وزير البلديات: الإنفاق الرأسمالي لبلديات المملكة يرتفع بعامين 40 ضعفا
رؤيا - الغد - رغم مساعي الحكومة المتواصلة خلال العامين الماضيين لمساعدة البلديات، للخروج من الأزمة المالية، وتمكنها من خفض المديونية المرتفعة للبلديات بموازناتها السنوية وخفض العجز، ودفع عجلة التنمية والتطور في خدماتها، الا ان تلك الخطوات لم "تصل الى مستوى الطموح"، بحسب خبراء.
وفيما يقول هؤلاء ان البلديات بحاجة الى مساعدات مالية اكبر مما تم تخصيصه لها، اكد وزير الشؤون البلدية المهندس وليد المصري في تصريح لصحيفة"الغد" ان مجموع ما ضخته الحكومة للبلديات خلال العامين الماضيين "نحو 505 ملايين دينار كعوائد محروقات ومنح داخلية وخارجية، عدا الايرادات التي حصلتها البلديات وبلغت 188 مليون دينار العام 2014.
فقد بلغ حجم عوائد المحروقات للبلديات خلال العامين الماضيين نحو 300 مليون دينار، فيما بلغ حجم المنح الدولية الخارجية نحو 115 مليون دينار، والمنح الداخلية نحو 90 مليون دينار، بحسب المصري.
واعتبر المصري ان البلديات "بحاجة إلى خمسة أعوام اخرى لتشهد التحسن الكبير في ادائها، ومستوى الخدمات التي تقدمها لتصل إلى طموحات المجتمع المحلي والحكومة، الا انها شهدت تحسنا ملحوظا في العامين الماضيين".
ويستند المصري في رأيه هذا الى أن "البلديات انفقت على المشروعات الرأسمالية والعطاءات خلال العامين الماضي والحالي نحو 400 مليون دينار، بواقع 200 مليون دينار لكل عام تقريبا، مقارنة بعامي 2013 و2012 حيث كان إجمالي ما أنفق في هذين العامين 10 ملايين دينار فقط". ويتضمن هذا الانفاق الراسمالي عوائد المحروقات والمنح الداخلية والخارجية، وكذلك عبر تقديم نحو 700 الية للبلديات، لتحديث اسطولها، تم تقديمها للبلديات عبر منح يابانية وصينية، وبتبرعات من الديوان الملكي العامر.
واوضح المصري ان الانفاق الراسمالي "السخي" للبلديات خلال العامين الماضيين، والذي ارتفع بمعدل اربعين ضعفا تقريبا، يصب في الدور التنموي للبلديات، ويعكس التحسن في عملها وادائها. لافتا الى ان تنفيذ نحو عشرة مشاريع انتاجية بالشراكة بين البلديات والقطاع الخاص، يعتبر نموذجا ناجحا للدور التنموي للبلديات.
وبين ان هذه المشاريع الراسمالية تمثل مشاريع خدمات وطرق وانارة وحدائق وارصفة وابنية، وهي مشاريع تنعكس مباشرة على المواطن وخدمته.
ويتحدث الوزير المصري عن الرؤية المستقبلية للوزارة تجاه العمل البلدي، ويقول "تكمن الرؤية المستقبلية في أن تقوم البلديات بدورها التنموي، وفق المعطيات المطلوبة، وبالشراكة مع القطاع الخاص". لافتا الى انها "ستقوم في المرحلة المقبلة بتحويل انارة الشوارع الى نظام الطاقة البديلة، ومحاولة انشاء مزارع على الطاقة الشمسية، بموجب رخص تمنح لتلك الغاية، وبالاتفاق مع هيئة تنظيم قطاع الطاقة".
كذلك، أشار الى استراتيجية جديدة للوزارة "تم اقرارها" من قبل مجلس الوزراء اخيرا، بالتوازي مع وضع خطة جديدة لإعادة هيكلة بنك تنمية المدن والقرى، عبر مرحلتين؛ الاولى تتعلق بالموطفين واستقطاب كفاءات جديدة والتخلص من الترهل الاداري السابق، مع فتح نوافذ تنموية لذراع البنك الاستثماري، مع دراسة زيادة رأسمال البنك لرفع امكانيته الاقراضية للبلديات.
وفي مجال المساءلة حول أداء البلديات، أكد المصري انه "تم تحويل 10 قضايا لمكافحة الفساد وخمس اخرى للمدعي العام خلال عامي 2014 و2015"، موضحا انها تتلخص بقضايا تزوير وشبهات فساد وغيرها من المخالفات المالية والادارية.
لكن من وجهة نظر النائب، ووزير البلديات الأسبق حازم قشوع، فإن جميع هذه المخصصات، التي تم إنفاقها على البلديات "هي مبالغ مستحقة للبلديات من عوائد ضرائب المشتقات النفطية، والمنح الخارجية، ولا تأتي كدعم ومساعدات من قبل الحكومة"، التي يجب عليها، وفق قشوع "ان تسعى لبذل المزيد من الجهود لتحسين الواقع البلدي".
ويرى قشوع ان تحسين الواقع البلدي وبشكل فعلي وملموس "لا يتم الا من خلال وضع برنامج لتنمية البلديات عن طريق بنك تنمية المدن والقرى، او استكمال البرامج التي وضعت سابقا في عام 2011 والتي تهدف لإيجاد مشاريع إنتاجية".
ومن شأن هذه المشاريع، بحسب قشوع، التي يجب إشراك القطاع الخاص في تنفيذها، بأن "تدر عوائد مالية لصالح خزينة البلديات وتمكينها من القيام بمهامها وتخفيض مديونيتها".
