الحرب في ليبيا
مجلس الأمن الدولي يسعى لوقف إطلاق النار في ليبيا وألمانيا تطلب جلسة طارئة
تواصل الأسرة الدولية مساعيها لمناقشة وقف إطلاق نار في ليبيا بعد هجوم المشير خليفة حفتر على العاصمة طرابلس حيث مقر حكومة الوفاق الوطني والتي استهدفتها صواريخ أسفرت عن سقوط ستة قتلى، بينما طلبت ألمانيا مساء الأربعاء عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن.
وذكر دبلوماسيون في نيويورك أن مشروع قرار كانت عرضته بريطانيا على الدول ال14 الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ويطالب بوقف لإطلاق النار والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق القتال بالقرب من طرابلس بلا شروط، لم يلق إجماعا بعد.
ولا يزال المشروع قيد المناقشات في نيويورك. ووفق دبلوماسي، فإنّ روسيا التي عرقلت الأسبوع الماضي صدور إعلان عن مجلس الأمن يدعو القوات الموالية لحفتر إلى وقف الهجوم، تواصل إبداء اعتراضات على الإحالات التي تنتقد المشير. وقال الدبلوماسي "كانوا واضحين. ولا أي إحالة في أي مكان".
ومساء الأربعاء طلبت ألمانيا عقد اجتماع طارىء لمجلس الأمن. ووفق مذكرة أرسلتها البعثة الالمانية الى المجلس واطلعت عليها فرانس برس، فإنه من المتوقع أن يعقد مجلس الأمن اجتماعا مغلقا الخميس "للتشاور حول ايجاد سبل المضي قدما".
ومنذ الرابع من نيسان/ابريل، تراوح القوات الموالية للمشير حفتر رجل الشرق القوي، مكانها في جنوب العاصمة وإن كانت تعلن عن اختراقات. وأسفرت المعارك في أسبوعين عن سقوط 189 قتيلاً على الأقل بينهم مدنيون وإصابة 816 بحسب حصيلة أخيرة لمنظمة الصحة العالمية.
من جانبها أشارت منظمة الهجرة الدولية الأربعاء إلى نزوح 25 ألف شخص، بينهم أكثر من 4500 في آخر 24 ساعة. وقالت "لاحظنا أعلى زيادة في النزوح في يوم واحد، مع أكثر من 4500 شخص نازح" بسبب المعارك.
ومساء الثلاثاء، سقطت عدة صواريخ في طرابلس، ما أدى إلى مقتل ستة مدنيين، بينهم ثلاث نساء في حيي ابو سليم والانتصار السكنيين في جنوب العاصمة، وفق ما قال الأربعاء مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
- "بربرية"-
أكد رئيس بلدية حي أبو سليم عبد الرحمن الحمدي حصيلة القتلى، موضحا أن 35 شخصا آخرين جرحوا.
وتفقد رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا فايز السرّاج المكان ليل الثلاثاء الأربعاء.
وفي تسجيل فيديو بثه مكتبه الإعلامي، دان السراج "وحشية وبربرية" المشير حفتر الذي وُصف بأنه "مجرم حرب". وأضاف أنّ حكومته ستعرض الأربعاء "كافة المستندات للمحكمة الجنائية الدولية بشأن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وتابع "نحمّل مجلس الأمن والمجتمع الدولي المسؤولية القانونية والإنسانية لمحاسبة هذا المجرم على فعله".
لكن "القيادة العامة" لقوات حفتر التي تطلق على نفسها اسم "الجيش الوطني الليبي" نفت وقوفها وراء إطلاق الصواريخ وأكدت إدانتها هذه "الأعمال الإرهابية". واتهمت في بيان "الميليشيات الإرهابية التي تسيطر على العاصمة بالرماية العشوائية بصواريخ غراد والراجمات على ضواحي المدينة".
بدوره، أدان الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا غسان سلامة "بأشد العبارات القصف الصاروخي، مذكراً بأنّ المسؤولية عن مثل هذه الأعمال لا تقع على عاتق الأفراد مرتكبي هذه الاعتداءات العشوائية فحسب، بل يمكن أن يتحملها أيضا كل من يصدر الأوامر لهم"، وفق ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة في نيويورك.
- "مواقف لا يمكن التوفيق بينها" -
ومن لاهاي، قالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسوده مساء الثلاثاء "لن أتردد بالتوسّع في تحقيقاتي وفي الملاحقات القضائية المحتملة بشأن وقوع أي حالة جديدة من الجرائم الواقعة ضمن اختصاص المحكمة".
وحتى الآن لا يريد المشير حفتر الحديث عن أي وقف لإطلاق النار. أما السراج، فيرفض مسبقا أي عملية سياسية بغياب وقف لإطلاق النار ويطلب انسحابا إلى خطوط ما قبل بدء الهجوم. وقال دبلوماسي إنها "مواقف لا يمكن التوفيق بينها".
وذكر دبلوماسي آخر أنه في مجلس الأمن "الجميع يريدون تجنب حرب أهلية بعدد كبير من الضحايا المدنيين".
ومع خطر انزلاق الأوضاع في هذا البلد النفطي الذي يقف على حافة الهاوية منذ سقوط نظام معمّر القذافي عام 2011، يلوح خطر سعي الأطراف المتحاربة إلى التسلح مجددا من داعميها.
ويسعى "الجيش الوطني الليبي" إلى جعل هجومه شرعيا بوصفه أنه "حرب على الإرهاب". وقال الناطق باسمه أحمد المسماري "نقاتل من أجل كل الإنسانية، ليس فقط من أجل ليبيا. نريد تخليص العاصمة من الإرهابيين".
ونفت حكومة الوفاق الوطني أن تكون تضم في صفوفها أشخاصا متهمين بالإرهاب، متهمة حفتر بالسعي إلى "بيع عدوانه" للأسرة الدولية عبر تقديمها على أنها حرب على الإرهاب.
ويبدو أن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة لديه الرأي نفسه. وقال في مقابلة مع شبكة "بي بي سي" البريطانية إن هجوم حفتر "يشبه انقلابا أكثر منه مكافحة للإرهاب".