في المؤسسات الأمنية والعسكرية في الفترة السابقة مرتفعة، إلا أنه وبالمقابل، كان هناك تراجعاً في مستويات الثقة في كل من الحكومة والبرلمان، وهذا يظهر عدم رضا الناس عن أداء هاتين المؤسستين في التعامل مع التحديات المعيشية واليومية التي تواجه الأردنيين. إضافةً إلى أن أداء الأردن جاء ضعيفاً على المؤشر العالمي لمدركات الفساد، حيث حصل على درجة 49/100 في العام 2018، وحل في المرتبة 58 عالمياً من أصل 180 دولة.

وفي جانب التعليم وبالنظر إلى بيانات البرنامج الدولي لتقييم مستويات الطلبة (PISA)، فقد تراجع مستويات الطلبة في الأردن، حيث أحرز الطلبة الأردنيون الذين يبلغون 15 عاماً من عمرهم درجات تعادل 409 في العلوم، و380 في الرياضيات و408 في القراءة. وهذه الدرجات هي أقل من متوسط الدرجات التي حصل عليها طلبة الدول التي تنتمي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بالإضافة إلى أن عدد سنوات التعليم الفعلي التي يحصل عليها الطالب الأردني تعادل 7.6 سنوات مقابل 11.6 سنة يقضيها الطالب على مقاعد الدراسة، وهذا يشير إلى وجود فجوة تعليمية مقدارها 4 سنوات من التعلم.

ولتحفيز النمو الاقتصادي في الأردن، خرج المنتدى بعدد من التوصيات في محاور مختلفة؛ ففي محور الاستثمار وريادة الأعمال أوصى المنتدى مراجعة كافة القوانين والتشريعات الاقتصادية والاجرائية المرتبطة بالاستثمار وممارسة الأعمال في الأردن، وذلك بهدف إزالة التعقيدات والتضاربات فيها لتسهيل سير الأعمال، بالإضافة إلى الاسراع في تطوير الخدمات الحكومية الإلكترونية، والذي سيقوم بدوره في تسريع المعاملات التجارية وتأسيس الأعمال التجارية في الأردن، وخفض كلف المعاملات والرفع من كفاءة الحكومة. 

كما أوصى منتدى الاستراتيجيات الحكومة بالسعي لتنفيذ مجموعة من المشاريع مع القطاع الخاص، وشدد على أهمية مراجعة الحكومة لقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص للخروج بقانون يلبي متطلبات الشراكة في الأردن ويساعد في تحقيق التنمية خاصة في القطاعات الواعدة مثل الطاقة والمياه والنقل والسياحة والتعليم.

وعلى صعيد كلف الإنتاج المرتبطة بالطاقة والنقل العام، أوصى المنتدى بتطبيق سياسات مرنة للحوافز ترتبط بنتائج محددة، بعيداً عن سياسة الإعفاءات التقليدية التي منحت حوافز كثيرة ولم يتم تقدير آثارها المالية أو النتائج الايجابية التي تمخضت عنها، مثل منح حوافز مرنة للمستثمرين بأسعار طاقة ولفترة زمنية محددة لقاء التزام الاستثمارات الجديدة بتشغيل أردنيين وأيضاً ارتياد أسواق تصديرية جديدة. 

ونظراً لتراجع الثقة الشعبية في الحكومة والبرلمان، بالإضافة إلى ضعف أداء الأردن على مؤشر مدركات الفساد العالمي، فقد أوصى المنتدى بضرورة ترسيخ مبدأ سيادة القانون وتكافؤ الفرص: وذلك من خلال تقوية المؤسسات الرقابية وتعزيز الفصل بين السلطات للوصول إلى نظام من التوازنات والضوابط، والعمل على الوصول إلى برلمانات ممثلة لكافة الأطياف السياسية والاجتماعية الأردنية من خلال قوانين انتخاب تساعد الأحزاب السياسية. بالإضافة إلى تعزيز الشفافية الحكومية والتواصل مع المواطنين في كل ما يرتبط بالقطاع العام تجنباً للإشاعة وتفادياً للتجاوزات التي قد يرتكبها البعض نتيجة غياب الرقابة الشعبية. 

وأكد المنتدى على ضرورة تحفيز القطاعات الواعدة مثل السياحة والنقل والاتصالات كونها المولد الرئيسي لفرص العمل والقادرة على تنمية الاقتصاد الأردني، حيث أوصى المنتدى بالعمل على تنشيط قطاع السياحة من خلال إطلاق منظومة متكاملة تهدف إلى ترويج السياحة في الأردن خارجياً، وتعزيز الاستثمار في السياحة في الأردن من خلال تخفيض الكلف على مشغلي قطاع السياحة وتحسين البنية التحتية في المناطق السياحية المختلفة في الأردن. بالإضافة إلى تأهيل المواقع السياحية وتشغيلها من خلال مشاريع تنفذ بالشراكة مع القطاع الخاص.  كما أوصى المنتدى العمل على جعل الأردن منصة لتصدير الخدمات التكنولوجية نحو العالم، ومركزاً للشركات العاملة في مجالات الحلول التكنولوجية، بحيث تتمكن هذه الشركات من الاستثمار في الأردن بتكلفة منخفضة وربحية عالية.

وبشكل عام أكدت الدراسة ان الالتزام ببرنامج واضح للتنفيذ هو المدخل الأسهل لاستعادة الثقة واشراك أكبر عدد من القطاعات في متابعة السياسات والإجراءات على الأرض. 

 

أخبار ذات صلة

newsletter