أطباء بلا حدود: رحلة جرحى الحرب السوريين لإعادة بناء أجسادهم وعقولهم في الأردن
رؤيا- اوجدت خمس سنوات من العنف الفتّاك في سوريا الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الذين يعانون من إصابات بالغة وهم عاجزين عن تلقي الرعاية الطبية المختصة التي يحتاجونها في المستشفيات الميدانية المكتظة بالمرضى في سوريا.
لكن العلاج المتخصص متوفر عبر الحدود في الأردن، ضمن مشروع الجراحة الطارئة الذي تديره منظمة أطباء بلا حدود الطبية الدولية في مستشفى الرمثا الحكومي، الذي يبعد مسافة أقل من خمسة كيلومترات عن محافظة درعا في جنوب سوريا.
وتصف منظمة أطباء بلا حدود في تقريرها الجديد بعنوان "الحياة من بعد الحطام: رحلة جرحى الحرب السوريين لإعادة بناء أجسادهم وعقولهم في الأردن" التحديات والنجاحات التي تم تحقيقها خلال تقديم الرعاية الطبية في الأردن لضحايا الحرب في سوريا، حيث يروي مرضى أطباء بلا حدود قصصهم التي هي في الغالب قصص مفجعة تكسر القلوب.
في مستشفى الرمثا يصل كل مرضى أطباء بلا حدود إلى غرفة الطوارئ في حالة صحية حرجة، العديد منهم بالكاد يصارعون للبقاء على قيد الحياة.
ويروي الدكتور إيليوت وهو جراح في منظمة أطباء بلا حدود: "لقد قمت بعلاج أطفال امتلأت أدمغتهم بالشظايا، وأطفال قفزوا في ألغام أرضية حية، ونساء يافعات فقدن أيديهن أو أرجلهن، فقدن حتى 10 كيلوغرامات من الأنسجة الرخوة مضيفا أن جروح الحرب مروّعة وفي معظم الأحيان فتّاكة لكن القليل منها يصل إلى مستوى تدمير الأجساد البشرية الذي شهدته هنا".
وتجدر الإشارة إلى أنه من بين 1.963 جريحاً سورياً دخلوا إلى مستشفى الرمثا خلال السنتين الماضيتين، يعاني خمسة وسبعون بالمئة من إصابات نتجت عنأسلحة شديدة الانفجار، بما فيها القنابل المتفجرة. بينما يعاني آخرون من إصابات تسببت بها الألغام الأرضية والأسلحة العنقودية، التي حرّم القانون الدولي استخدامها، كما أن مستوى تعقيد إصاباتهم يتطلب خضوع معظم المرضى إلى عدة جولات من العمليات الجراحية.
إن الطريق إلى الشفاء طويلة، فبعد الجراحة، قد يحتاج المرضى إلى أشهر من الرعاية ما بعد الجراحة، بما فيها العلاج الفيزيائي والدعم النفسي الاجتماعي، اللذان تقدمهما منظمة أطباء بلا حدود في عيادتها المخصصة لإعادة التأهيل والموجودة في مخيم الزعتري للاجئين.
وبما أن ثلاثة من أصل عشرة أطفال من الجرحى يصلون غير مصحوبين، ومن دون أعضاء أسرهم للعناية بهم، تسلّط منظمة أطباء بلا حدود الضوء على الحاجة الملحة والعاجلة لتسهيل إعادة لمّ شمل جرحى الحرب الأطفال في الأردن مع أهاليهم في سوريا.
أما المرضى الذين يعانون من إصابات في العمود الفقري، وأولئك الذين يحتاجون إلى النقاهة أوالرعاية الاستشفائية طويلة الأمد، فيصارعون جميعهم للوصول إلى الرعاية التي يحتاجونها في الأردن، حيث المرافق الموجودة مشغولة بكثافة.
وتختتم أطباء بلا حدود تقريرها بالدعوة إلى تقديم الدعم الدولي المستمر في العام 2016 بهدف الاستجابة الطبية لجرحى الحرب السوريين في الأردن.
هذا وقد شهد الأسبوع الأول من شهر كانون الثاني ارتفاعاً حاداً في عدد الجرحى الذين وصلوا إلى الرمثا – ومن المتوقع أن تستمر هذه الأعداد بالازدياد . لكن مقابل كل مريض يتلقّى الرعاية في الرمثا، مئات آخرون في سوريا لا يزالون بحاجة طارئة إلى العلاج الطبي لإنقاذ الحياة.
يشار إلى أن أكثر من أربعة ملايين سوري قد لجؤوا إلى البلاد المجاورة بما فيها الأردن منذ بداية النزاع في بلادهم. وتعمل منظمة أطباء بلا حدود في الأردن منذ آب 2006 من خلال برنامج الجراحة التقويمية الواقع في عمان ، كما تعمل المنظمة منذ العام 2013 على دعم اللاجئين والمرضى بفضل برنامج الجراحة الطارئة للإصابات البالغة في الرمثا، ومرفق خاص بتقديم الرعاية الطبية ما بعد الجراحة في مخيم الزعتري، بالإضافة إلى مستشفى للأم والطفل وعيادتين للأمراض غير السارية في محافظة إربد تسعى من خلالها إلى دعم اللاجئين السوريين المقيمين في المجتمعات المستضيفة وكذلك الأسر الأردنية التي تحتاج إلى هذه الخدمات.