الاتحادات الرياضية نقص في الكفاءات وتراجع في المنافسات الدولية
رؤيا - بترا - يرى خبراء رياضيون أن المؤسسات الرياضية، وتحديداً الاتحادات، تفتقر إلى الكفاءات الادارية، مستندين في آرائهم إلى هبوط المستوى الفني للرياضات والألعاب الأردنية على المستوى القاري والعالمي.
ويدعم هؤلاء آراءهم بتراجع نتائج المنتخبات الوطنية بشكل عام، الجماعية منها ، والفردية، رغم ما تحققه منتخبات كرة القدم من تقدم، وصل مداه الى ملحق كأس العالم 2014 ونهائيات آسيا، ثلاث مرات، وبإنتظار ما سيصل اليه المنتخب الوطني في التصفيات المزدوجة (كأس العالم 2018 وآسيا 2019)، والمنتخب الأولمبي الذي تأهل لنهائيات آسيا بانتظار ما يمكن التأهل لدورة الألعاب الأولمبية 2016 ،التي تستضيفها مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية.
ويستشهد عدد من الخبراء بتراجع الألعاب الأردنية في كرة السلة والطائرة والطاولة، وبعض ألعاب الدفاع عن النفس، والألعاب الفردية، في الوقت الذي "لا صوت" لألعاب ورياضات أخرى، على مستوى التنظيم المحلي، وليس المنافسة الخارجية التي باتت محدودة وبمشاركات على استحياء، دون نتائج ملموسة.
واشار متابعون لعمل الاتحادات الى خلافات في عدد من منها كاتحاد العاب القوى الذي يعمل كإتحادين، اتحاد يمثل الهيئة العامة وآخر يمثل الأندية، حيث يلقيان اعترافاً أحدهما من اللجنة الاولمبية باعتبارها المظلة الرسمية للرياضات والألعاب الاردنية، وآخر من اللجنة الاولمبية الدولية ولجنة اتحاد الالعاب الاولمبية العربية، إضافة للخلافات بين هذين الاتحادين، توجد خلافات في اتحاد الاعلام الرياضي الذي انسحبت منه احدى المؤسسات الاعلامية، واتحاد الريشة بسبب خلافات بين الأعضاء، واتحاد كرة اليد الذي توصل في الآونة الأخيرة الى تفاهم مع الأندية المنتسبة له، وكانت مقاطعة لنشاطات الإتحاد، تجمدت على أثرها اللعبة، داخلياً وخارجياً.
ويعزو هؤلاء تراجع الرياضة الاردنية الى غياب الكفاءات الادارية التي تتولى قيادة ودفة العمل في الاتحادات وان مجالس الادارات يشوبها الخلل، سواء في المؤهلات والتخصصات العلمية الرياضية أو الخبرات في العمل الرياضي، مع أن من شروط رئيس وعضو مجلس الادارة يجب أن يحمل مؤهل الشهادة الجامعية.
زيادة في المخصصات المالية وتراجع في النتائج الرياضية.
ويقول الخبير الدكتور محمد خير مامسر الذي شغل وزارتي التنمية الاجتماعية والشباب والرياضة ومارس مختلف الالعاب الرياضية، وتسلم العديد من المواقع الادارية الرياضية اضافة الى العمل الاكاديمي "إنه من خلال معرفتي بالحركة الرياضية والشبابية ومتابعتي لها اعلامياً فإنني أرى أن المسؤولية أمانة، فإما ان يخدم الشخص بإخلاص ويسعى لتطوير المؤسسة التي يقودها، اتحاداً او نادياً او مركزاً، وإلا ليتركها طواعية، هكذا يفترض أن ننظر الى العمل الوطني، ولمن يعمل تطوعاً أو بأجر".
ويبين مامسر أن العمل الرياضي في الاردن تراجع عما كان عليه قبل عام 2000 وتحديداً بعد الدورة العربية التاسعة (دورة الحسين 1999)، التي اقيمت في عمان وحصلت فيها المنتخبات الاردنية على128 ميدالية ، منها 28 ذهبية في حين لم يحصل خلال الخمس عشرة سنة بعد الدورة على أكثر من ميدالية ذهبية في اللعبة الواحدة او في لعبتين، "وكأن الرياضة الاردنية عادت الى الشعار السابق الذي رفض سابقا وهو (المشاركة من أجل المشاركة) ليكون شعار(المشاركة من أجل المنافسة)، اذ بدت مشاركاتنا في السنوات الأخيرة مشاركات رمزية، ما يؤكد التراجع الذي أصاب الرياضة الاردنية على مستوى المنتخبات والأندية، وأصاب الألعاب الفردية التي كنا نتفوق بها ونحقق الإنجاز بين الدول في المحافل القارية والدولية".
