مرحبا بك في موقع رؤيا الإخباري لتطلع على آخر الأحداث والمستجدات في الأردن والعالم

الاحتلال يجمد البناء الفلسطيني في القدس بدلا من الاستيطان

الاحتلال يجمد البناء الفلسطيني في القدس بدلا من الاستيطان

نشر :  
منذ 8 سنوات|
اخر تحديث :  
منذ 8 سنوات|

رؤيا - معا- اعلن رئيس بلدية الاحتلال الاسرائيلي في القدس " نير بركات" بعد دخوله لأول مرة مبنى البلدية رئيسا لها قبل سبع سنين ان مهمته الاساسية تتمثل في مكافحة البناء " غير ألقانوني " في القدس الشرقية ويقصد البناء الفلسطيني حيث اجبر غياب المخططات الهيكلية والإهمال لسنوات طويلة والمشاكل في تسجيل الاراضي السكان الفلسطينيين في القدس المحتلة على اقامة منازلهم دون " ترخيص " من بلدية الاحتلال التي تعتبر نفسها بلدية القدس " الموحدة" .

اقيمت غالبية المنازل في الاحياء والضواحي الفلسطينية في المدينة المحتلة دون ترخيص او " بشكل مخالف للقانون " كما يحلو لصحيفة "هارتس" صاحبة هذا التقرير ان تصفه .

وتضطر عائلات فلسطينية كثيرة الى مواجهة اوامر الهدم والغرامات المالية المرتفعه والدخول في اجراءات قضائية طويلة ومنهكة ومكلفة وصولا حد دخول السجون والمعتقلات على خلفية بناء منازلها دون تصريح من سلطات الاحتلال التي اعلن رئيس بلديتها " نير بركات" اكثر من مرة نيته " تبييض المنازل غير الشرعية وإعداد خرائط هيكلية تسمح للبلدية منح تصاريح بناء للفلسطينيين الراغبين في ذلك حسب تعبير صحيفة "هأرتس" الاسرائيلية.

وتتحدث الارقام لغة اخرى حيث حصل الفلسطينيون خلال السنوات الاخيرة على 7% فقط من تراخيص البناء التي اصدرتها بلدية الاحتلال رغم ان الفلسطينيين يشكلون 40% من سكان القدس " الموحدة" حسب الاحصائيات التي حصلت عليها صحيفة "هارتس" ونشرته ضمن تقريرها المفصل المنشور " الاربعاء " الماضي .

وأظهرت دراسة معمقة للأرقام والمعطيات الاحصائية التي حصلت عليها الصحيفة ان الوضع اشد خطورة وتدهورا مما يبدو عليه لان جزءا كبيرا من تراخيص البناء سابقة الذكر قد منحت لمنازل في ضاحية واحدة هي " بيت حانينا" فيما حصلت بقية مناطق القدس الشرقية المحتلة وضواحيها على 51 ترخيص بناء فقط لا غير .

اصدرت البلدية العام الماضي 158 ترخيص بناء في كافة احياء وأرجاء القدس المحتلة ثلاثيها في ضاحية " بيت حانينا" ومقابل ذلك اصدرت البلدية في النصف الاول من العام الجاري 1270 ترخيص بناء في ارجاء القدس المحتلة والغربية " الموحدة" .

واصدرت البلدية عام 2014 تراخيص بناء لـ 188 شقة سكنية في القدس المحتلة مقابل 3238 ترخيص بناء اصدرتها لليهود في ارجاء القدس فيما اصدرت بلدية الاحتلال خلال السنوات الخمس الماضي 11:603 ترخيص بناء بينها 878 ترخيصا للسكان الفلسطينيين في القدس المحتلة .

وتشير المعطيات الاحصائية التي حصل عليها عضو المجلس البلدي عن حركة ميرتس " لورا فرتون" الى انخفاض شديد في عدد تراخيص البناء حيث اظهرت عملية حسابية اجرتها منظمة " بمكوم" الساعية ضمن اهدافها الى تحقيق المساواة في مجال التخطيط والبناء مستندة في عمليتها الحسابية على الارقام الرسمية للبلدية ان الاخيرة كانت حتى عام 2010 تصدر سنويا 400 ترخيص بناء في القدس الشرقية المحتلة لكن السنوات الخمسة الاخيرة صدرت 200 ترخيص بناء في كل عام لكن البلدية لا زالت ترفض اعطاء ارقاما دقيقة .

