ملفِ الأسبوع- مواطنون يفقدون أرواحَهم سنوياً غرقاً في قناة الملك عبدالله
رؤيا- عبدالله الكفاوين - بدأ موسمُ العودةِ إلى الأغوار، فبعد انقضاءِ فصل الصيف، يعودُ المزارعونَ إلى حقولهم، ليواجهوا من جديد، تحدياتٍ جساماً تتكررُ عاما إثرَ عام، كمياه الري لمزروعاتهم، ونوعيةِ تلك الزراعات، إضافةً إلى خوفهم على فلذات أكبادهم من الغرقِ في قناة الملك عبدالله، التي يَغرقُ فيها سنويا ما معدله ثلاث عشرةَ ضحية.
قناة الملك عبدالله، أو قناة الغور الشرقية، وفقًا للغاية من إنشائها، رافعة مهمة لتنمية الأغوار الشمالية والوسطى، إلا أن هناك من يرى أن هذه الغاية لم تعد تحظى باهتمام القائمين على القناة.
لسلطة وادي الأردن وجهة نظر أخرى، فهي توفر، ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، كميات مناسبة لري المزروعات، وصلت في المناطق جنوبي دير علا، إلى أكثر من مئة بالمئة من حاجة المزارعين.
مع ذلك فإن المنطقة عينها، التي يتحدث عنها عويس، باتت، بسبب انخفاض كمية مياه الري، غير صالحة لزراعة الحمضيات، بعد أن كادت تعتبر، في سنوات الوفرة، من أهم مناطق انتاج الحمضيات في العالم.
السلطة ترى غير ذلك، فهي تعتقد أن هذه المنطقة تصلح لزراعة الخضروات، وهو ما جعل مزارعيها يستبدلون زراعة الحمضيات بالخضروات.
عدد من المزارعين يعتقد أن معظم المشاكل، التي تقض مضاجعهم صنعوها بأنفسهم، فمن الذي يرمي الأوساخ إلى القناة غير المواطنين، ومن يقطع سياج القناة، ليبيعه بثمن بخس، حتى لو تسبب ذلك في سقوط طفل، أو مركبة في القناة.
حوادث السقوط في القناة، وفقدان الحياة، ليست حوادث فردية، يمكن المرور عنها، هكذا من دون محاسبة، أو مراجعة، وكأنها من طبائع الأمور، وتصبح الصورة أكثر قتامة، حينما نعلم مقدار ما تتسبب به هذه الحوادث من آلام لعشرات المواطنين سنويًا.
بحسب سلطة وادي الأردن فإن القناة تتسبب، سنويًا، بوفاة ما معدله ثلاث عشرة ضحية، ولعل إنشاء مدارس بالقرب من القناة أحد أسباب ارتفاع عدد ضحايا القناة من الأطفال.
لم تأل السلطة جهدًا لحماية المواطنين من السقوط في القناة، ولم تكتفِ بما هو متاح مجرب، بل إنها تبحث، كل يوم، عن وسائل حماية جديدة، وخلاقة.
الضحايا بشر، أطفالٌ أبرياء، لم يجدوا ما يمنحهم الحماية، فسقطوا في القناة، وهذه إدانة لنا جميعًا، فليس أغلى من حياة الإنسان شييْ، وليس من المعقول أن تتسبب القناة في وفاة أفراد أسرة بأكملها، لأن أحدًا ما لم يضع إشارات إرشادية، أو حواجز اسمنتية، في مناطق بعينها، تكثر فيها الحوادث.
ما بين متطلبات الضروري، واحتياجات المتاح منه، تتوه البوصلة، وتمسي حياة البشر في مهب الريح، فبدلًا من أن يزدان المكان بأرواح الرائحين إليه للتنزه، وتبتهج الأنفس بالماء، والخضراء، والوجه الحسن، تختطف القناة فلذات أكبادنا، وتحيلهم إلى نسٍ منسيا.