ومن بين المقترحات التي قدمها قشوع لإظهار مدى تقدم العمل البلدي "ان يكون هناك صندوق لتنمية البلديات يتم بلورته وايجاد برنامج لتفعيله من اجل وضع وتنفيذ المشاريع الاستثمارية"، مشيرا الى اهمية الاستعانة بالمخطط الشمولي، والذي "لا بد ان يصار لإنجازه من قبل الوزارات ليكون بمثابة البوصلة التنموية للبلديات".
وتطرق قشوع الى مسألة اعادة الهيكلة الإدارية في البلديات وتحديد وصف وظيفي واداري وتفعيل عمل العاملين فيها لإنهاء ظاهرة البطالة المقنعة داخل أروقتها.
على ان الوزير المصري يلفت إلى جملة من الاصلاحات الادارية والمالية، التي تم اتخاذها من اجل تحسين وضع البلديات، ومن بينها "المخصصات المالية والمساعدات التي قدمت داخليا والمنحة الخليجية والتعاون مع القطاع الخاص"، مشيرا الى انه سيتم ولأول مرة وضع موازانات عمومية لكل بلدية، مطلع العام المقبل، للاستدلال على وضعها المالي في حال تقدمت للحصول على قروض مالية من قبل البنوك الاجنبية.
وفي الجانب الاداري، تم ربط سلم الرواتب والتوظيف للبلديات بديوان الخدمة المدنية، واطلاق اعمال الحوسبة والنافذة الواحدة اعتبارا من مطلع العام المقبل، فضلا عن صدور النظام المالي الموحدة للبلديات والذي يشمل ثماني بلديات، مع الاخذ بعين الاعتبار اطلاق 18 نظاما اداريا جديدا سيتم تطبيقها بكافة البلديات، إلى جانب حوسبة المخططات التنظيمية وربط الهندسة مع الوزارة وارشفة معاملاتها الكترونيا، بحسب ما يقول المصري.
مدير عام مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني عامر بني عامر، يؤكد أن هناك "تحسنا جزئيا" في عمل البلديات وخدماتها وإداراتها وحتى في طبيعة العلاقة التي تحكم الوزارة بها.
لكن ذلك الامر "لا يلمسه المواطن بشكل كبير جدا"، بحسب بني عامر، "لأنه لا يصح الحكم على الواقع البلدي بمعزل عن المشكلات التي عانت منها في الأعوام الماضية، لا سيما المتعلقة بالترهّل الاداري والفساد المالي".
وبين بني عامر ان المجالس الجديدة مهمتها صعبة نتيجة التراكمات السابقة، ولذلك "لا يجب ان نطلق الأحكام المسبقة على ادائها دون الانتظار لحين انتهاء الفترة المحددة لعمر المجالس البلدية المنتخبة، ليصار من بعدها لاجراء تقييم شامل حول ادائها".
وأشار الى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار، عند اجراء المراقبة على اداء البلديات، "أن لا يتم ذلك بمعزل عن مشكلة اللجوء السوري، التي اثرت وبصورة سلبية على واقع ومستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، نتيجة التكلفة المالية المرتفعة التي تتكبدها المجالس البلدية".
ويؤكد الوزير المصري، في هذا السياق، ان "حجم المساعدات التي يتلقاها الاردن جراء تدفق اللجوء السوري ما تزال ضعيفة، ولا تغطي كلفته التي بلغت 330 مليون دينار على مستوى بلديات المملكة".
ويؤكد الناشط والخبير باتر وردم ما ورد في تصريحات المصري، من أن اللجوء السوري انعكست تأثيراته السلبية على ما تقدمه البلديات من خدمات، ضمن حدود مناطقها، كما ساهم في ارتفاع أعداد السكان ليشكل بذلك ضغطا على البنى التحتية، ولا سيما في محافظات اربد والمفرق والزرقاء.
ويتجلى تدني الخدمات المقدمة، في رأي وردم، بارتفاع حجم النفايات الصلبة المتولدة يوميا نتيجة ارتفاع أعداد السكان في مناطق اللجوء والتي لم يعد بالإمكان التعامل معها في ضوء انخفاض الامكانات المالية المتاحة.
ووفق الاستراتيجية الوطنية لتحسين قطاع ادارة النفايات الصلبة في بلديات المملكة، فإن تكلفة معالجة ونقل وادارة النفايات تبلغ 50 دينارا للطن الواحد، في وقت قدرت فيه كمية النفايات العام الماضي بنحو 2.655.977 طنا، تبعا للمصري.
تقييم اداء البلديات وادارة الحكومة لملف البلديات لا يستقيم، بحسب المصري، الا بقراءة ارقام المديونية والعجز بموازنات البلديات خلال العام الماضيين.
فقد انخفضت مديونية البلديات "من 125 مليون دينار العام 2013 الى نحو 80 مليونا العام الحالي، اي بنسبة انخفاض تقدر بنحو 25 % بالمقارنة بين نسبة حجم المديونية الى حجم موازنة البلديات، التي تضاعفت بين الفترتين، وذلك بعد ان تمت جدولة هذه الديون وتحويلها لبنك تنمية المدن والقرى، بحسب المصري.
فيما انخفض العجز المالي للبلديات الى 31 مليون دينار، بعد أن كان 66 مليونا العام 2013، وتوقع المصري وصول هذا العجز الى مستوى (صفر) العام المقبل.
وبحسب المعطيات الجديدة "انخفضت نسبة الرواتب من حجم الموازنات الاجمالي للبلديات بشكل كبير، لتصل الى نحو 54 % العام الحالي بعد ان كانت تشكل 77 % العام 2013"، ليعبر الوزير المصري عن تفاؤله بأن تصل هذه النسبة إلى 50 % في مطلع العام المقبل.