واقيمت غالبية المنازل الفلسطينية في القدس الشرقية دون ترخيص بناء وذلك لعدم وجود مخططات هيكلية للأحياء العربية ما اجبر الفلسطينيون على بناء منازلهم دون ترخيص ووفقا للسياسة التي اعلنها " بركات" تراجعت عدد عمليات الهدم وطلبت البلدية وضع مخططان للبناء فوق المنازل غير المرخصة و" تبييض " هذه المنازل لكن هذه المخططات اصطدمت ايضا بصعوبات التخطيط والمماطلة وحتى هذا اليوم لم ينجح سوى عدد قليل جدا يكاد لا يذكر من الفلسطينيين سكان المدينة المحتلة على تراخيص للبناء .

وحتى نفهم وندرك معنى وحجم النباء غير المرخص يجب ان نجري مقارنة بين ما جري في القدس الشرقية المحتلة والقدس الغربية حيث تنفذ هناك غالبية مشاريع البناء وفقا لاستثمارات حكومية وتقوم سلطة اراضي اسرائيل او وزارة الاسكان بإعداد المخططات والخرائط وتخصص مبالغ كبيرة لاستثمارها في اقامة البنية التحتية وتطوير البيئة المحيطة ومن ثم تنشر العطاءات فتقام المنازل والبيوت ويتم تسويقها من قبل مقاولين خاضعين للرقابة الحكومية.

وفي المقابل جميع عمليات البناء التي تجري في القدس الشرقية هي عبارة عن منازل خاصة يقيمها اصحابها مباشرة وتتضمن عدد قليل من الشقق وتقام في الاساس على اراضي تملكها العائلة وفي غالبية الحالات لا يمكن لسكان القدس الشرقية ان يحصلوا على قروض سكنية " مشكنتا" بسبب مشاكل تتعلق بتسجيل الاراضي في دائرة الطابو اذا ارادوا ان يقيموا منازلهم بطريقة " قانونية " يتوجب عليهم دفع مبالغ مالية طائلة على شكل ضرائب وغرامات ورسوم فيما يتمتع سكان القدس الغربية بتوزيع هذه المبالغ بين الحكومة والمقاول ومشتري الشقة الذي يتمتع ايضا بفرصة الحصول على قرض سكني " مشكنتا".

" الكثير من الناس يتقدمون بطلب للحصول على رخصة بناء دون ان يحصلوا عليها لأنهم حين يصلون مرحلة دفع الرسوم والضرائب يجدون انفسهم مطالبين بدفع الملايين " قال المحامي " سامي ارشيد" المختص في مجال التخطيط والبناء في القدس الشرقية .

واضاف " في الوسط اليهودي تقوم الحكومة او المقاولين بدفع الرسوم لكن عند العرب فالبناء هو شخصي وخاص والأسبوع الماضي مثل عائلة من جبل المكبر اقامت 7 وحدات سكنية ففرضوا عليها بدل مخططات ورسوم بقيمة 960 الف شيكل اضافة الى 300 الف شيكل بدل استخدام الطرق... ان الناس تعيش حالة من اليأس" .

ونتيجة لذلك تتسع ظاهرة البناء غير المرخص وكذلك الديون المتراكمة على اصحابها والإجراءات القضائية المتخذة ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية تلك الاجراءات التي تنتهي في بعض الحالات بفرض عقوبة السجن الفعلي.

