الشرق الأوسط يستيقظ على تحديات التغير المناخي
رؤيا - يصنف الشرق الأوسط مع القارة الأفريقية باعتبارهما ضمن المناطق التي ستواجه أسوأ التداعيات المترتبة على التغير المناخي.
فعلى سبيل المثال تتوقع الأمم المتحدة أن يتسبب ارتفاع مستوى سطح البحر في شمال مصر وخلال 35 عاماً تقريبا، إلى كارثة تهدد بغرق سواحل مصر الشمالية وتؤدي إلى تشريد نحو ستة ملايين شخص وهو الأمر الذي تتبدى ملامحه في الوقت الحالي حيث يخطط بالفعل عدد من سكان السواحل الشمالية للمغادرة إلى مناطق داخل البلاد، فيما تعاني أساسات المباني من أضرار بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية وبدرجة تجعلها معرضة للانهيار.
كما انه من المتوقع أن تتعرض الإمارات العربية المتحدة وقطر والساحل الإيراني إلى ارتفاع كبير في درجات الحرارة وزيادة في مستوى الرطوبة بأكثر من أي وقت مضى – وبصورة تتجاوز حدود التحمل البشري، حيث من المنتظر أن تضرب هذه البلاد موجات الحر الشديد في غضون خمسين عاماً.
ولذلك فقد تعهدت الإمارات العربية المتحدة بضخ 72 مليار درهم خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي COP21– كما يعتبر بنك ابوظبي الوطني (NBAD) أول البنوك الإماراتية التي توقع على المبادئ الاستوائية (Equator Principles)، وهي مجموعة من التوجيهات بشأن الاستدامة الاجتماعية والبيئية، وقد تعهد البنك بتمويل المشروعات المستدامة عن طريق اعلانه عن تقديم10 مليارات دولار خلال السنوات العشر المقبلة لتمويل تلك المشروعات خلال القمة العالمية لمستقبل الطاقة والتي عقدت بابوظبي خلال الفترة من 18-21 من شهر يناير (كانون ثان) لهذا العام والتي تعتبر من بينها مشروعات مواجهة تحدي التغير المناخي.
ومن ناحية أخرى تظهر الأبحاث أن النجاح في خفض انبعاثات الاحتباس الحراري يمكن أن يسهم في تجنيب هذه الدول مواجهة هذا المصير الصعب. وواجهت الحركات المدافعة عن البيئة صعوبات جمة لشق طريقها في الشرق الأوسط خصوصاً في ظل انخفاض تكاليف الوقود وغياب المبادرات، ولكن تغير هذا الوضع بعد أن أصبحت قضايا البيئة والتغير المناخي أحد الموضوعات الساخنة وبصورة قد تبدو للبعض مفاجئة.
وشهد العام الماضي انجازات هامة للطاقة الشمسية في الشرق الأوسط بعد تفعيل أكثر من 30 مشروع جديد. حيث بدأت مزرعة الطفيلة في الأردن عملياتها التجارية في سبتمبر لتوليد الكهرباء بطاقة الرياح، بقدرة اجمالية 117 ميجاوات – وتستهدف الوصول إلى توليد 1,800 ميجاوات بحلول نهاية 2018.
كما أطلقت دبي إستراتيجية الطاقة النظيفة 2050 ومركز ابتكار الطاقة الشمسية بهدف الوصول بنسبة الطاقة المتجددة إلى 15% بحلول عام 2030.
وبدأت محطة نور للطاقة الشمسية في المغرب في تغذية الشبكة الوطنية بـ 160 ميجاوات من الطاقة في أكتوبر الفائت – وتسير المحطة بخطى واثقة لتزويد مليون منزل بحاجاتهم من الطاقة الكهربائية بحلول 2017. وفي مصر، والتي حبتها الطبيعة بمجموعة من أفضل مصادر الرياح في العالم، قررت الحكومة تخصيص 700 كيلو متر مربع لتركيب توربينات توليد الطاقة المتجددة.
لا يمكن للشرق الأوسط أن يتجاهل حقيقة وجوده في عين العاصفةـ وبالتالي لا بد من الاضطلاع بدور قيادي في السباق العالمي المحموم ضد التداعيات الكارثية للتغير المناخي – ولكن بعد أن بدأت المنطقة في التنبه والعمل بجد على هذا المسار ربما نأمل في أن تتحول دفة الأمور نحو الأفضل.