رجل الأعمال طلال أبو غزالة
أبو غزالة يخاطب الرزاز: لا تنظر للعطل بصفتها مكسبًا شعبيًا لا يجرؤ أحد على معارضته
خاطب رجل الأعمال طلال أبو غزالة، رئيس الوزراء عمر الرزاز بشأن العطل الطارئة، في رسالة موسعة، أكد فيها اعتراضه على آلية التعطيل، وقال إن على الدولة أن لا تنظر إلى العطلة الرسمية بصفتها مكسبا شعبيا مقدسا لا يجرؤ أحد على الاعتراض عليه.
وقال أبو غزالة في رسالته الموجهة للرزاز "أخاطبكم، كما سبق، وكما خاطبت رؤساء الوزراء السابقين، وكلهم أصدقائي وموضع تقديري، وذلك بشأن العطل غير المبررة من وجهة نظري، ولم أتلق ردا إلا من أحدهم بأن القانون لا يمنع العمل أثناء العطلة، بل يلزم رب العمل بدفع أجر للعامل قدره 150% من راتبه عن كل يوم عمل وهو ما لا قدرة للمؤسسات على تحمل أعبائه".
وتطرق أبو غزالة إلى دراسة حديثة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أكدت أن مجموع الإجازات 113 يوماً في السنة، وأنا أطالب الحكومة بأن تعد كشفا بأيام العطل جميعها، شاملا العطل الرسمية وعطلة نهاية الأسبوع والإجازة السنوية، والمرضية، والعطل الأخرى مثل الولادة (الأمومة والأبوة) والعطل الطارئة غير المبررة، وظني بأن الحكومة والمواطن سيفاجأون من معدل أيام العمل الفعلية للمواطنين في هذا البلد المحتاج إلى الإنتاجية.
وأوضح أنه من المفيد دراسة ساعات العمل في القطاع العام مقارنة بساعات العمل في القطاع الخاص والنظر في زيادة ساعات العمل في القطاع العام لتلبية الاحتياجات للمواطنين بشكل أفضل، وذلك عملا بمبدأ تطبيق المساواة في أيام العطل وساعات الدوام في القطاعين.
وقال "إنني أتفهم حقوق الموظفين ومؤسساتنا تلتزم بها بكل دقة، وتفي الموظفين حقوقهم الكاملة ليس فقط لأن القوانين تستوجب ذلك بل ولأننا نلتزم بمسؤوليتنا الأخلاقية والمهنية والإنسانية تجاههم، ولأننا أيضاً نحرص على راحتهم وأمنهم واستقرارهم النفسي والوظيفي والأسري. فأنا بالنسبة لهم الوالد والمعلم".
ورأى أنه لابد من إعادة النظر جذرياً بمسألة العطل وتقليلها بصورة معقولة، ليس فقط بسبب الظروف الاقتصادية الحرجة، بل وحتى لو كانت الظروف عادية وطبيعية، فلا يجوز أن تظل العطل الرسمية والدينية وعطل الأعياد والعطل الطارئة على ما هي عليه لا في القطاع العام ولا الخاص".
وقال إن قطاع الأعمال كما تعلمون أكثر مني هو صانع المعرفة وصانع الثروة وهو بذلك شريك للقطاع العام في صنع مستقبل الدولة.
ولكن ولأن الظروف الاقتصادية السائدة عندنا هي على ما هي عليه، ودولتكم الأدرى بذلك، فإن علينا الواجب الأكبر والمسؤولية الأكثر إلحاحاً بزيادة الجهد من أجل زيادة الإنتاج. وأول خطوة في هذا الاتجاه يجب أن تكون تقليص عدد العطل وإعادة النظر في عدد ساعات العمل الأسبوعية وزيادة الإنتاجية.
وتابع " أقترح أن تحدد العطل الوطنية الرسمية والعطل الدينية الثابتة وأن تكون هذه العطل ملزمة للقطاعين العام والخاص. (العطل الرسمية في أمريكا على سبيل المثال 8 أيام وفي السعودية 11 يوما ونحن أحوج من كليهما للإنتاج).