وفصل تقرير منظمة " بمكوم" الصعاب والعقبات التي لا يمكن تجاوزها والتي تحول دون الفلسطينيين وتراخيص البناء فعلى سبيل المثال هناك احياء فلسطينية كاملة في القدس المحتلة غير موصولة بنظام الصرف الصحي وتعاني القدس الشرقية المحتلة من نقص في خطوط الصرف الصحي بطول 65 كلم ودون وجود بنية تحتية من هذا القبيل والتي كما هو معروف لا يمكن لشخص منفرد ان يقيمها لا يمكن لسكان هذه الاحياء الحصول على تراخيص بناء " البلدية تعاقب الفلسطينيين مرتين مرة بعدم اقامة بنية تحتية مناسبة ومرة اخرى بعدم منحهم تراخيص بحجة عدم وجود هذه البنية التحتية " كما يجب ان تتوفر طرقا مناسبة للوصول الى المبنى المنوي اقامته لكن هذه الطرق غير قائمة وغير موجودة في غالبية الاحياء الفلسطينية كما تلزم اجراءات الترخيص وجود موقف للسيارات وهذا ايضا غير متوفر في الاحياء الفلسطنية.

وهناك مشكلة جدية اخرى تتمثل بعدم تسجيل اراضي القدس المحتلة رغم مرور 50 عاما على الاحتلال او كما يصفه التقرير " توحيد المدينة " ورغم قلة الاراضي الفارغة يواجه الفلسطينيون مشكلة في تسجيل هذه الاراضي ما ابقاها خارج سجلات الطابو وبالتالي فان محاولة الفلسطيني اثبات ملكيته لأرضه تشكل عقبة كبرى على طريق حصوله على ترخيص بناء .

يحاول سائق سيارة الاجرة من بلدة سلون "داود صيام" منذ 21 عاما الحصول على رخصة بناء لمنزله وانفجر الاسبوع الماضي غاضبا امام محكمة القضايا المحلية حيث تجري محاكمته وصرح للصحيفة "هارتس" " قلت للقاضي "القي بي في السجن لأنه لم يبقى امامي ما افعله لقد استخدمت حتى الان اربعة مهندسين وثلاثة محامين ودفعت بحرا من الاموال 250 الف شيكل للبلدية وحدها وبعد ان دفعت كل هذه المبالغ قالوا لي لا يوجد لديك موقف سيارات لذلك لا يمكن ترخيص البناء انا مستعد ان اذهب الى السجن لكن حتى هذا لا ينهي القضية وهم يفعلون الشر للناس فالطفل الذي سيهدم منزله سيهدم الكثير حين يكبر ".

تواجه مخططات البناء في القدس الشرقية ايضا معارضة ممثلي القوى اليمينية في مجلس البلدية فعلى سبيل المثال عرقلت القوى اليمينية ووزير الداخلية السابق " الي يشاي" من حركة شاس لسنوات مخطط بناء طموح في منطقة عرب السواحرة هدفت البلدية من ورائه الى تقليص الفجوة بين القدس الغربية والشرقية وحتى بعد ان صادقت البلدية على هذه الخطة لم تشكل ولم تأت بالحل لمشكلة الفلسطينيين في القدس الشرقية .

يقيم المواطن الفلسطيني " راتب مطر" على قطعة ارض في عرب السواحرة مشمولة بالمخطط سابق الذكر الذي كان من المفترض ان يسمح له بالبناء على ارضه لكنه يحاول منذ عام 2005 الحصول على رخصة بناء دون ان ينجح في ذلك .

وقال راتب مطر " املك دونم واحد فقط ورغبت في بناء منزل عليه وأستأجرت مهندس معماري ومساح ومحامي ووصل طلبي عام 2009 الى لجنة البناء اللوائية التي قالت لي "هات " 10 دونمات وسنصادق لك على البناء لكن الجيران لا يريدون ان يبنوا منازل على اراضيهم حتى اجمع 10 دونمات ولهذا رفضت اللجنة طلبي ".

واضاف" لقد جمدت الخطة كافة الاجراءات في المنطقة بانتظار تنفيذها وفي النهاية لم يكن امامي خيارا اخر وشرعت بالبناء ".

ولكنه لم ينجح باكمال البناء فصدر بحقه امر بالهدم يناقش حاليا امام المحكمة " انفقت حتى الان ربما 100 الف شيكل ولم احقق أي شيء " قال " راتب مطر .