ويعارض مامسر ان يكون الجانب المادي سبباً وراء تراجع رياضة الوطن، إذ يبين أن المخصصات الحالية للجنة الاولمبية والمجلس الأعلى للشباب عشرات الأضعاف، عما كانت عليه في السابق، وأن الاتحادات نالت نحو 30 ضعفاً، عما كانت عليه قبل سنوات عندما تم فصل اللجنة الاولمبية عن وزارة الشباب والرياضة، واستعيض عنها باستحداث المجلس الاعلى، ورغم ذلك فقد كانت المشاركات الاردنية سابقاً تحقق انجازات في الألعاب الفردية وبرز أبطال سواء في الوثب العالي أو العاب الدفاع عن النفس، فيما كانت الألعاب الجماعية تثبت حضورها عربياً وآسيوياً ودولياً.
ويؤكد مامسر أن هناك مسؤولين لا يشعرون بمسؤولياتهم، وأن وصول بعض أشخاص إلى مفاصل الحركة الرياضية، بعيدين عن الإدارة الرياضية، وبدعم مباشر وغير مباشر خلال الانتخابات وعدم وجود نظام للجنة الاولمبية والاتحادات والأندية يتناغم مع متطلبات "العصر الرياضي المتطور" كلها أسهمت في تراجع المنتخبات والفرق الوطنية.
المواقع أصبحت " وجاهة" في بعض الاتحادات ويقول الخبير بألعاب القوى محمد الطريفي،الذي شغل مواقع عديدة في اتحاد العاب القوى والاتحادين العربي والآسيوي، إن نظام الاتحادات أفرز كفاءات غير مؤهلة للعمل في الهيئات العامة ومجالس الادارات، مما ادى الى تراجع النتائج والمكاسب الرياضية، وما زاد من سوء الأمر، الخلافات التي عصفت في الاتحادات لتعطل عملها، وبعد أن دخل الاتحادات أشخاص وجدوا في مواقعهم "وجاهة" على حساب العمل الوطني.
ويبين الطريفي أن نتائج المراحل السابقة كانت افضل عندما كان الاشخاص يعملون تطوعاً وبدافع وطني، فيما تدنت النتائج في المراحل الحالية، بالمشاركات المحلية والخارجية، بما في ذلك استضافة الدورات على المستوى الآسيوي في كثير من الألعاب ومنها العاب القوى، رغم التحسن في قيمة مخصصات كل اتحاد، عما كانت عليه الاتحادات من قبل.
ويقول الدكتور حسن السعود المدرس في كلية التربية الرياضية بالجامعة الاردنية ، والذي عمل في عمادة شؤون الطلبة واللجنة الفنية في اتحاد كرة القدم، إن هناك إقصاء لأصحاب الكفاءات والأكاديميين من دخول الاتحادات وذلك لأسباب تنافسية وشخصية وتطلعاً لمكاسب مادية، مع أن العمل في الاتحادات كان في السابق عملاً تطوعياً وبدوافع ذاتية يعبر عن الانتماء الوطني.
ويرى السعود أن الانتقال من عمل الهواة الى عمل الإحتراف، والتدخل في توجيه الأعضاء الناخبين من افراد الهيئات العامة للاتحادات في المسار الإنتخابي أضعف مجالس الادارات، وأبعد أصحاب الكفاءات والخبرات، فكانت المحصلة نتائج سلبية محلياً وعربياً وقارياً ودولياً، وتضييق قاعدة الممارسين الرياضيين للالعاب، ولوجود هذه المعضلات تراجعت نتائج المنتخبات الوطنية ونتائج الأندية التي تتبع الإتحادات وتدنت المستويات الفنية لها.
وتعتبر يارا غزاوي التي شغلت مواقع ادارية في اللجنة الاولمبية ولجان المرأة ومديرة في عدد من الاتحادات واتحاد الاعلام الرياضي، أن القيادات الرياضية السابقة نهضت بالمؤسسات الوطنية رغم الامكانات الشحيحة، حيث كانت تتسلح بالخبرة والعمل الجاد والدافع الوطني، فهي قيادات عملت تطوعاً ودون رواتب على حساب أُسرها ووقتها ،على عكس بعض قيادات اليوم التي تتقاضى رواتب ضخمة في الأمانة العامة في الاتحادات واللجنة الاولمبية.
وتقول مع ذلك تركت تلك القيادات "إرثاً رياضياً" كان يمكن ان يستثمر بعدما توفرت للقيادات الحالية المخصصات المالية والمزيد من المنشآت والمرافق الرياضية والشبابية التي كانت قليلة وغير حديثة في العقود الماضية، وبعدما تعددت كليات التربية الرياضية في الجامعات الاردنية وتزايد أعداد الخريجين، وتم إنشاء المدن الشبابية اضافة الى انشاء الملاعب وتأسيس المزيد من الاتحادات والأندية .
وتؤكد الغزاوي ان ضعف بعض الهيئات العامة للاتحادات من حيث الكفاءة العلمية وقلة الخبرة وتقديم العلاقة الشخصية على المصلحة العامة في العملية الانتخابية أثّر على المنتخبات الوطنية في تحقيق الانجازات، وإبعاد القيادات الاردنية عن اللجان الرياضية العربية والقارية والدولية، لتحقيق مكاسب ادارية للأردن، خلافاً لما كان عليه في السابق.