وأضاف "أقترح تحديد عطل الأعياد الرسمية والدينية في حدودها الدنيا الواجبة، وفي حال قررت الحكومة أن تمتد العطلة لأكثر من ذلك أن لا تلزم القطاع الخاص بأكثر من الحد الأدنى المقرر قانوناً.
أما بالنسبة للعطل الطارئة، كتلك المتعلقة بالظروف الجوية الخاصة، فقد ترون دولتكم أن تقتصر في جميع الحالات على من لا يتمكن من الوصول إلى مكان عمله، وأن يخصم غيابه من العطلة السنوية.
أما في حالة المدارس والجامعات فإذا تقرر تعطيل الدراسة فقط فيها لأسباب طارئة ومنها الظروف الجوية فإن من المفروض أن لا يشمل التعطيل إلا الطلبة وليس الهيئات التدريسية والموظفين الإداريين وغيرهم في تلك المؤسسات إلا من لا يتمكن من الوصول لعمله طبعاً.
أقترح إعادة النظر في نسبة علاوة العمل الإضافي في القطاع الخاص في أيام العطل وخارج ساعات الدوام لأنها من أعلى النسب في العالم، بل أرى أن تكون كما هو المتعارف عليه دوليا بنفس الأجر، وأن لا تكون إلزامية على الموظف.
إن كل يوم تعطيل يحقق انخفاضاً ماديا جسيما في الناتج المحلي ويشكل عبئاً على الدولة وبالتالي على المواطن أيضاً.
إن العطلة ليست بالضرورة لمصلحة الموظف لأنها بأثرها السلبي على دخل الشركة تؤثر سلباً على زيادات الرواتب وعلى القدرة على خلق الوظائف.
إن كثيرا من الشركات لا تسمح ظروفها بالتعطيل غير الضروري نظرا لطبيعة عملها ومنتجاتها وخدماتها بما فيها شركات المكاتب الدولية وتلك التي تدير فروعا في العالم.
إنني أرى أن علينا جميعاً أن نعمل لتشجيع ثقافة العمل والإنتاج حباً للوطن الذي يحتاج كل جهدنا.
"علينا أن نعترف بعدم أهلية البنية التحتية والمواصلات بشكل خاص لحالات الأمطار الغزيرة والثلوج وتلك مسؤولية حكومية علينا معالجتها. والدول تعالج ذلك بدلا من اللجوء إلى الحل الأسهل عليها وهو العطل".
"إن أردنا تحقيق أهداف هذه الدولة فعلينا الاستجابة لمتطلباتها التي لا تنظر إلى العطلة الرسمية بصفتها مكسبا شعبيا مقدسا لا يجرؤ أحد على الاعتراض عليه".
"علينا أن ندرك أن الأجواء في محافظات المملكة مختلفة، وبالتالي من غير المبرر تعطيل العمل في محافظات أحوالها الجوية عادية."
هنالك دول يغطيها الثلج كاملة لعدة شهور ولا يتعطل العمل فيها ولا يوم، وهنالك دول يغطي الثلج أجزاء من جغرافيتها لعدة شهور والبعض الآخر لعدة أيام وليس فيها أي تعطيل.
وختاما أقترح الدعوة لاجتماع يجمع المسؤولين في القطاع العام مع ممثلين عن القطاع الخاص (وأنا لا أمثل إلا نفسي) يكون برئاسة مشتركة من الطرفين وذلك لتدارس المسألة والخروج بتوصيات مشتركة من موقع الشراكة الحقيقية وليس من منطلق الحاكم والمحكوم، والعمل على تصويب ما يستوجب التصويب وفق قاعدة التوازن بين حقوق الموظف او العامل وواجباته ومصلحة الوطن، والالتزام بالقانون، وزيادة الإنتاجية.
وتفضلوا دولتكم بقبول فائق الاحترام
أخوكم
طلال ابوغزالة
عمان في 23 يناير 2019
ملاحظة: أما على الصعيد الشخصي، فان كاتب هذه الرسالة يؤمن بأن العمل عبادة، وأن من يعمل في نهاره ينام هنيئاً في ليله، وإن العمل مفيد للصحة وأؤمن أنني في الواحدة والثمانين من عمري أتمتع بصحتي لأنني مستمر في العمل طيلة حياتي دون أي عطلة.
أقول ذلك عن نفسي ولا أطلبه من غيري.