يمنحنا الالتماس الذي قدمته مؤخرا الادارة الجماهيرية في ضاحية بيت صفافا فرصة للاطلاع على تعامل جهات التخطيط في القدس الشرقية ويتعلق الالتماس بمخططين للبناء في منطقة " غفعات همتوس" الاولى على ارض تملكها سلطة اراضي اسرائيل حيث من المقرر ان ينفذ متعهد بناء يهودي المشروع والثانية للفلسطينيين " اشخاص منفردين" .

تمت المصادقة على المخططين في ذات الاجتماع قبل ثلاث سنوات لكن مخطط البناء اليهودي فقط اجتاز كافة الاجراءات تم عرضه امام الجمهور لتقديم الاعتراضات فيما بقي مخطط توسيع بيت صفافا مجمدا .

"هناك مخاوف وخشية كبيرة ولها اساس صلب تتعلق بوجود اعتبارات سياسية تقف وراء مناقشة مخططات البناء وليس اعتبارات مهنية " كتب المحامي مهند جبارة في طلب الالتماس.

وعلى الجهة الاخرى من المدينة يشرح " حسام وتد " رئيس الادارة الجماهيرية في بيت حنينا اسباب الوضع الافضل نسبيا قائلا " اولا هذا الامر ناجم عن وجود الكثير من المخططات الهيكلية العالقة التي نجحنا في اطلاقها والإفراج عنها ثانيا وخلافا للأحياء الاخرى يوجد هنا مناطق مفتوحة كثيرة ما سمح لأصحابها تقديم طلبات ترخيص وسبب اخر يتعلق بنوعية السكان حيث يقيم هنا الكثير من الميسورين الذين يمكنهم دفع الرسوم والمخططات والضرائب ".

" اذا كان هناك من يعتقد ان سبب الاحباط والغضب الفلسطيني يكمن في التحريض فقط فان الارقام والحقائق تظهر شيئا اخر " قالت عضو المجلس البلدية عن حركة ميرتس " فرتون ".

واضافت " لا شك ان هناك تحريضا لكن هذا التحريض مزروعا عميقا في ارضية التمييز والإهمال والظلم والحرمان وتقوم سياسة البلدية ومن يقف على رأسها ليس فقط على قطع وإغلاق كافة الطرق امام الفلسطينيين بل حرمانهم ايضا من القدرة على البناء وعيش حياة طبيعية وبهذا نتجت وخلقت مدينتين واحدة للإسرائيليين يحث الاستثمارات وأخرى للفلسطينيين الذين يختنقون ".

وفي سياقات اخرى تتعلق بالتمييز اظهرت وثيقة رسمية صادرة عن بلدية القدس ان العام الدراسي الحالي شهد اضافة 26 صفا دراسيا فقط في ارجاء القدس الشرقية مقابل 118 صفا دراسيا في القدس الغربية بينها 84 للتعليم الديني " حريديم" وذلك رغم ان الوسط العربي هو الاكبر من بين اوساط التعليم الثلاثة وفقا للتقسيمة الاسرائيلية وهي " الوسط الحريدي والوسط الحكومي والعربي " .

يتلقى خلال العام الدراسي الحالي 103 الف طالب فلسطيني من سكان القدس المحتلة تعليمهم في مدراس المدينة المحتلة مقابل 98 الف طالب يهودي متدين " حريديم " و 63 الف طالب يتلقون تعليمهم في المدارس الرسمية " الحكومية ".

وبسبب نقص وغياب المخططات الهيكلية الخاصة بالاحياء الفلسطينية في القدس المحتلة وجدت بلدية الاحتلال صعوبة في ايجاد الارض والمصادقة على بناء مدارس او صفوف مدرسية لذلك استأجرت هذا العام 83 صفا دراسيا في مباني لا تصلح مطلقا لهذه الغاية وذلك مقابل 33 صفا فقط تم استئجارها في القدس الغربية لصالح الطلبة اليهود جميعها لصالح اليهود المتدينين " حريديم" فيما لم يتم استئجار أي صف دراسي لصالح المدارس الرسمية والحكومية العلمانية في القدس الغربية خلال العام الدراسي الجاري.