أزمة صامتة بين تل أبيب وباريس بسبب مبادرة السلام
كشف مصدر فرنسي موثوق لصحيفة "الحياة" اللندنية عن "أزمة ديبلوماسية صامتة "تدور رحاها بين فرنسا وإسرائيل منذ أن أطلقت باريس مبادرتها للسلام في الشرق الأوسط التي ترفضها تل أبيب جملة وتفصيلاً".
وقال المصدر إن الأزمة تعمّقت بين المسؤولين الكبار في الدولتيْن عقب إطلاق الحكومة الفرنسية مبادرتها لإيجاد حل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي قبل أشهر، والتي أعادت القضية الفلسطينية الى موقع متقدم على جدول أعمال المجتمع الدولي.
وأضاف أن وزارتيْ الخارجية في فرنسا وإسرائيل منخرطتان في الأزمة في شكل رئيس، خصوصاً بعد الرسائل التي وجهها وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرولت، الذي خلف لوران فابيوس في شباط (فبراير) الماضي، إلى نظيره الإسرائيلي لحل الأزمة المتمثلة في جانبيْن، الأول ديبلوماسي، والثاني أمني، لكن الحكومة الإسرائيلية لم تستجب حتى الآن.
وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية اتخذت سلسلة من الإجراءات المخالفة للقوانين والأعراف الدولية والعلاقات التاريخية مع فرنسا، من بينها عدم تجديد البطاقات الديبلوماسية التي تمنحها للديبلوماسيين الفرنسيين العاملين في القنصلية العامة في القدس، وفرعها القنصلي، والمعهد الثقافي الفرنسي في قطاع غزة حتى الآن، علماً أن القنصلية العامة في القدس والفرع القنصلي في غزة يعتبران بمثابة سفارة فرنسا لدى فلسطين.
ولفت إلى أن الحكومة الإسرائيلية لم تعد تتعامل مع هؤلاء الديبلوماسيين كديبلوماسيين، ما يعني تفتيشهم وتفتيش حقائبهم وأمتعتهم وعرقلة حركتهم، خصوصاً أثناء التنقل عبر حاجز بيت حانون "إيرز" بين القدس وغزة، وبالعكس.
وشدد على أن هذه الإجراءات لا تشمل الديبلوماسيين الفرنسيين العاملين في السفارة الفرنسية في تل أبيب. وقال إن الحكومة الإسرائيلية تمادت أكثر من ذلك، إذ سلمت محافظ مطار شارل ديغول في باريس كشفاً بأسماء هؤلاء الديبلوماسيين، وطلبت منه تفتيشهم في المطار قبل صعودهم إلى الطائرة للتوجه إلى تل أبيب.
وأضاف أن السفارة الإسرائيلية في باريس تقوم بعمليات تجسس على مسؤولين وديبلوماسيين فرنسيين، وتهريب أسلحة إلى مقر السفارة خلافاً للأعراف الديبلوماسية. وتابع أن أجهزة الدولة الفرنسية الاستخبارية كشفت تورط جهاز الاستخبارات الخارجي والمهمات الخاصة الإسرائيلي المعروف اختصاراً باسم "موساد" في عمليات تجنيد مواطنين فرنسيين للعمل لمصلحته والتجسس على مسؤولين فرنسيين. لكن المصدر أبدى استغرابه لعدم اتخاذ الحكومة الفرنسية أي قرارات أو إجراءات صارمة ضد الحكومة الإسرائيلية حتى الآن.
يذكر أن السلطات الإسرائيلية عرقلت خلال السنوات الماضية تنقل عدد من الديبلوماسيين الفرنسيين عبر حاجز "إيرز"، ومن بينهم القنصل العام الذي أوقفته على الحاجز ساعات عدة، بعدما رفض تفتيش حقائبه التي تحمل لوحات ديبلوماسية. كما قصفت طائرة حربية نفاثة منزل القنصل الفرنسي في مدينة غزة خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة صيف عام 2014، على رغم أن السلطات الفرنسية سلّمت إسرائيل مسبقاً إحداثيات المنزل الذي كان العلم الفرنسي يرفرف فوقه.