مواطنون يشاركون في تظاهرة داعمة لوحدة اسبانيا في برشلونة-ارشيفية
مئات آلاف الاسبان يشاركون في أول تظاهرة ضد استقلال كاتالونيا في برشلونة
بعد أسبوع من الاستفتاء الذي منعت مدريد اجراءه والذي تسبب بأزمة سياسية غير مسبوقة في اسبانيا منذ ٤٠ عاما، نزل مئات آلاف الاسبان الى الشوارع الأحد، للتعبير عن معارضتهم لاستقلال هذه المنطقة الاسبانية، بينما يصر رئيس الحكومة ماريانو راخوي على سحب "التهديد" بالانفصال.
وهتفت الحشود التي كانت تحمل آلاف الأعلام الاسبانية، "لتحيا كاتالونيا! لتحيا اسبانيا!"في مشهد غير مسبوق منذ انتهاء نظام الديكتاتور فرانشيسكو فرانكو.
وجرت أول تظاهرة كبيرة مناهضة لاستقلال كاتالونيا في برشلونة منذ بدء الأزمة بين الانفصاليين ومدريد، تحت شعار "كفى! لنتعقل". وأعلنت شرطة البلدية أن نحو ٣٥٠ ألف شخص شاركوا في التظاهرة فيما قال المنظمون أن العدد راوح بين ٩٣٠ و٩٥٠ ألف شخص.
وأكد الكاتب ماريو فارغاس ليوسا الحائز جائزة نوبل للأدب عام ٢٠١٠ والذي يحمل الجنسيتين الكوبية والبيروفية، أمام الحشود الأحد في برشلونة، أن "الديموقراطية الاسبانية هنا وستبقى هنا وأي مؤامرة انفصالية لن تقضي عليها".
ويعتبر المتظاهرون، الذين حملوا أيضا أعلام كاتالونية وأوروبية، أنفسهم "غالبية صامتة" لم يتم الأخذ برأيها منذ ان نظمت السلطات الانفصالية الاستفتاء في الأول من تشرين الأول/أكتوبر.
وقال سانتياغو مارتن البالغ ٣٧ عاما والذي أتى بسيارته من تاراغونا، الواقعة على بعد ١٠٠ كلم جنوب غرب البلاد، لوكالة فرانس برس "من المهم بالنسبة إلينا أن نثبت نحن أيضا أن عددنا كبير. لم نسمع إلا صوت الآخرين (الانفصاليون)".
ويهدد الانفصاليون الذي يؤكدون انهم حصلوا على تأييد ٩٠,١٨ بالمئة من الناخبين الذين شاركوا في الاستفتاء، باعلان استقلال المنطقة في الايام المقبلة.
وتشير استطلاعات الرأي الى ان غالبية الكاتالونيين يريدون استفتاء بحسب الاصول، لكن أكثر من نصفهم بقليل يعارضون الاستقلال.
وتبدو الازمة بين حكومة راخوي والسلطات الانفصالية في طريق مسدود حاليا.
ويريد الرئيس الانفصالي كارليس بوتشيمون "وساطة دولية". لكن راخوي يعتبر ان من غير الوارد الدخول في اي حوار ما لم يتراجع القادة الانفصاليون في هذه المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي، عن نيتهم اعلان الاستقلال.
وقال رئيس الحكومة المحافظ لصحيفة "ال باييس" اليومية الاحد "ما اريده هو سحب التهديد بالاستقلال في اسرع وقت" لانه "لا يمكننا بناء شيء اذا لم يتبدد التهديد للوحدة الوطنية".
- "موحدون جميعا" -
تدفق عدد كبير من المتظاهرين إلى برشلونة، قادمين من المناطق الاسبانية الاخرى بما فيها مدريد حيث شارك عشرات آلاف الاسبان السبت في تظاهرتين دعت الاولى الى "وحدة اسبانيا" والثانية الى "الحوار" بين الكاتالونيين وبقية البلاد.
وقال خوان جيل-كاساريس، الموظف في شركة تأمين والذي أتى من مدريد للمشاركة في التظاهرة، "هذا الانتهاك الصارخ للقانون ألحق ضررا بجميع الاسبان. يجب أن نكون موحدين جميعا".
وخرجت تظاهرات مناهضة لاستقلال كاتالونيا في عواصم أوروبية عدة. ففي بروكسل، تظاهر المئات في ساحة البرلمان الأوروبي بحسب ما أفادت وكالة "بيلغا" للأنباء.
ويدعم تظاهرة الاحد الحزب المحافظ الذي يقوده راخوي والحزب الاشتراكي الكاتالوني وحزب المواطنين، اكبر قوة معارضة للاستقلاليين في كاتالونيا.
وكان راخوي لوح بتعليق الحكم الذاتي للمنطقة وهو اجراء لم يطبق يوما في المملكة البرلمانية التي تتمتع بنظام حكم لا مركزي. ويمكن لقرار من هذا النوع ان يسبب اضطرابات في كاتالونيا.
وردا على سؤال حول تطبيق المادة ١٥٥ من الدستور التي تتيح تعليق العمل بالحكم الذاتي في كاتالونيا، قال راخوي "لا استبعد شيئا، لكن يجب ان افعل الاشياء في وقتها".
- رحيل شركات -
من جهته، قال رئيس الجمعية المدنية الكاتالونية المعارضة للاستقلال ماريانو غوما لصحيفة "آ بي ثي" ان "اعلانا احادي الجانب (للاستقلال) سيؤدي الى تفكك البلاد".
ووجه نداء الى القوميين الكاتالونيين الاكثر اعتدالا ليبتعدوا عن "المتطرفين" في حركة "ترشيح الوحدة الشعبية" اليسارية المتطرفة التي تحالفوا معها ليشكلوا اغلبية في برلمان المنطقة.
وتزامن النداء مع رحيل عدد من الشركات الكاتالونية الكبيرة ما يمكن ان يزعزع ثقة بعض القوميين المحافظين القريبين منها.
وقررت نحو ١٥ شركة بينها المصرفان العريقان "كايجابنك" و"بانكو دي ساباديل" نقل مقريهما خارج كاتالونيا التي تمثل ١٩ بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي.
وأكد رئيس أكبر منظمة لارباب العمل في اسبانيا خوان روزيل لصحيفة "آ بي ثي" المحافظة، ان الشركات المتمركزة في كاتالونيا "قلقة جدا. لم نتصور يوما اننا سنصل الى هذا الحدّ".
وتقدم التيار الانفصالي في كاتالونيا منذ ٢٠١٠، بسبب الأزمة الاقتصادية والالغاء الجزئي للحكم الذاتي الذي كان يمنح صلاحيات أوسع للمنطقة، التي لديها شرطتها ونظامها الصحي والتعليمي الخاص.
وبلغت الأزمة مستوى غير مسبوق منذ اجراء القادة الانفصاليين في كاتالونيا الاستفتاء، الذي منع القضاء اجراءه وتخللته اعمال عنف مارستها الشرطة ضد المشاركين فيه.
وقالت السلطة التنفيذية في كاتالونيا ان ٢,٠٤ مليون شخص صوتوا بنعم للاستقلال يوم الاستفتاء وان نسبة المشاركة بلغت ٤٣ بالمئة بحسب نتائج لا يمكن التحقق من صحتها في غياب لجنة انتخابية حيادية.
ويعتزم الانفصاليون اعلان استقلال كاتالونيا من طرف واحد. وقد يتم ذلك خلال جلسة البرلمان الاقليمي المقررة الثلاثاء المقبل.