لم يعد مرتكب جريمة الإغتصاب قادر على الإفلات من العقاب - تعبيرية
لأول مرة منذ عام 2015.. تراجع شكاوى "الإغتصاب" المسجلة في الأردن
وفقاً للتقرير الإحصائي السنوي 2018 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، فقد تراجعت شكاوى جرائم الاغتصاب خلال عام 2018 لتصل الى 140 شكوى، ويشكل هذا التراجع وقفاً للإتجاه التصاعدي منذ عام 2015، حيث سجلت 145 شكوى اغتصاب عام 2017، و 138 شكوى عام 2016، و 122 شكوى عام 2015.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني، في بيان لها، وصل "رؤيا" نسخة منه، الى أن جميع هذه الشكاوى سجلت لدى المراكز الأمنية وصدرت في أغلبها أحكام قضائية ما بين الإدانة والبراءة وعدم المسؤولية ووقف الملاحقة وتغيير التكييف القانوني، الى جانب الاسقاط لقضايا الاغتصاب التي طبقت عليها أحكام المادة 308 من قانون العقوبات قبل إلغائها بداية شهر آب من عام 2017.
وتضيف "تضامن" بأن تراجع شكاوى الإغتصاب لأول مرة منذ أربع سنوات يعكس في حقيقة الأمر التأثير الإيجابي لإلغاء المادة 308 من قانون العقوبات الأردني في الحد من الجرائم الجنسية خاصة جريمة الإغتصاب، ويعد إنتصاراً لسيادة القانون وإنهاءاً لسياسة إفلات مرتكبي الجرائم الجنسية من العقاب مما يعزز من العدالة الجنائية للنساء والفتيات وينهي النصوص التمييزية ضدهن. حيث كانت تلك المادة تبيح للجاني الزواج من الضحية والإفلات من العقاب.
وأوضحت ان إلغاء المادة 308 إلغاءاً تاماً فسح المجال أمام التركيز على تقديم الخدمات للناجيات من الجرائم الجنسية وحمايتهن، وعلاجهن من الصدمات النفسية والمشاكل الجسدية والصحية، وإعادة تأهيلهن وإدماجهن في المجتمع لتجاوز الأثار المترتبة على ما تعرضن له من عنف جنسي، ومواصلة حياتهن من تعليم وعمل وبناء أسر قائمة على المودة والإحترام. وتجد "تضامن" بأن تقديم هذه الخدمات للنساء سيكون بمثابة الإجراء الوقائي الحاسم في حماية النساء والفتيات.
وعلى الرغم من وجود خدمات إجتماعية ونفسية وصحية للنساء والفتيات المحتمل تعرضهن للعنف الجنسي أو الناجيات منه، في العديد من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية، إلا أن هذه الخدمات خاصة الإيوائية منها لا زالت تشكل عائقاً أمام تقديم الحماية الضرورية والفعالة لهن.
كما أن القضاء على ثقافة الصمت لدى النساء والفتيات المعنفات المتمثل في عدم إبلاغ الجهات الرسمية عند تعرضهن لأي شكل من أشكال العنف، يرتبط مباشرة بإمكانية تغيير الثقافة المجتمعية السائدة والتي تدين ضمنياً الضحية، وتستهتر مراجعة النساء للمراكز الأمنية لوحدهن تحت أي سبب كان. ويمكن توفير شرطة نسائية في المراكز الأمنية لإستقبال حالات العنف مما يفسح المجال أمام المعنفات من التحدث بحرية ووضوح ودون حياء. وبناء قدراتهن لإستقبال هذه الحالات وتشخصيها وتوصيفها بالصورة الصحيحة.
وتشير "تضامن" الى أنه وبناءاً على نتائج الدراسة البحثية التي قامت بتنفيذها عام 2014 – وهي الأولى من نوعها في الأردن - حول "الجرائم الجنسية ضد النساء- المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجاً"، فإن معظم حالات الزواج حققت للجاني هدف الإفلات من العقاب ولكنها لم تحقق للضحية أي إستقرار، إذ ينتهي الزواج بعد فترة وجيزة وغالباً بطلب من الضحية لعدم إحتمالها علاقة زوجية مع الجاني حتى لو لم يسئ معاملتها. ولأن أركان عقد الزواج الصحيح لا تتحقق في مثل هذا الزواج. ولأن معالجة مشكلات النسب والحمل يمكن حلها بعيداً عن إهدار الحق العام وتمكين الجاني من الإفلات من العقاب. ولأنه لا يعتبر طفلاً شرعياً بموجب القانون، الطفل المتولد من غير الفراش الشرعي أصلاً، ولأن إجتثاث الجرائم الجنسية المتزايدة من المجتمع وحماية الفتيات والنساء يتطلب تطبيقاً حازماً.
ثلاثة من كل خمسة أردنيين يعتقدون بأن الجاني يتزوج الضحية وفق المادة 308 للإفلات من العقاب
وفيما يتعلق بالمادة 308 من قانون العقوبات الأردني والتي تشمل عدد من الجرائم الجنسية كالإغتصاب وهتك العرض وفض البكارة بوعد الزواج والخطف، فتشير "تضامن" لإجابات الأردنيين على سؤال وردت نتائجه بالدراسة عن الاسباب التي تدفع بالجاني عرض الزواج من الضحية، أفاد 62.5% منهم بأن السبب هو لحصول الجاني على إعفاء من الملاحقة القضائية أو المحاكمة أو تنفيذ العقوبة، وكانت النسبة الاعلى بين الأردنيين في الفئة العمرية 26-35 بنسبة بلغت 72%. وأما السبب الثاني فكان لتلافي الوصمة الاجتماعية عليه بنسبة بلغت 15%.
لم يعد مرتكب جريمة الإغتصاب قادر على الإفلات من العقاب
وتضيف "تضامن" أن تطبيق المادة 308 على النحو الذي كانت واردة فيه في القانون ينطوي في حقيقته على إعتداء على الحق العام فالجريمة الجنسية هي جريمة ضد الأشخاص نعم ، ولكنها أيضاً جريمة بحق المجتمع ، لأن أي تهاون معها يجعلها قابلة للتكرار من الشخص ذاته أو من غيره، مطمئناً الى أنه قادر على الإفلات من العقاب وهو وضع لا يحقق هدف التشريع الجنائي في الردع الملائم العام والخاص، وبالتالي لن تتحقق العدالة والمصلحة المتمثلة في الوقاية من الجرائم والحد من وقوعها، كما لن يتحقق هدف حماية وإنصاف الضحايا وتأهيلهن.